خبر ما قصة العرش الذى انتقل من مملكة الى مملكه اخرى فى لمح البصر؟

الساعة 08:00 م|24 مايو 2015

فلسطين اليوم

تأويل قوله تعالى : ( قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ( 38 ) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين ( 39 ) قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم .
رد سليمان عليه السلام الرسول إلى بلقيس وأهل مملكتها ، وقال له : (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) أي بالهدية ( فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، فلما رجع الرسول إلى بلقيس تجهزت للمسير إلى سليمان .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ : « لما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان ، قَالَتْ : قَدْ وَاللَّهِ عَرَفْتُ مَا هَذَا بِمَلِكٍ ، وَمَا لَنَا بِهِ مِنْ طَاقَةٍ ، وَمَا نَصْنَعُ بمكابرته شَيْئًا ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ : إِنِّي قَادِمَةٌ عَلَيْكَ بِمُلُوكِ قَوْمِي لِأَنْظُرَ مَا أَمْرُكَ وَمَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِنْ دِينِكَ » انتهى من « تفسير ابن كثير » (6/ 172) .
عندما علم سليمان بمسيرة بلقيس وأهل مملكتها إليه قال لمن حوله : ( أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ، قال ابن كثير رحمه الله :
« أَرَادَ بِإِحْضَارِ هَذَا السَّرِيرِ إِظْهَارَ عَظَمَةِ ما وهب الله له من الملك ، وما
سخر لَهُ مِنَ الْجُنُودِ الَّذِي لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، وَ
لِيَتَّخِذَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَ بِلْقِيسَ وَقَوْمِهَا لِأَنَّ هَذَا خَارِقٌ عَظِيمٌ أَنْ
يَأْتِيَ بِعَرْشِهَا كَمَا هُوَ مِنْ بِلَادِهَا قَبْلَ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، هَذَا وَقَدْ حَجَبَتْهُ بِالْأَغْلَاقِ وَالْأَقْفَالِ وَالْحَفَظَةِ » .
فقال له عفريت من الجن ممن حضر هذا المجلس : ( أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ)
قال ابن كثير : « قَالَ ابْنُ عباس رضي الله عنه: يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِكَ ،
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : مَقْعَدِكَ ، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ : » كَانَ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ لِلْقَضَاءِ وَالْحُكُومَاتِ وَلِلطَّعَامِ ، مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ .
(وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ قَوِيٌّ عَلَى حَمْلِهِ ، أَمِينٌ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْجَوْهَرِ، فقال سليمان عليه الصلاة والسلام : أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ « .
(فـقَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)
وكان »الذي عنده علم من الكتاب« : رجلا من صالحي الإنس وعلمائهم ، وليس من الجن ، والمشهور أن اسمه » آصف بن برخيا « ويقال : » برخياء « ، قيل: كان يعلم اسم الله الأعظم .
قال البغوي رحمه الله :
» وَاخْتَلَفُوا فِيهِ : فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ جِبْرِيلُ . وَقِيلَ: هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ آصف بن برخيا ، وَكَانَ صِدّيقًا يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى « .
وهناك اقوال اخرى فى ذلك:
- أنه آصف بن برخيا كاتب سليمان عليه السلام 
2- سليمان عليه السلام نفسه. 
3- أنه جبريل عليه السلام. 
4- أنه ملك من الملائكة.
1- قيل بأنه آصف بن برخيا ، وكان وزيراً لسليمان عليه السلام وكان يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى. 
وهذا القول ( رواه محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان ، وأنه كان صديقاً يعلم الاسم الأعظم ، وهذا إسناد لا يسمن ولا يغني من جوع ، فإن بين يزيد بن رومان وبين سليمان عليه السلام مفاوز تقطع دونها أعناق الإبل!!! وأنظر »تفسير ابن كثير"ج6،ص202)نقلاً عن مُحقق كتاب(سيف الله على من كذب على أولياء الله) .
2- أما القول الثاني: 
قال ابن عطية: وقالت فرقة هو سليمان نفسه ، ويكون الخطاب على هذا للعفريت: كأن سليمان استبطأ ما قاله العفريت فقال له تحقيراً له: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}
وهذا القول أقرب لمعنى الآية ، ودلالته ظاهره ، فهو القول الأرجح ، لمسببات: 
يقول علامة الشام وريحانة حلب محمد نسيب الرفاعي مُختصر تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى ، مُعلقاً على هذه الآية وبعد ذكر الخلاف قال: 
[ وأرجح أنه سليمان عليه السلام نفسه لأنه نبي ورسول وملك ، فلا ينبغي أن يكون من حاشيته أعلم بالكتاب منه ، فالذي عنده علم من الكتاب أيكون أحد حاشيته أو كاتبه .. ؟ 
ويكون لديه من القوة أعظم مما لدى سليمان نفسه؟ 
وكيف يكون ذلك وقد استجاب الله دعوة سليمان {وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} فكيـــــــــف يكون لكاتبه قوة أقوى منه أوليست القوة من أهم أسبـاب الملك ، ولا سيمـا وأنه نبي مؤيد بالمعجزات .. 
فبدهي أن يكون عند سليمان علم من الكتاب وذلك من باب أولى من جميع أفراد مملكته .. وإلا فيكون في مملكته من هو أصلح للنبوة والملك منه؟!! يا سبحــان الله ... آصف يكون عنده علم من الكتاب ، وسليمان يجهل هذا العلم ..؟!!! 
فأما إذا لم يكن سليمان عليه السلام ، فلابد من أن يكون جبريل عليه السلام أو يكون ملكاً آخر ... 
ويستبعد جداً أن يكون أحد من حاشيته ... والله تعالى أعلم