خبر ندوة تعريفية برمز إسلامي جزائري طالما حمل همّ القضية الفلسطينية

الساعة 04:56 م|20 مايو 2015

فلسطين اليوم

نظم مركز فلسطين للدراسات والبحوث اليوم الأربعاء، بمدينة غزة، ندوةً ثقافية عن الإمام محمد البشير الإبراهيمي، أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وذلك في الذكرى الخمسين لوفاته.

وحضر الندوة التي كانت بعنوان (الإمام/ محمد البشير الإبراهيمي .. سيرة ومسيرة)، لفيفٌ من الساسة وقادة الرأي العام، ونخبةٌ من الأكاديميين، المثقفين، الوعاظ، وطلاب الجامعات.

ونوه رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الرزاق قسوم، إلى أن الإمام الإبراهيمي علامة مضيئة في معتقدنا ومُثلِنا، مشيرًا إلى كونه عالم موسوعي عصامي، ويمثل نموذجًا خاصًا لتوظيف العلم في خدمة القضايا العادلة.

وبيّن في كلمةٍ له عبر « سكايب » أن الإمام الإبراهيمي كان مهندس لفظ وفيلسوف معنى، لافتًا إلى أنه تميّز بأسلوب يجعله يتحكم في النص، ويمنحه الألفاظ والدلالات بتنوع وتعدد، وتحقيق للمفهوم، وتسديد للمعنى المقصود، بحيث يجعل السامع له لا يكل ولا يمل بل يطلب المزيد من الاستماع لما يقول.

وفي توضيحه لكون الإمام فيلسوف معنى، قال قسوم:« كان لا يتحدث إلا بالدلالة العميقة، فهو بهذه الحقيقة ذو أسلوب تحكمه منهجية خاصة في خطابنا الإسلامي العربي اليوم »، مشيرًا إلى أن الخطاب يحتاج إلى منهجية دقيقة، وحسن استخدام الدلالة بما يمكنه من تحقيق الغرض المطلوب.

كما وأشار إلى أن المدرسة الإبراهيمية تمثل دوحةً أخلاقية ودينية وسياسية واجتماعية واقتصادية، وصولًا لتحقيق تنمية فكرية تقف بعمق في أصالتنا وأصالة تراثنا وتاريخنا العربي والإسلامي.

وشدد قسوم على أن الإمام الإبراهيمي كان يمتاز بالعزيمة الفولاذية وبحزمه وتصميمه على تحقيق أهدافه، مبيّنًا أن ذلك مكنه من التغلب على أقوى جيش استعماري في العالم، في إشارةٍ واضحة للجيش الفرنسي.

وحيّا رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الشعب الفلسطيني الصامد المرابط، موضحًا أن « الأمة تستلهم نماذج البطولة والتحدي منكم أيها الأبطال الأحرار »، مخاطبًا الحضور.

من جانبه، تحدث عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور محمد الهندي، عن إسهامات الإمام البشير الإبراهيمي في تشكيل وعي، ومحاولة بناء نهضة الأمة الإسلامية في العصر الحديث.

كما وتحدث د. الهندي عن مواجهة الإمام للاستعمار الفرنسي، قائلًا:« إن الشيخ الإبراهيمي كان عالمًا مجاهدًا ضاق مرارة النفي والسجن على يد المستعمر ».

ونبّه إلى الإمام الإبراهيمي اهتم بقضايا الأمة جميعًا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث دعا الشعب الجزائري لصوم أسبوع في الشهر، والتبرع بما يجود لصالح فلسطين، وحمل على المستعمر الفرنسي لموافقته على قرار تقسيم فلسطين.

ونوه د. الهندي إلى أن تسليط الأضواء على سير هؤلاء الرموز والأئمة، يحيي الأمل في قلوب المجاهدين، ثم بأمتنا الإسلامية. وبحسبه « من خلال النكبات كان هذا الوعي الكبير الذي أسس لرحيل الاستعمار الفرنسي، وإن شاء الله يؤسس لتفكيك كيان الاحتلال الإسرائيلي ودخول المسجد الأقصى فاتحين ».

بدوره، تحدث أستاذ التفسير بجامعة فلسطين والداعية الكبير عماد حمتو، عن حال العلماء في ظل الاحتلال، وتناول سيرة الإمام البشير الإبراهيمي نموذجًا.

وأوضح أن المشروع الكبير الذي نهض به الشيخ الإبراهيمي، كان مشروعًا للأمة الواحدة وليس مشروع الفئوية والحزبية، مستشهدًا بمقولات للرجل منها :« إنَّ الإسلام والاستعمار ضدَّان لا يلتقيان في مبدأٍ ولا غاية، فالإسلام دينُ الحُرِّيَّة والتَّحرير، والاستعمار دين العبوديَّة والاستعباد، والإسلام شرع الرَّحمة والرِّفق وأَمَرَ بالعدلِ والإحسان، والاستعمار قوامه على الشِّدَّة والقسوة والطُّغيان، والإسلام يدعو إلى السَّلام والاستقرار، والاستعمار يدعو للحرب والتَّقتيل والتَّدمير ».

وطبقًا للداعية حمتو فإنه « لم يلتقِ الشيخ الإبراهيمي، لكنه وجد آثاره وأياديه البيضاء في كل مكان »، لافتًا إلى أنه زار الجزائر عام 2011، ولاحظ في يوم الجمعة أثناء إلقائه لدرس قبل الخطبة طول مدته مقارنةً بالخطبة، كي يتيح المجال أمام الناس للحشد والتوافد إلى المسجد.

ونوه إلى « الإمام الإبراهيمي كان يمثل حلقة من حلقات الجهاد الطويل في الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، وأحد الذين شكلوا وعي ووجدان الأمة العربية والإسلامية على امتداد أقطارها ».

وتحدّث الداعية حمتو عن منهجية التغيير الذي ينبع من الداخل في فكر الإبراهيمي، من خلال إعادة بناء كيان الإنسان النفسي والعقلي والوجداني على أسس صحيحة من العقيدة الحقّة والإيمان العميق والفكر المتبصّر، مصداقًا لقوله تعالى: « إنَّ الله لا يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم »، منوهًا إلى أن كان يعتمد فلسفة التربية ذات النفس الطويل، لكنه أكيد المفعول.

وذكّر بمقولات عدة وهامة للإمام الإبراهيمي منها، « إن شباب الأمة هو الدم الجديد في حياتها، فمن الواجب أن يصان هذا الدم عن أخلاط الفساد، ومن الواجب أن يتمثّل فيه الطهر والفضيلة والخير ».

من ناحيته، بيّن السياسي والأكاديمي الفلسطيني الدكتور سمير زقوت أن هذه الندوة لها أهميتها كونها تأتي وفاءً للإمام البشير الإبراهيمي، الذي أولى القضية الفلسطينية اهتمامًا كبيرًا، منبهًا إلى مكانتها الهامة في وجدانه وتفكيره.

ورغم انشغال الإمام الإبراهيمي – كما يقول د. زقوت – بتحرير وطنه من الاستعمار الفرنسي، إلا أن فلسطين كانت حاضرةً بقوة في قلبه، وعينه كانت عليها.

وفي نهاية اللقاء، قال القائم على الندوة محمد الحرازين:« إن الهدف من ورائها هو ترميم ثقافة ووعي أبناء شعبنا برموز الأمة الإسلامية ».

وبيّن الحرازين أن « هذه اللقاءات الفكرية والندوات الثقافية تمثل نافذة نطل منها على الثقافة الإسلامية الرحبة بعمدائها وعلمائها وقاماتها الرفيعة »، مستدركًا بالقول« ولكن يبقى المطلوب منا مزيد من العمل والجهد والإخلاص لنحافظ على الإرث الكبير الذي خلفوه ».