خبر تحدّيات استئناف المفاوضات النووية اليوم

الساعة 06:05 ص|20 مايو 2015

فلسطين اليوم

تدخل المرحلة الأخيرة من المفاوضات النووية بين إيران والغرب، اليوم الأربعاء، مرحلة حاسمة، لترتفع بدورها حدّة السجال في الداخل الإيراني حول تفاصيل الاتفاق النهائي المنتظر توقيعه في أواخر يونيو/حزيران المقبل. سجال قديم ــ جديد بين ما يسمى في الجمهورية الاسلامية « محافظون » و« إصلاحيون »، يقلل بعضهم من أهميته نظراً لتأكيد كثيرين أن الملف لا يمرّ لولا الموافقة العليا في البلاد عليه، أي تحديداً موافقة المرشد الأعلى والحرس الثوري.

وما أشعل الاعتراضات الداخلية في طهران كان عملياً الاتفاق الإطاري في لوزان السويسرية في شهر إبريل/نيسان الماضي؛ لأن البنود المعلن عنها لم تكن تفصيلية، وتضاربت الترجمات حولها، خصوصاً حول ما يتصل بآلية إلغاء العقوبات وموعد الإلغاء المفترض وطرق الرقابة والتفتيش على المنشآت الإيرانية.

وفي الوقت الذي يستعد فيه الوفد الإيراني المفاوض لاستئناف جولة مباحثاته اليوم الأربعاء في فيينا، لاستكمال العمل على كتابة بنود الاتفاق النهائي، تصاعدت التصريحات في الداخل، والتي توجه في غالبيتها تحذيرات للوفد المفاوض برئاسة وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ولتنبيه أعضاء الوفد من « تبعات تقديم تنازلات مصيرية » أو الموافقة على بنود يعدها بعضهم في إيران « خطوطاً حمراء ».

من هذه الخطوط ما يتعلق بتفتيش المواقع العسكرية الإيرانية، فعدد كبير من المسؤولين في الداخل يعتبرون أن هذه المواقع لا تتعلق أساساً بمفاوضات تدور حول ملف البلاد النووي أساساً. والتقى رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، بمساعد وزير الخارجية الإيراني وعضو الوفد المفاوض عباس عراقجي الأسبوع الماضي، على هامش جولة الحوار التي عقدت في فيينا على مستوى مساعدي وزراء خارجية إيران ودول 5+1، والتي اختتمت يوم الجمعة، وتركز البحث حول « إمكانية تفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية بما ينص عليه البروتوكول الإضافي لمعاهدة الحد من الانتشار النووي » بحسب مواقع إيرانية رسمية.

يبدو أن الوكالة الدولية مصرة على دخول بعض المواقع الإيرانية، لا سيما أن تقارير رسمية  صادرة سابقاً عن مفتشي الوكالة تنقل شكوكاً بإجراء إيران تجارب تحاكي تفجيرات نووية في مواقع تقول عنها البلاد إنها « عسكرية وليست نووية »، والتوقيع على البروتوكول الإضافي الذي يسمح بتفتيش فوري ومباغت للمنشآت النووية الإيرانية سيكون جزءاً لا يتجزأ من الاتفاق النووي المرتقب وفق ما جاء في إعلان لوزان. لكن يبدو أن هناك خلافات تدور على تفاصيل البروتوكول من جهة، ومن جهة ثانية فإن دخول إيران في البروتوكول يتطلب موافقة البرلمان الإيراني الذي يسيطر المحافظون على معظم مقاعده، وهؤلاء في غالبيتهم من منتقدي بعض النقاط المتعلقة بتفاصيل الحوار النووي مع الغرب.

 

واعترف عراقجي إبان اجتماعه مع أمانو بأن البروتوكول الإضافي يسمح بتفتيش بعض المواقع العسكرية، مشيراً إلى أن ذلك « يرتبط بشروط وأدلة وأسس محددة »، من دون أن يحدد الرجل ماهية هذه الشروط، رغم أنه نقل أن بلاده لن تفتح مواقعها أمام كل من يطلب الدخول إليها، كما أكد أن الوفد المفاوض « لن يستجيب للطلبات المتزايدة وغير المنطقية من قبل بعض الأطراف على طاولة الحوار ». وعن صاحب الطلبات المتزايدة، خصّ وزير الخارجية محمد جواد ظريف في تصريح صدر لاحقاً، الولايات المتحدة بالذكر، و« التي تبدي مواقف متباينة أحياناً » بحسب قوله.

لكن تصريحات عراقجي لم تنل رضا كثيرين في الداخل الإيراني، خاصة المحافظين. وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني إسماعيل كوثري إنه على عباس عراقجي أن يصحح ما قاله، لأنه « لا يمكن أن تقبل إيران أن تفتح منشآتها العسكرية أمام أي طرف كان »، معتبراً أن هذه النقطة « من خطوط إيران الحمراء ».

وحذا رئيس لجنة الأمن القومي علاء الدين بروجردي حذو كوثري إذ ذكّر مفاوضي بلاده بأن « فتح المنشآت العسكرية غير مقبول »، ملوّحاً بأن « التوقيع على البروتوكول الإضافي يحتاج لموافقة النواب بكل الأحوال، وهؤلاء يقدرون على التصويت على الخروج من البروتوكول بحال إخلال الطرف المقابل بتعهداته » بحسب قوله.

النقطة الخلافية الأخرى بين الوفد المفاوض والطيف المحافظ تتعلق بآلية إلغاء العقوبات. بحسب بروجردي، فإنّ الولايات المتحدة « غير أهل للثقة أساساً، ومن الممكن أن تخلف تعهداتها النووية بعد توقيع الاتفاق »، مطالباً الوفد المفاوض بإقرار جدول زمني دقيق كجزء من صيغة الاتفاق لإلغاء الحظر الاقتصادي لا إبقاء هذه النقطة رهناً لرغبات بعض الأطراف، مذكراً بأنه من غير الواضح حتى الآن ما إن كانت ستلغى العقوبات المفروضة على إيران فور التوقيع على الاتفاق النهائي، أم بشكل تدريجي بعد التأكد من التزام طهران بتعهداتها وفق ما ستثبته تقارير الوكالة الدولية.

يبحث البرلمان الإيراني في الوقت الحالي إقرار مشروع ليكون كخطوة تحصينية مقابل مشروع الكونغرس الأميركي الذي يبحث كذلك ضرورة تمرير الاتفاق النووي عبر أعضاء الكونغرس وغالبيتهم من الجمهوريين. ويقول نواب مجلس الشورى الإسلامي إنهم يبحثون في مشروعهم هذا إقرار بنود هدفها الوقوف بوجه الإخلال بالتعهدات من جهة، وإلزام الحكومة الإيرانية والوفد المفاوض بالاحتفاظ بـ « المنجزات » النووية من جهة أخرى، أي عدم إيقاف التخصيب على الأراضي الإيرانية مع تحقيق شرط إلغاء العقوبات المفروضة على البلاد.

يستطيع البرلمان الإيراني أن يكون طرفاً ضاغطاً على الوفد المفاوض، وهذا قد يساهم بتعقيد أجواء المفاوضات التي يبدو أنها لن تستمر بسهولة. وفي الوقت نفسه، يستطيع البرلمان أن يساعد الوفد المفاوض في الاحتفاظ بالعديد من نقاط القوة، خصوصاً بعد تقديم العديد من التنازلات المتعلقة بتشغيل أجهزة الطرد المركزي، إذ من المفترض أن يعمل ستة آلاف جهاز طرد فقط من أصل عشرين ألفاً تمتلكها إيران وفق اتفاق لوزان، فضلاً عن التنازلات المتعلقة بتحويل منشأة فردو للتخصيب إلى مؤسسة بحثية، وإعادة تصميم قلب مفاعل آراك. « تنازلات » أثارت الانتقادات الداخلية، لكن الوفد المفاوض استطاع أن يهدئ معارضيه بتأكيده أن المقابل سيكون إلغاء كل العقوبات الاقتصادية، والاحتفاظ بالتخصيب على الأراضي الإيرانية وإن كان بنسبة 3.67% فحسب.