خبر عناق من هرتسوغ، قبلة من شابير- يديعوت

الساعة 09:32 ص|18 مايو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

 (المضمون: سلوك السياسيين عجيب بحيث يجعلك تتساءل أي سلوك لهم هو الحقيقة وايه التمثيل- هرتسوغ في خطابه الملتهب والفظ ام هرتسوغ في سعيه لعناق وتهنئة الوزراء - المصدر).

في ليل يوم الخميس الماضي اجتمعت الكنيست بكامل هيئتها للتصويت على الحكومة الجديدة. بعد خطاب رئيس الوزراء صعد الى المنصة رئيس المعارضة اسحق هرتسوغ. والقى خطابا حادا جدا. واذا لم أكن مخطئا، فقد كان هذا الخطاب الاكثر فظاظة في حياته. فقد وجه ضربات شخصية لنتنياهو، بلا رحمة، اتهمه باقصاء الاقليات، بالمؤامرات ضد الجهاز القضائي، بالاخفاقات السياسية والعسكرية، وبالبيع العام للدولة وقيمها، خضوعا للابتزاز. اما اجراءات تشكيل الحكومة فقد وصفها « بالسيرك ».

تصبب نتنياهو عرقا في كرسيه بعدم ارتياح. ولاحقا، اختار عمل ما عمله اسلافه حين لم يرق لهم ما يقال عنهم من على المنصة: فقد توجه للحديث مع جيرانه الوزراء، كحاضر غائب – حاضر بسبب الموقف وغائب بسبب المهانة. وعندما صعدت تسيبي لفني للحديث خرج من القاعة.

في ختام التصويت جرى احتفال اداء اليمين القانونية. كل وزير صعد بدوره الى المنصة وادى اليمين القانونية. واستمرت الطقوس حتى منتصف الليل. وكانت قنوات التلفزيون التجارية قد توجهت قبل ذلك بكثير الى مواضيع اخرى، اكثر اثارة للاهتمام. وكما هو متبع، توجه النواب لتهنئة الوزراء. وبين المتوجهين للتهنئة كان ايضا اعضاء المعارضة. ويمكن لنا أن نثني فقط على بادرة المجاملة هذه: خير أن نعرف بان السياسيين في اسرائيل قادرون على أن يتصرفوا كأناس متحضرين.

ولكن النواب لم يكتفوا بمصافحة زمالة. فقد تجمعوا كالقطيع على أطراف منصة الخطابة من جانبها الايمن، يتنافسون فيما بينهم من سيعانق أولا، من سيقبل اولا حضرة الوزير، سمو الوزيرة. وعلى رأس اخوة السلاح، سار جالسو المقاعد الخلفية في كتلة الليكود، الون حزان وامثاله. ولم يكونوا وحدهم: فقد احتشد معهم بعض من البارزين في قائمة المعسكر الصهيوني، بمن فيهم الرئيس. وقد تقاتلوا على حق القبلة الاولى.

من يشاهد هذه المسرحية، لا يمكنه الا ان يسأل نفسه ما هي هنا الحقيقة وما هي المسرحية. اين هرتسوغ الحقيقي، هل في الخطاب الملتهب أم اليدين التواقتين للعناق. اين يوجد حقا نواب مقاتلون منذ ستاف شابير وميكي روزنتال، ممن وقفوا بين الساعين الى الاتصال في ليل الخميس.

رئيسنا الخامس اسحق نافون نشر مؤخرا سيرة ذاتية مشوقة، نوصي بها للقراءة، تحت اسم « كل الطريق ». وعن هذه القصة قفز نافون في كتابه، ولكنه رواها لي قبل سنوات. في الكنيست السابعة تولى منصب نائب الرئيس. جلس على رأس الجلسة التي القى فيها النائب الاصولي مناحيم باروش خطابا انفعاليا في شؤون الدين. في ذروة الخطاب مزق باروش تعليمات اصلاحية جلبها معه بالصدفة الى المنصة. وقد عصفت الكنيست. لا يحتمل أن هكذا يدنس كتاب مقدس لقسم كبير من الشعب اليهودي. وشرح باروش بان انفجاره كان عفويا جدا. فقد كان غاضبا ومغتاظا من الاصلاحيين بحيث لم يتمكن من كبح نفسه.

ولكن ماذا؟ عندما صعد باروش الى المنصة مر عن الرئيس وهمس في اذنه: « انظر أي جلبة سأثيرها الان ». فتمزيق الكراس كان مسرحية اعدت مسبقا.

في كثير من الجوانب تقترب السياسة من المسرح. والجملة الشهيرة لشكسبير، « كل العالم مسرح »، تشرح قسما كبيرا من السلوك السياسي. ولكن توجد حدود. "نحن بالتأكيد نتوقع ان في نهاية المسرحية، على صوت هتاف الجمهور، يوليوس قيصر سيعانق بروتوس، ياغو سيقدم باقة ورد لدزديمونه والليدي ماكبث ستقبل كل ضحاياها. نحن لا نتوقع سلوكا مشابها في السياسة، ليس فورا. وعندما يحصل هذا، فالاحساس هو أنه في كل الامور الرهيبة التي تقال عن السياسة، عن الازدواجية، عن التذبذب، عن استعدادهم للصفع بيد والربتة الرفاقية بالثانية، ثمة اكثر من ذرة حقيقة.