خبر اصوات بالعبرية بالقرب من حائط المبكى- اسرائيل اليوم

الساعة 02:28 م|15 مايو 2015

فلسطين اليوم

اصوات بالعبرية بالقرب من حائط المبكى- اسرائيل اليوم

بقلم: درور ايدار

 (المضمون: إن عدم فهم اهمية القدس بالنسبة للشعب اليهودي من قبل من يتبجح بقيادتنا هو فشل في فهم اعماق نفس الشعب الذي أقسم طوال 2500 سنة على الوفاء للقدس. ومن يفكر في قيادة جسم بدون روح سيكنسه الشعب من فوقه - المصدر).

حقيقة ممتعة هي أن ايام الذكرى الاسرائيلية جاءت في شهر أيار، وهو شهر البطولة. الاعلان عن اقامة الدولة في بداية الشهر وتحرير القدس في نهايته وفي وسطه تمرد باركوخبا. 1813 سنة مرت منذ فقدنا استقلالنا الاخير في 135ميلادية، والى حين تجديدها في 1948. لقد مرت 19 سنة منذ اقامة الدولة وحتى دخولنا الى بوابات البلدة القديمة. حدث تاريخي مشابه لهذا كان في بداية كوننا شعبا: دخول الاسباط الاسرائيليين الى ارض كنعان في نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد، انتظر مئات السنين الى حين احتلال القدس على يد داود واقامة هيكل سليمان. أمران يرافقاننا في الرحلة التاريخية الطويلة: النواة القومية والنواة الروحية، المصير والهدف، الجسم والروح، اسرائيل والقدس.

العرب يفهمون أن الحرب على البلاد وعلى الوجود اليهودي فيها تبدأ وتنتهي في القدس. السلطة الفلسطينية والعالم الاسلامي يستثمرون جهدا كبيرا لتوريث الرواية الكاذبة التي تقول إن القدس كانت منذ الأزل اسلامية، وإن من بنى الاقصى لم يكن سوى أبونا ابراهيم قبل 4 آلاف سنة. ليس فقط في اوساط الاحزاب الاسلامية: في محادثة اجريتها مع رئيس « بلد » عضو الكنيست جمال زحالقة الذي يصف نفسه بأنه ملحد، رفض الاعتراف بالحقيقة التاريخية أنه على الجبل يوجد الهيكل اليهودي. وبعد أن ضغط عليه اعترف بأن اعترافا كهذا « يخدم الاحتلال » أو « الكولونيالية »، كما يسميه. زعيم عربي يتطرق الى ادعاء وجود الهيكل اليهودي سيضيف صفة « المزعوم » – المتبجح أو الكاذب (جزء من هذه المواد وجدتها في كتاب نداف شرغاي الجديد « القدس – وهم التقسيم »).

في كل مرة تسمعون فيها هذا الادعاء عليكم القول لمحدثكم إنه في 1924 اصدر المجلس الاسلامي الاعلى برئاسة الحاج امين الحسيني (الذي فيما بعد تعاون مع هتلر ضد اليهود)، كراسة ارشادية حول تاريخ جبل الهيكل، وكتب فيها: « إن هوية المكان مع هيكل سليمان غير مشكوك فيها. هذه هي ايضا النقطة التي فيها، حسب الاعتقاد العالمي، بنى داود المذبح ( »شموئيل ب« ، 24). في القرن التاسع سميت القدس »بيت المقدس« ، وفقط في القرن الحادي عشر دخل اسم القدس النابع من الوصف التوراتي »المدينة المقدسة« . القدس سميت في بعض الكتابات الاسلامية صهيون.

منذ حرب الايام الستة ارتفعت مكانة القدس في نظر العالم الاسلامي بعد مئات السنين التي تم اهمالها فيها. داخل قبة الصخرة، قال البروفيسور منشه هرئيل، يوجد 240 متر من الآيات التي لا يوجد فيها ذكر للقدس والتي لم تذكر ولا مرة واحدة في القرآن. ولماذا تذكر؟ من سمع عنها في عهد محمد؟ قارنوا ذلك مع مئات المرات التي ذكرت فيها مكة والمدينة، وحتى اثناء وجودهم على الجبل يتوجه العرب في صلواتهم الى مكة. وهكذا فان القدس لم تحتل في يوم ما دورا سياسيا أو ثقافيا أو روحيا في التاريخ الاسلامي أو العربي. قيمتها ازدادت فقط عندما أخذت من أيدي المسلمين سواء في عهد الصليبيين أو في ايامنا.

وماذا لديهم؟ هل تتصوروا وجود يهودي في الشتات بدون ذكرى القدس؟ في كل صلاة ودعاء طعام وعرس أو حداد، في كل عيد – ذكرت القدس والأمل بالعودة اليها وبنائها من جديد. ملايين المرات ذكرت فيها هذه المدينة في التناخ والمشناه والمدراش والتلمود وفي الكتب الخارجية وفي كتب الشريعة والسلوك وفي كتب الاسئلة والاجوبة وفي القضاء العبري والفلسفة اليهودية، في الشعر والنثر على مختلف انواعهما. »صهيون، ألا تسألي عن سلامة سجناءك؟« ، سأل الحاخام يهودا هليفي في القرن الثاني عشر. سجناء صهيون كنا جميعا في بلاد المنفى، نحن نسعى لمصلحة هذه المدينة الواحدة. هل هناك شعب في التاريخ قدر في منفاه مدينة وحولها الى مصدر للحياة يعيد تجديدها بعد رحلة تاريخية طويلة.

في حرب الاستقلال وازاء الجهود غير النهائية للقتال من اجل القدس، جهود اضرت بتموضع القوات في الجبهات الاخرى، قال بن غوريون: »إن قيمة القدس لا تُقدر ولا يمكن وزنها. لأنه اذا كان لهذه الارض روح فان القدس هي روح ارض اسرائيل، والحرب على القدس حاسمة ليس فقط من الناحية العسكرية. القدس تقتضي وتستحق أن نقف الى جانبها. القَسم المعروف « على أنهار بابل » يقتضي اليوم كما في تلك الايام، وإلا لن نكون جديرين باسم شعب اسرائيل« .

الحرب على عدالة وجودنا في البلاد تبدأ من تعليم تاريخنا. في اوساط اجزاء داخلنا يتبدى التعب، والحلول السياسية المختلفة تتضمن تقسيم القدس. الحقيقة هي أن كل زعيم يرغب في تقسيم البلدة القديمة ويعطي قدسنا للاجانب، لن يصل في الحقيقة الى مكانة القيادة. إن عدم فهم هذه النقطة العميقة من قبل من يتفاخر بقيادتنا – هو فشل ذريع في فهم اعماق نفس شعبنا. شعب أقسم طوال 2500 سنة »اذا نسيتك يا قدس فلتشل يميني« ، سيكنس من فوقه من يفكر بقيادة جسم قومي بدون روح. صحيح أن القدس مليئة بالاسئلة ونقاط الاشتعال، لكن ليس من اجل ذلك علينا أن نتنازل عنها. العملية التاريخية التي نحن في بدايتها تقتضي صبرا واعصابا قوية.

عندما تم توحيد المدينة بعد حرب الايام الستة وفتح حائط المبكى امام الجمهور، حج اليه اليهود من كل الانواع والاشكال بمن فيهم من غيروا ديانتهم وانصاف يهود. اللقاء الاول مع المكان هو نوع من »علاج للصدمة« ، رابطة شعورية عميقة بدون منطق أو صياغة واضحة. يعقوب هرتسوغ، سفير اسرائيل في كندا، تجادل في كانون الثاني 1961 مع المؤرخ ارنولد توينبي الذي زعم أن الشعب اليهودي هو بقايا متحجرة، انتزع من مكان ما سقط على التاريخ (بالمناسبة، زحالقة استخدم مجازا مشابها عندما قال إننا سقطنا على العرب من أعلى مع »الكتاب« ).

توينبي كتب عن اليهود: »أنتم غير ميتين – غير واضح لماذا، لكنكم لستم أحياءً. ليس هناك علاقة من ناحية الحياة لخلق وتفكير خلاق. لقد انزلقتم من تيار الثقافة الى مكان ما مهجور وبقيتم هناك، من حين الى آخر يسمع صوتكم، عندما تصرخون وتنادون على السفن المارة« . ليس عبثا اتهم توينبي باللاسامية. فقط من أعمت الكراهية روحه ولم يعرف حقا الكنوز الكبيرة التي خلقناها في الشتات، كان يستطيع تقديم وصف خاطىء كهذا للشعب اليهودي.

بعد ثماني سنوات من تلك المواجهة قابل هرتسوغ ثانية توينبي الذي كان اكثر تصالحا. »ماذا تقول الان؟« سأله، توينبي اجاب: »عندما سمعت في الراديو ان جنودكم بقرب حائط المبكى بدأت في ادراك جوهر علاقتكم مع هذه المدينة ومع تلك البلاد« . كيف فهمت، استغرب هرتسوغ. ففي الراديو كان الجنود يتحدثون العبرية؟ »لهذا يوجد أنتين تاريخي« قال توينبي، »لقد سمعت الاصوات وفهمت".