خبر نقاش استراتيجي بين اسرائيل وفرنسا- هآرتس

الساعة 08:34 ص|14 مايو 2015

فلسطين اليوم

تحول الى مواجهة شديدة

بقلم: براك ربيد

(المضمون: الحوار الاستراتيجي السنوي الاخير بين اسرائيل وفرنسا تحول الى مواجهة وأُسمعت فيه كلمات قاسية عبرت عن الخلافات العميقة في المواقف والتوتر الشديد في العلاقات بين الدولتين - المصدر).

          نقاشات الحوار الاستراتيجي بين اسرائيل وفرنسا التي أجريت في الاسبوع الماضي في القدس تحولت الى مواجهة شديدة وفريدة بين دبلوماسيين رفيعي المستوى من الطرفين، حول مبادرة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، لدفع قرار في الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني في مجلس الامن. الجانب الاسرائيلي هاجم بشدة المبادرة الفرنسية وزعم أن حكومة باريس تقصي اسرائيل وتعمل من خلف ظهرها.

          إن لقاء الحوار الاستراتيجي يعقد مرة كل سنة بين وزارتي الخارجية لاسرائيل وفرنسا. من الجانب الاسرائيلي قاد الحوار مدير عام وزارة الخارجية نسيم بن شتريت مع عدد من كبار الدبلوماسيين. من الجانب الفرنسي وصل السكرتير العام لوزارة الخارجية في باريس، كرستيان ماسا، مع بعثة كبيرة.

          هدف الحدث هو اجراء مشاورات في المواضيع السياسية والامنية، ولكنه جاء ايضا للتعبير عن التنسيق القوي والحوار الحميم بين الدولتين. دبلوماسيون اسرائيليون قالوا إن الامر يتعلق بمنتدى يحاول فيه الطرفيا بشكل عام التأكيد على المشترك بينهما، وايضا اذا كان هناك خلافات أن يتم الامتناع عن المواجهات أو المهاترات.

          لكن اللقاء الذي عقد في الاسبوع الماضي في وزارة الخارجية في القدس كان استثنائيا، فمنذ اللحظات الاولى اتضح للمشاركين أنه سيكون صعبا الى درجة أنه سيكون من غير الممكن جسر الهوة والخلافات بين الطرفين، وخاصة في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني. دبلوماسيون اسرائيليون وفرنسيون أشاروا الى أن تبادل العبارات القاسية التي وجهها كل طرف للآخر أظهرت عمق التوتر بين الدولتين. لقد كان الشعور في اوساط المشاركين بأن الاحباط الكبير الذي يشعر به كل طرف تجاه الطرف الآخر، الذي تراكم في الاشهر الاخيرة، قد اندفع الى الخارج بكل قوته.

          الموضوع الذي أدى الى المواجهة كان مبادرة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أن يطرح من جديد قرارا في مجلس الامن يتضمن مبادىء لحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. محاولة فرنسية للدفع بهذه العملية قبل بضعة اشهر فشلت في اعقاب رفض الفلسطينيين قبول صيغة مشروع القرار الذي بلورته باريس.

          فابيوس استجاب مؤخرا لطلب امريكي لتأجيل طرح هذه الخطوة الى حين الانتهاء من الاتفاق النووي مع ايران في 30 حزيران. لكنه مصمم على طرح مشروع القرار للتصويت في مجلس الامن قبل نهاية شهر ايلول حيث ستعقد في نيويورك نقاشات الجمعية العمومية للامم المتحدة.

          مشروع القرار الفرنسي يتوقع أن يتضمن مبادىء مثل تثبيت حدود الدولة الفلسطينية على أساس خطوط 1967 مع تبادل للاراضي، تحويل القدس الى عاصمة للدولتين، صيغة محددة للاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، وضع جدول زمني لانهاء المفاوضات وعقد مؤتمر سلام دولي.

          قال دبلوماسيون اسرائيليون إنه وصلت في الاسابيع الاخيرة الى وزارة الخارجية في القدس معلومات عن أن الفرنسيين بدأوا في مشاورات، سواء في باريس أو نيويورك، مع الفلسطينيين ومع دول عربية وكذلك مع عدد من اعضاء مجلس الامن بشأن صيغة مشروع القرار الذي يريدون طرحه. ومع ذلك فقد امتنعوا عن اجراء مشاورات مشابهة مع اسرائيل ولم ينقلوا الى القدس مسودة مشروع القرار، أو على الأقل مبادئها.

          اثناء الحوار الاستراتيجي احتج بن شتريت بشدة على التصرف الفرنسي. « أنتم تتحدثون مع كل العالم عن مبادرتكم، وفقط معنا لا تتحدثون »، قال، حسب ما قاله دبلوماسيين اسرائيليين يشاركون في الحوار. « يبدو أنكم نسيتم أننا طرفا في الموضوع ويتوجب اشراكنا ايضا فيه ».

الدبلوماسيون الاسرائيليون قالوا إن اعضاء البعثة الفرنسية دافعوا عن انفسهم ونفوا أنهم عرضوا أي مسودة أو مبادىء مفصلة على الفلسطينيين أو الدول العربية. « لقد قالوا إن الامور ما زالت في مراحلها الاولى فقط. وعندما يكون لديهم شيء ما متبلور فسيعرضوه علينا ». أحد الدبلوماسيين قال: « قالوا إن كل العملية في مجلس الامن هي بمجملها في صالحنا وأنهم يحاولون بلورة صيغة تكون مقبولة على الطرفين وتُمكن من استئناف عملية السلام ». لكنهم في الجانب الاسرائيلي رفضوا الاقتناع بالتوضيحات الفرنسية، وتحول النقاش الى هجومي أكثر فأكثر وتدهور الى تبادل الكلام القاسي. « في مرحلة معينة تحول الحوار الاستراتيجي الى حوار طرشان »، قال الدبلوماسي الاسرائيلي.

هكذا، وعلى سبيل المثال، الجانب الاسرائيلي طرح تذمرات ضد الاقوال التي قالها فابيوس قبل أكثر من نصف سنة خلال عملية الجرف الصامد، عندما اتهم اسرائيل بتنفيذ مذبحة في غزة. « عنا قلتم مذبحة، ولكن عن قصف السعوديين في اليمن لا تقولون شيئا ». هكذا وجه اعضاء البعثة الاسرائيلية كلامهم ضد نظرائهم الفرنسيين والأخيرون لم يصمتوا: « لقد كان هناك مئات المدنيين القتلى في غزة »، واضافوا « أنتم تعرفون ماذا عمل ذلك لدينا في الرأي العام؟ ».

دبلوماسيون اسرائيليون أشاروا الى أن سفير فرنسا في اسرائيل، باتريك مزونيف، أشعل الجو وأسمع في رده على الادعاءات الاسرائيلية انتقادا لاذعا. على سبيل المثال، في مرحلة معينة زعم الجانب الاسرائيلي أن فرنسا تقود كل المبادرات المناوئة لاسرائيل في الاتحاد الاوروبي مثل وسم منتوجات المستوطنات أو اعداد قائمة عقوبات اوروبية محتملة ضد اسرائيل.

دبلوماسي اسرائيلي أشار الى أن السفير الفرنسي رد باتهامات من قبله وزعم أن شخصيات اسرائيلية رفيعة المستوى تهتم بالمناكفة اليومية مع دول الاتحاد الاوروبي. « لقد عرضوا عليكم رفع مكانتكم في اوروبا اذا تقدمتم في عملية السلام، لكنكم رفضتم حتى البحث في ذلك ». هذا حسب ما قاله الدبلوماسي.

في الجانب الاسرائيلي وايضا في الجانب الفرنسي يتفقون على أن اللهجة القاسية والتوتر الكبير في نقاشات الحوار الاستراتيجي تعبر عن وضع العلاقات بين اسرائيل وفرنسا اليوم. إن الجمود في عملية السلام، الشعور في اوروبا بأن اسرائيل تنوي مواصلة وتوسيع الاستيطان والانتقال الى مبادرات دولية واحدة تلو الاخرى في الامم المتحدة، كل ذلك يؤثر سلبا على توافقات واسعة اكثر في مواضيع مثل النووي الايراني وسوريا وحزب الله. « نحن في لحظة صعبة في منظومة العلاقات »، قال دبلوماسي فرنسي. « في الموضوع الفلسطيني هناك عدم اتفاق حقيقي. هناك احباط متزايد في اوروبا، وهذا ما حاولنا شرحه ».