خبر صديق حقيقي، غير مُحب -معاريف

الساعة 09:35 ص|10 مايو 2015

فلسطين اليوم

بقلم: شلومو شمير - نيويورك

 (المضمون: الرأي السائد في اسرائيل الذي يرى أنه يجب محاكمة الرئيس الامريكي حسب مستوى محبته لاسرائيل يعود الى منتصف القرن الماضي حيث كان رؤساء الحكومة يذهبون الى واشنطن ومعهم قائمة بأنواع الطائرات والدبابات - المصدر).

 

       الانشغال الاستحواذي لاسرائيليين في تصنيف رئيس الولايات المتحدة بناء على علاقته باسرائيل، وميلهم لاعطاء علامات لمن يتولى أهم وظيفة في العالم، حسب درجة محبته لاسرائيل، تشهد بأن اسرائيليين كثيرين عالقون في مكان ما في سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. كانت تلك سنوات كان فيها رؤساء الحكومات ووزراء الدفاع يسافرون الى واشنطن ويحملون في حقائبهم وثيقة سرية واحدة ووحيدة: قائمة بأنواع الطائرات، أنواع الدبابات والمدفعية. نجاح زيارتهم أو فشلها للبيت الابيض كان يقاس فقط بنوعية وكمية الوسائل القتالية التي حصلوا عليها للجيش الاسرائيلي.

 

          « الاسرائيليون لا يحبون اوباما »، كتب شموئيل روزنر، وهو خبير ومحلل قديم وموثوق في العلاقات الامريكية الاسرائيلية. في المقال الذي نشره في « معاريف الاسبوع » استند روزنر الى نتائج استطلاع أجراه شخص امريكي – يهودي. وحسب هذا الاستطلاع قال 3 بالمئة فقط من الاسرائيليين المستطلعين إن اوباما هو الرئيس الافضل لاسرائيل في الاربعين سنة الاخيرة، فقط 9 بالمئة قالوا إنه مؤيد لاسرائيل، 63 بالمئة قالوا إن اوباما هو الرئيس الاسوأ لاسرائيل في الاربعين سنة الاخيرة.

 

          أحقا هذا؟ اذا كان أمن الدولة مهم الى هذا الحد للاسرائيليين كما تبين من نتائج الانتخابات الاخيرة، فان اوباما هو الرئيس الافضل الذي كان لاسرائيل، ليس في الاربعين سنة الاخيرة، لكن طوال الـ 67 سنة من عمرها. وزير الخارجية جون كيري، الذي يغذي الفشل المدوي لجهوده السلمية عداوة الاسرائيليين لاوباما، أوضح منذ فترة في مقابلة مع القناة العامة في نيويورك أنه في مجال المصالح الامنية « لم يكن لاسرائيل منذ قيامها رئيسا أفضل من براك اوباما »، واضاف « أريد التأكيد على هذا ». ليس من الضروري تصديق كيري فقط، ولكن هناك اشخاص رفيعي المستوى في جهاز الامن الاسرائيلي يصادقون على اقواله.

 

          إن عدم الوعي في شكل ونوعية العلاقات في المجالات الامنية، التي في سنوات ولاية اوباما تمتعت بمستوى لم يسبق له مثيل، لا يعتبر دلالة على الجهل أو قلة الذكاء. الحديث يدور عن علاقات هيئتها وتشكيلها وطريقة تجسيدها يتم تطبيقها بحرص وعناية وسرية. اضافة الى ذلك اسرائيليون كثيرون اقتنعوا بأن وجود الدولة مهدد وكمن يعيشون في خوف فانهم محتاجون الى الاحتضان وحسن النوايا من التفهم والاهتمام من جانب زعيم الدولة الصديقة. لكن ما العمل؟ اوباما ليس نموذج ودود بشكل خاص، وليس ما يسميه الاسرائيليون بـ « صاحبك ». كما أن هناك رؤساء دول صديقة يشتكون من علاقته الباردة والنابذة.

 

          الذي يبدو من علاقة الاغتراب التي يبديها الاسرائيليون تجاه اوباما حسب الاستطلاع المذكور آنفا هو أن الاسرائيليين يجدون صعوبة في فهم حقيقة أنه في الساحة الدولية يتم اعتبار اسرائيل كدولة عظمى اقليمية، لا سيما في المجال العسكري. أهمية اسرائيل كعنصر اقليمي، نوعي وحاسم لمصالح الغرب، تعاظمت في الاشهر الاخيرة في اعقاب اضطراب الحروب والنزاعات في الشرق الاوسط. في واشنطن، في الامم المتحدة في نيويورك وفي مركز الاتحاد الاوروبي في بروكسل، لا يفهمون ولا يستوعبون الحديث عن اسرائيل كدولة مهددة.

 

          « أنتم لا تفهمون بأن المبادرات في مجلس الامن وخطوات الاتحاد الاوروبي بهدف استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين هي نتيجة الاعتراف باسرائيل والنظر اليها باعتبارها الجانب القوي والآمن والثابت في النزاع »، قال مؤخرا دبلوماسي غربي ضليع وقديم في نيويورك.

 

          ايضا في دول كثيرة في العالم يسود شعور وتنتشر ردود مناوئة لامريكا. ومع ذلك فان زعماء الولايات المتحدة ومنهم الرئيس يعتبرون في العالم كمثال للزعامة الافضل.

 

          الاستطلاع الذي أجراه معهد « غالوب » في 136 دولة والذي نشرت نتائجه في نهاية الشهر الماضي يتضح أن القيادة الامريكية حصلت على نسبة تأييد وتقدير هي الأعلى، 45 بالمئة من المستطلعين. مقابل نسب تأييد منخفضة حصل عليها زعماء الاتحاد الاوروبي، المانيا والصين. (زعماء روسيا حصلوا على نسبة التقدير الأقل). من المثير للاهتمام أنه، خلافا لاسرائيليين كثيرين يعتبر اوباما في نظرهم كعدو، في المعركتين الاخيرتين للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة انتخب اوباما باغلبية ساحقة تبلغ 80 بالمئة من اليهود اصحاب حق الاقتراع. ربما ما يراه الاسرائيليون في اوباما « من بعيد »، اليهود الامريكيون « من قريب » لا يرونه، وبالعكس.