خبر الرجل من غلاف غزة، الرجل من بيت هداسا -يديعوت

الساعة 09:23 ص|10 مايو 2015

فلسطين اليوم

الرجل من غلاف غزة، الرجل من بيت هداسا -يديعوت

دولة واحدة، عالمان

بقلم: ايتان هابر

(المضمون: ماك من كيبوتس ايرز مقتنع أننا نجلس على برميل بارود. في نظره قطاع غزة هو قنبلة متكتكة. نوعام ارنون من الخليل مقتنع بان الحياة الى جانب عرب الخليل ستكون جملة وطيبة فقط اذا ما ضمت اسرائيل المناطق - المصدر).

لا توجد أي صلة بين ماك كوبرمان وبين نوعام ارنون. ماك سكن منذ عشرات السنين في كيبوتس ايرز، او ما يسمى مؤخرا « غلاف غزة »، أما نوعام فيعيش مع عائلته في « بيت هداسا » في الخليل. لقاء مع ماك هو رحلة الى تاريخ الصهيونية، الصعود الى الارض في الجنوب، الخيام والاكواخ الاولى، رائحة الارض، المحصول الاول، الهغناة والبلماخ، والعرب المحيطين الذين يريدون أن يقتلوا. لقاء مع ارنون هو رحلة تاريخ اليهودية، الاباء الثلاثة، الامهات الاربعة، مغارة الماكفيللا، اكثر من 3 الاف سنة تاريخ ونحو 50 سنة اخرى في ما يطيب له أن يسميها « مدينة الآباء »، والعرب هنا الذين بالطبع يريدون أن يقتلوا.

ماك كوبرمان من ايرز هو اسرائيلي ويهودي. نوعام ارنون من الخليل هو يهودي واسرائيلي. ماك تجاوز سن الثمانين، وهو في ايرز منذ بداية ايام الكيبوتس. نوعام تجاوز سن الستين وهو في الخليل منذ بداية الاستيطان اليهودي المتجدد في المدينة. عينا ماك لا تزالان تلمعان حين يتحدث عن التلم الاول، عن الاستيطان على الجدار الحدودي، عن ايام المتسللين والفدائيين الذين قتلوا جيرانهم في ناحل عوز والبلدات المحيطة وعن كيبوتسه الذي تخفيه تلة عالية فقط عن قطاع غزة. عينا نوعام تلمعان حين يطلق من فمه بوتيرة الرشاش كل ما عرفه ويعرفه عن تاريخ مغارة الماكفيللا، ابانا ابراهيم، و « قاعة اسحاق » (التي ذبح فيها باروخ غولدشتاين عشرات المصلين المسلمين). بالنسبة له كل حطام فخاري عتيق ينطق بالنشيد. هو لا يعيش في الخليل، هو يعيش الخليل.

ماك كوبرمان (اعتراف: هو ابن عائلة بعيد لي) لا يتصور ترك أرضه امام بوابات غزة. نوعام أرنون مقتنع بانه قرر بيته الى الابد في الخليل. ماك يروي عن العرب خلف الحدود وكأنهم ابناء عمومته. قصصه تعود الى الايام الجميلة، في نظره، حين كانت المعابر الى غزة مفتوحة والشاحنات المحملة بالبضائع تجتاز الخطوط يوميا. نوعام يتحدث عن الازدهار في الخليل. يروي بان المدينة هي اليوم العاصمة الاقتصادية للضفة الغربية (ومعاذ الله أن يستخدم هو هذا التعبير المرفوض). لتاجر خليلي ما، مثلا، يوجد اليوم 300 كونتينر من البضائع في ميناء اسدود. هو ملك الكراميكا في دولة اسرائيل.

ماك مقتنع باننا نجلس على برميل بارود. في نظره، بلا تسوية فان قطاع غزة هو قنبلة متكتكة. بعد زمن غير طويل سيتجاوزون هناك خط 2 مليون نسمة وسيحظون بلقب المكان الاكثر اكتظاظا في العالم. ويعتقد نوعام بان كل سكان الخليل العرب تقريبا يريدون العيش بسلام مع اليهود، والحياة الى جانبهم ستكون جميلة وطيبة وذلك فقط اذا ما ضمت دولة اسرائيل يهودا والسامرة. وهو مقتنع بان الخطأ الاكبر كان جلب عرفات الى المناطق: فالمحليون كرهوه، وهو اثار الشقاق والنفاق والعمليات. وبرأيه، فان صورة الحاضرة اليهودية في الخليل في نظر الاسرائيليين مغلوطة. يخيل لهم باننا نطلق النار هنا كل الوقت. وهو يتبنى الشعار السياحي: « الخليل، ليست ما اعتقدت ».

ماك أيد اتفاقات اوسلو. هو وداليا، زوجته، يؤمنان بالتسوية مع الفلسطينيين. نوعام يعرض دكاكين يهودية محروقة في أعقاب اعمال ارهابية، عجب من محكمة العدل العليا التي صادقت ورفضت وصادقت الاستيطان اليهودي في هذا البيت أو غيره في الخليل ويؤمن بسلام مختلف تماما عن سلام ماك. فهو مقتنع باننا عدنا الى بلاد ابائنا واجدادنا، وهي لنا. ماك هو الاخر مقتنع بانها لنا، ولكن يمكن اقتسام الدولة من اجل السلام.

كلاهما، ماك كوبرمان ونوعام أرنون يسكنان في بلاد اسرائيل تحت ذات السماء ويعيشان في عالمين مختلفين. هذه ايضا هي دولة اسرائيل.