خبر متى يجب علينا التخلي عن التكنولوجيا ؟

الساعة 06:52 م|09 مايو 2015

فلسطين اليوم

إن الاتصال بالإنترنت لمدة 24 ساعة يومياً وعلى مدار أيام الأسبوع يمكن أن يجعل الشخص يشعر وكأنه يجري في مكانه، فعلى الرغم من كونه مشغولاً دائماً إلّا أنه لا يحقق أي شيء أبداً، وهذا الأمر يمكن أن يؤدي لجعل حياة الإنسان الشخصية والمهنية تتلاشى تدريجياً، ولكن بدأ حالياً حراك يسعى لتبني يوم واحد على الأقل ليعيش فيه الأشخاص يوم حقيقياً بعيداً عن الوسائل التكنولوجية.

تبعاً لمسح أجراه مكتب إحصاءات العمل الأمريكي حول استخدام الأمريكيين لوقتهم في أيام عطلة نهاية الأسبوع، تبين أن الأميركيين الذين يزيد عمرهم على الـ15 عام ينفقون 10.11 ساعة على العناية الشخصية (النوم، الاهتمام بالمظهر، ممارسة الأنشطة الصحية) و6.46 ساعة على الأنشطة الترفيهية والرياضية (بما في ذلك مشاهدة التلفزيون لحوالي 3-4 ساعات) و2.09 ساعة على الأنشطة المنزلية و1.37 ساعة على الأكل والشرب و1.27 ساعة على العمل و0.84 ساعة على التسوق و0.56 ساعة في المشاركة في الأنشطة التنظيمية والمدنية والدينية و0.46 ساعة على رعاية أفراد الأسرة.

لكن ما يكمن وراء هذه الأرقام هو الأمر السيئ، فوفقاً لتقرير مقدم من قبل مؤسسة (كلينر وبيركنز وكوفيلد وبايرز) في عام 2013 حول نزعات الإنترنت، فنحن نتحقق من هواتفنا 150 مرة في اليوم، وغالباً ما نقوم بتصفح شاشات متعددة في وقت واحد، كما ذكرت ذات المؤسسة في تقرير آخر صدر في عام 2014 أن 84٪ من ممتلكي الهواتف المحمولة يستخدمون أجهزتهم أثناء مشاهدة التلفزيون، ولذلك فسواء كنا نتناول غدائنا، أو نشاهد التلفاز، أو نحضر حفل ما، أو أثناء مشينا، أو قضائنا لبعض الوقت مع أطفالنا، نحن غالباً ما نكون متواجدين في المكان ولكننا مغيبين عقلياً عمّا حولنا.

تبعاً لـ(تانيا شافيتز) المتحدثة باسم منظمة (ريبوت) وهي منظمة يهودية غير ربحية تسعى لإعادة إحياء وتنشيط الثقافة اليهودية في العالم الحديث، فلم يعد أحد بعد الآن معتاد على قضاء حتى بعض اللحظات مع أفكاره الخاصة، فبمجرد توفر دقيقة فراغ يهرع معظم الأشخاص لالتقاط هواتفهم على الفور  ليتحققوا من ورود أي إشعارات أو أخبار جديدة على الفيسبوك بحجة أنهم يشعرون بالملل، كما أن أكثرنا أصبح مدمناً أيضاً إلى دفعة الدوبامين التي نحصل عليها جراء تلقي النصوص ورؤية الأخبار الجديدة على التويتر.

تشير (شافيتز) إلى أن الهدف من الحراك الذي تسعى إليه مؤسستها هو تخصيص يوم واحد في الأسبوع على الأقل لتجنب التكنولوجيا الرقمية، ومحاولة الاسترخاء، والاهتمام بالصحية الشخصية، والخروج للتواصل مع الأقارب والأصحاب في الحياة الحقيقية.

تشير (ايثيرا كليمونز) نائبة الرئيس التنفيذي لـ(Division of Labor Standards Enforcement) في ولاية كاليفورنيا  إلى أن بعض الأشخاص يقولون بأن عليهم أن يكونوا حاضرين على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل دائم لدواعي العمل، ولكن مع ذلك لا بد من أخذ بعض الوقت المستقطع والابتعاد قليلاً عن هذه الوسائل كنوع من الإجازة على سيبل المثال، فجميع العاملين لا بد وأن يأخذوا يوماً واحداً كإجازة من العمل خلال أيام الأسبوع السبعة.

إن العمل لساعات كثيرة جداً يمكن أن يؤثر على نوعية العمل، فتبعاً لدراسة تم نشرها في مجلة (American Journal of Epidemiology) الأشخاص الذين يعملون لمدة 55 ساعة في الأسبوع كانوا أسوأ من ناحية غنى المفردات والتذكر والتفكير من أولئك الذين يعملون لمدة 40 ساعة في الأسبوع.

يقول الدكتور (ديفيد شبيجل)، مدير مركز ستانفورد للإجهاد والصحة، بأن عقولنا وأجسادنا مصممة لتأخذ قسطاً من الراحة، لذلك فهي لا تعمل بشكل جيد إذا لم نفعل ذلك، كما أن هناك العديد من المشاكل مثل الأرق، والعقم، وزيادة الوزن، ومشاكل اليقظة، والمشاكل المعرفية، وحالات الاكتئاب، حميعها ترتبط بقلة النوم والإرهاق، لأن تعرضنا لضوء أجهزة الكمبيوتر يعبث بالدورة الطبيعية لروتيننا اليومي، وهذا يسبب الكثير من المشاكل المختلفة.

تبعاً لـ(شافيتز) فإن تفحص الهاتف طوال الوقت أثناء تواجد الأشخاص مع أطفالهم، يمكن أن يوصل رسالة خاطئة إلى الأطفال مفادها أن أي شخص في العالم أكثر أهمية منكم، لذلك كيف يمكن أن نتوقع أن يستطيع الأطفال التواصل وإقامة علاقات حقيقية طالما أنهم لا يعلمون كيفية القيام بذلك.

ينصح أخيراً أن يقوم جميع الأشخاص بتخصيص يوم واحد في الأسبوع على الأقل كيوم للراحة والابتعاد عن العمل، وبذات الوقت الابتعاد عن التكنولوجيا والإنترنت بغية فسح المجال أمام الأشخاص لتمضية حياتهم الطبيعية وقضاء وقت أطول مع العائلة والأطفال والأصدقاء.