خبر إفتراء أو اصلاح ضروري .. اسرائيل اليوم

الساعة 09:34 ص|08 مايو 2015

بقلم

(المضمون: فيتقارير منظمة « كاسرو الصمت » يوجد بالتأكيد عدم فهم وظلم، لكن يجب عدم تجاهلها. إنها مثل المرآة التي يجب النظر فيها اذا أردنا الحفاظ على صفة الجيش الاكثر اخلاقية التي منحناها للجيش الاسرائيلي - المصدر).

هؤلاء الرفاق من « كاسرو الصمت » يثيرون الغضب، اسرائيليون يكرهون أنفسهم. هكذا يسمونهم. مفترون، الذين يجب تجفيف منابع تمويلهم. ولاسكاتهم الى الأبد، من اجل ألا يتم ازعاج الجيش الاكثر اخلاقية في العالم من قبلهم. من يريد مرآة، من يريد اصلاح. جيش الدفاع يعرف بالضبط اذا كان يجب القيام بالاصلاح وكيف يمكن القيام بذلك، إنه لا يحتاج الى كل اولئك الطيبين في احسن الاحوال وعملاء العدو في اسوأ الاحوال.

ليس بالضبط. يقوم « كاسرو الصمت » بتقديم خدمة حيوية لاسرائيل ويجلبون لمتخذي القرارات العسكريين والسياسيين معلومات عما يحدث على الارض في الاماكن التي لا يستطيعون جلب المعلومات منها وليسوا مجبرين على ان يكونوا فيها. هذه المعلومات يجب دراستها لأنه لا توجد طريقة افضل للحصول عليها. إنها ليست مقدسة، يوجد فيها بالتأكيد قدر من عدم الفهم أو فهم سطحي، ومن حين الى آخر ظلم، ولكن من الموصى به جدا لاعضاء المجلس الوزاري المصغر واعضاء هيئة الاركان دراستها بجدية واستخلاص النتائج منها – حتى اذا غضبوا منها أو أدانوها.

هذه المرة يتم الحديث عن تقرير « الجرف الصامد » الذي نشر من قبل المنظمة، ويحتوي على شهادات لستين ضابط وجندي في الخدمة النظامية والاحتياط عن مجريات العملية الطويلة هذه التي حدثت هنا في الصيف الماضي، يوجد فيه ظلم وسرور باطلاق النار، كما في كل حرب اخرى، ولكن يوجد فيه في الاساس اشارة الى مشكلة في المنظومة – نظرية تقول إنه يجب عدم تعريض جنودنا للخطر حتى لو كان الثمن باهظا من الاضرار بمواطني العدو الابرياء. هذه المقاربة تم التعبير عنها بصورة متطرفة اكثر مما في الماضي. في الاسابيع الطويلة لحر تموز – آب الاخير.

اذا ماذا كان لدينا؟ رئيس حكومة، خلافا لسلفه، لا يسارع في الضغط على الزناد وكان مستعدا للموافقة على وقف اطلاق النار حتى قبل بدء العملية وقبل أن تتم معالجة الانفاق؛ وزير دفاع حذر ومجرب؛ رئيس اركان اخلاقي ومسؤول. حماس استخدمت قذائف المدفعية والصواريخ وضربت اسرائيليين ابرياء وأنزلت سكان المدن الكبرى في اسرائيل الى الملاجيء، ولولا القبة الحديدية لكان من الممكن أن يقتل اسرائيليون كثيرون.

منظمة الارهاب هذه لم توافق على وقف اطلاق النار. اختبأت خلف المدنيين وداخل المستشفيات ومباني الامم المتحدة، ورغم ذلك فان هذه العملية التي كلفتنا عشرات الشهداء وتسببت للفلسطينيين بالآلاف ما زالت حتى الآن تشكل سببا لانتقاد قاس ضد دولة اسرائيل، وليس فقط من قبل اعدائنا. لم ينجح العالم في ادراك لماذا قتل هذا العدد الكبير من الفلسطينيين غير المشاركين خلال العملية. ولم ننجح في تفسير مستوى الدمار وعدد القتلى.

نيران حرة جدا

إن من يقرأ بتمعن تقرير « كاسرو الصمت » يمكنه ادراك ما حدث هنا. إن ما حدث في الاساس هو أن قادة كثيرون تركوا لجنودهم أن يفهموا أن هناك سماح بقتل فلسطينيين حتى لو لم يكن هناك سبب خاص للشك فيهم. شيء ما في تعليمات فتح النار تشوش، والمبدأ الذي هو ليس غير مقبول والذي بناء عليه حياة جنودنا أغلى من حياة مواطني العدو تم تفسيره كتصريح لاختراق الحدود في كل ما يتعلق بالمس بمواطني غزة.

من جانب آخر اعتقدت القيادة العليا أن سلوكا مثل « الطرق على السطح »، ضربة بسيطة نسبيا في سطح البيت من اجل جعل سكانه يهربون، بلاغات هاتفية تدعو للاخلاء الفوري وتوزيع منشورات تحذر من ضربات سلاح الجو، هذا الاعتقاد كان كافيا لتلبية المعايير الدولية للحرب في المناطق المأهولة. ولكن لا.

كثير من السكان لم يفهموا عم يدور الحديث. آخرون لم يتمكنوا من الخروج من بيوتهم، وغيرهم – شيوخ ومرضى – لم يستطيعوا الخروج من بيوتهم، وللكثيرين، ببساطة، لم يكن مكان يذهبون اليه في منطقة مكتظة جدا. من جانب آخر، فقد اعطت الطرقات على السطح تصريحا لضرب تلك البيوت بدون مراعاة القواعد المتبعة نظرا لأن الافتراض كان أن تلك البيوت فارغة. عندها دخلت البلدوزرات وأنهت المهمة حتى في الاماكن التي تبقى فيها اشخاص.

يوجد في الجيش الاسرائيلي تعليمات ثابتة تسمح باطلاق النار فقط بعد تشخيص وجود وسائل قتالية في أيدي المشتبه فيه. في عملية الجرف الصامد تم اطلاق النار على اشخاص كانوا ينظرون الى ما يجري من النوافذ بدون أي اشارات تشير الى وجود وسائل قتالية معهم. أحد الجنود يقول: « مع مواصلة القتال فقد اصبحت الموافقات اسرع. تعليمات فتح النار للجنود على الارض مع التقدم كانت اطلاق النار، الاطلاق الى كل مكان، لكن المهم أن تدخل. الافتراض – في اللحظة التي يدخلون فيها، فان كل من يجرؤ على اخراج رأسه فانه في الحقيقة مخرب ».

جندي آخر يبلغ عن محادثة مع القائد: « سألناه، أنا أرى شيئا ما يسير في الشارع، فهل أطلق النار عليه؟ قال: نعم. لماذا اطلق النار عليه؟ لأنه لا يجب ان يكون هناك. واضاف: يوجد سلاح، لا يوجد سلاح، لا يغير من الامر شيئا. التعليمات واضحة جدا، كل شخص تصادفه أنت تطلق النار من اجل القتل، هذه توجيهات واضحة ».

شخص آخر يقول: « كل الدبابات وقفت في صف واحد. أنا سألت قائدي: الى أين نطلق النار؟ قال لي: اختر ما يخطر ببالك. وبعد ذلك، من خلال محادثات مع باقي الزملاء، كل واحد بنفسه اختار هدفه، والقائد دعا ذلك: صباح الخير يا بريج ». في حادثة اخرى، بعد ضرب جنود الجيش الاسرائيلي، اقتبس قائد سرية وهو يقول: « يا رفاق، انتظموا، اصعدوا الى الدبابات ولنطلق رشقة نيران لذكرى الرفاق ».

كلما أخذت الاهداف في التقلص، وكلما تواصلت العملية ومعها قلة الانجازات، وكلما زاد الخوف من صورة انتصار حماس، تم تخفيض المستوى القيادي الذي يسمح باطلاق النار وزاد الاضرار بالمواطنين. المدفعية « مهدت » الاهداف التي اصيبت بصورة احصائية، أي بصورة غير دقيقة. بعد ذلك جاءت الطائرات التي دققت في اصاباتها، لكنها لم تستطع الامتناع عن التسبب بانهيار منازل في المحيط كنتيجة للقصف المتكرر.

إن صفة « الجيش الاكثر اخلاقية في العالم » منحناها لانفسنا مع وبدون بحث علمي مقارن. ربما. لقد اردت جدا تصديق ذلك. لكن اذا كان هذا تشخيصا دقيقا فانه غير ممنوح الى الابد. من اجل ان تحظى بصفة عليك ان تبررها في كل يوم من جديد. احدى الطرق للقيام بذلك هي تجديد نشاط اللجنة التي تم اعدادها لتجسيد الميثاق الاخلاقي للجيش الاسرائيلي، وأن توضح بصورة اكثر تقييدات المس بمواطني العدو.

ايضا بغض النظر عن الانتقاد الدولي علينا النظر الى انفسنا في المرآة، والمرآة التي تضعها امامنا هذا الاسبوع منظمة « كاسرو الصمت » لا تزيدنا فخرا.