خبر منطقة كارثة... معاريف

الساعة 09:29 ص|08 مايو 2015

بقلم

 

(المضمون: الجيش الاسرائيلي يتصرف هذه الايام وكأن الحرب القادمة على الابواب، لكن على ضوء التطورات في الشرق الاوسط فان احتمال ذلك منخفضا - المصدر).

          هل سيجلب الصيف، الذي يبدأ الآن، معه حربا اخرى؟ اسرائيليون كثيرون يخافون أن يكون هذا صحيحا، لكن الحقيقة هي أن احتمال اندلاع حرب في هذا الصيف، يبدو منخفضا. حزب الله غارق حتى عنقه في حروبه في سوريا ولبنان. حماس تخرج عن طورها في الاشارة الى أنها غير معنية بمواجهة اخرى. واذا خففت اسرائيل الحصار عن حماس فانها منفتحة لهدنة طويلة الامد. ايران ماضية لاتفاق مؤسف مع الغرب، ومن المؤكد أنها غير معنية باحباطه.

          ايضا الجيش الاسرائيلي يتصرف في هذه الايام وكأن الحرب على الابواب ويتدرب بوتيرة غير مسبوقة. فقط في الاسبوع الاخير أجري تمرين واسع لسلاح الجو، وتمرينين لألوية للخدمة الدائمة في الغور، تمرين للواء احتياط في هضبة الجولان واخيرا تم استدعاء 1500 من رجال الاحتياط لتمرين مفاجيء في الغور. اسبوع استثنائي جدا من حيث حجم التدريبات فيه، ولكن رئيس الاركان، غادي ايزنكوت، كان يريد أن تُرى كل الاسابيع كذلك – جيش لا يتوقف للحظة عن التدريب.

          الخوف من استمرار هجمات حزب الله ردا على مهاجمة سلاح الجو في سوريا في يوم الجمعة قبل اسبوعين، تضاءل. رجال سمير قنطار الذين خرجوا من القرية الدرزية خضر لوضع عبوة على الحدود تم اكتشافهم وتصفيتهم. يبدو أنه ليس لحزب الله حاليا متسع لمواصلة الانشغال بالثأر. لقد اكتشف في الاسابيع الاخيرة كم هي قصيرة البطانية التي يحاول شدها عن سوريا.

          الهجوم المضاد الذي أعد له مع جيش الاسد في هضبة الجولان كسر وتحول الى حرب دفاعية. المتمردون، رجال جبهة النصرة وجيش سوريا الحر، يتعقبون رجال الاسد وحزب الله الذين يتحصنون في مواقعهم في القنيطرة وفي شمال هضبة الجولان. هاتان المنظمتان بدأتا بضرب رجال شهداء مخيم اليرموك الذين انضموا مؤخرا لداعش، ويحققون ايضا هناك نجاحات.

          حزب الله الذي على مدى اسابيع طويلة أعد « هجوم الربيع » الخاص به على مرتفعات القلمون قرب الحدود السورية اللبنانية، اكتشف فجأة أنه خارج السياق. المتمردون هزموا الاسد في ادلب وحلب والآن يهددون ايضا الحصن العلوي في اللاذقية. حزب الله سارع في تحريك رجاله من اجل الدفاع عن ميناء اللاذقية وتلقى اصابات كثيرة في القلمون.

          ايضا الاسد نفسه، الذي طوال اسابيع شعر أنه قد نجح في تثبيت مواقعه في سوريا، لم يعد ينام جيدا. رجال داعش احتلوا الاحياء الشرقية في دمشق، وكل ليلة يمطرون منطقة القصر الرئاسي وحي المزة بالقذائف والصواريخ حيث تسكن النخبة الحاكمة في نظام البعث. الحرب في سوريا التي بدت ساكنة في السنة الاخيرة بدأت تأخذ منحى جديدا، والاسد موجود في منزلق لن ينجح في الصعود منه ثانية. في سوريا تنتشر شائعات عن هروب جماعي للعلويين من دمشق باتجاه الشاطيء. يصعب تأكيد ذلك، لكن الواضح هو أن عائلة مخلوف، عائلة والدة الاسد، تركت كلها تقريبا سوريا، وصوتت بأقدامها على الطريقة التي يدير بها الاسد الحرب.

          ايضا المحيط القريب من الاسد، تصدع: رستم غزالة، قائد الامن السياسي القوي في سوريا الذي تجرأ على توجيه انتقاد على التدخل الايراني المتصاعد في الدولة، تم ضربه بقوة من رجال الاستخبارات العسكرية، وبعد شهر من ذلك مات متأثرا بجراحه. رفيق شحادة، رئيس الاستخبارات العسكرية الذي أمر بضرب غزالة، عزل من منصبه. الشعور هو أن نظام الاسد موجود الان في فترة متقلبة، وأن نهايته آخذة في الاقتراب. حزب الله وايران سيفعلان ما في استطاعتهما للحفاظ عليه، لكن من المشكوك فيه أن يكون بامكانهما وقف التدهور.

          في اسرائيل يواصلون الحديث عن سوريا، لكن حان الوقت للاعتراف بحقيقة أنه لم يعد هناك كيان كهذا. سوريا كما عرفناها على خارطة الشرق الاوسط التي رسمها سايكس وبيكو في 1916، لم تعد قائمة ولن تعود لتكون. من الشمال الشرقي لنا هناك خليط من التنظيمات التي تدير كل منها حربها مع جاراتها وتحاول ادارة المنطقة التي تحت سيطرتها. سلاح الجو يُحدث هذه الايام اهدافه، ولقائمة اهداف النظام في سوريا وحزب الله اضيفت اهداف جديدة لتنظيم داعش وجبهة النصرة المتماثلة مع القاعدة. هؤلاء هم الجيران الجدد.

          ايضا العراق، كما عرفناه لن يعود ليكون الدولة التي كانت تحت حكم صدام حسين. من المشكوك فيه أن تقوم قوة تستطيع السيطرة على حدود العراق القديمة. وكذلك الامر في ليبيا. الهويات في الشرق الاوسط عادت لتكون تلك التي سيطرت عليه قبل مئة سنة: هوية عائلية، قبلية ودينية. باستثناء مصر يصعب ان تجد مجموعة عربية ذات هوية قومية واضحة.

       الصوت الامريكي

          لكن لا شيء مما يحدث هنا، من التقلبات وسفك الدماء، لا ينجح في زحزحة ولو بشكل بسيط الادارة الامريكية في سعيها للتوصل الى اتفاق مع ايران. إن زوج الاشرار الجديد، جون كيري ومحمد ظريف، بدآ باجراء لقاءات اسبوعية وبعد كل لقاء يخرج وزير الخارجية الايراني مع ابتسامة اكبر على وجهه. نظيره الامريكي، كما يبدو، بدأ في صياغة الخطاب الذي سيلقيه في احتفال تسلم جائزة نوبل. ايران التي هي في نظر معظم الشرق الاوسط المشكلة الاهم في المنطقة، تحولت في نظر ادارة اوباما الى الحل.

          هيلاري كلينتون، المرشحة الابرز للرئاسة من قبل الديمقراطيين، تحرص على التواجد على بعد آلاف الكيلومترات من الرئيس. هو فقط يمكنه أن يسبب لها الضرر. اوباما في المقابل سيكون عليه البدء من الآن في التفكير بها في سياسته وليس أن يبعد عنها الناخبين والمتبرعين اليهود. خلافا لاشارات سابقة فقد قال اوباما لعدد من مؤيديه اليهود إنه ينوي مع ذلك فرض الفيتو على قرار مجلس الامن للاعتراف بالدولة الفلسطينية. فيتو كهذا من شأنه عرقلة خطوات المقاطعة الاوروبية ضد اسرائيل.

          ما زال غير واضح تماما اذا كانت كلينتون ستحظى بترشيح الحزب للرئاسة. لكن رغم كونها موجودة منذ سنوات كثيرة في مراكز اتخاذ القرارات في الولايات المتحدة فانها ستعمل على تسويق نفسها كشخص جديد. كما أن ناخبي اوباما شعروا بأنهم جميلون ومتنورون عندما انتخبوا رئيسا اسود، ستحاول هيلاري أن تسوق لهم نفس الشعور، فقط هذه المرة مع امرأة.

          لهذا هناك اهمية دراماتية لمن سيقف أمامها من الحزب الجمهوري. جيف بوش، الذي يبدو أنه المرشح صاحب التجربة الادارية الاوسع، سيجد صعوبة في وضع نفسه كمن يقترح غدا جديدا ومختلفا، وسيكون سهلا على كلينتون في وصفه كرجل الامس المغروس في الادارات السابقة لوالده وشقيقه. في مقابله ماركو روبيو، السناتور من فلوريدا، المحافظ في آرائه وتنقصه التجربة الادارية، سيعرض على ناخبيه تجربة التصويت للمرة الاولى لرئيس من أصل امريكي لاتيني.

          في كل الاحوال، فان المنافسة في الحزبين الكبيرين ما زالت في بدايتها، وفيهما يتوقع حدوث صراع ليس بسيطا على منصب المرشح للرئاسة. اليهود الذين يؤيدون اسرائيل في الولايات المتحدة ومنهم عدد لا بأس به من الذين خاب أملهم من اوباما، لم يصوتوا بعد لمن سينتخبون. كلهم تقريبا يتفقون على شيء واحد: كل ادارة ستنتخب لن تكون اسوأ من الادارة الحالية لاسرائيل وللشرق الاوسط.