العسل بين المطبوخ والسكر والجهل

تقرير « ناكل زفت وليس عسل ».. رقابة ومختبرات غزة عاجزة!

الساعة 03:24 م|07 مايو 2015

فلسطين اليوم

يترقبُ أهالي قطاع غزة في مثل تلك الأيام من كل عام موسم جني العسل على« أحر من الجمر » للحصول على تلك المادة الدوائية والغذائية التي سخرها الله للإنسان والتي كرمها في أكثر من موضع بالقرآن الكريم.

إلا أن الغزيين يقعون فريسة للغش نتيجة جشع بعض النحالين الذين يمتهنون تلك النعمة لإدرار عوائد مالية كبيرة من خلال التلاعب في العسل، ومن جانب آخر يقعون فريسة للمرض عبر العسل الذي يقصدون فيه الدواء نتيجة جهل بعض النحالين في تربية النحل، والذي يؤدي لمضاعفات خطيرة على صحة الإنسان.

ويتنوع الغش في العسل بين « العسل المطبوخ »، والذي لا علاقة له بالاسم ولا يحوي ذرة عسل واحدة، والعسل القائم على السكر في نسب متزايدة وعالية وليس على رحيق الأزهار، ويهدف التجار من وراء ذلك لتحقيق عائد مادي كبير دون النظر إلى حرمة تلك الأفعال الشنيعة من النواحي الشرعية والقانونية بل والأخلاقية.

وتعرف الموسوعة العالمية ويكيبيديا عسل النحل على انه عبارة عن مادة دوائية وغذائية هامة تحتوي علي سكريات أغلبها أحادي وخمائر وأحماض أمينيه وفيتامينات متنوعة ومعادن، ويتم تصنيع العسل من رحيق الأزهار الذي تجمعه شغالات النحل من الأزهار المتنوعة والمنتشرة في حدود المرعي حول المنحل وبعد أن يتحول هذا الرحيق عبر عمليات الهضم الجزئي وتقليل الرطوبة إلى  سائل سكري يخزن في العيون السداسية وتختم عليها بأغطية شمعية.

ويعتبر منتوج العسل إحدى الموارد الاقتصادية التي يستفيد منها المواطنين في غزة.

هل في غزة عسل مطبوخ؟

تقنية « طبخ العسل » لا تدخل فيها ذرة عسل واحدة، وهي قائمة فقط على مواد كيماوية مصنعة، ويدخل فيها المحليات والروائح والأصباغ الضارة

الباحث الفلسطيني في علوم النحل ورئيس جمعية النحالين بقطاع غزة م. راتب سمور أوضح أن الهدف الأساسي من غش العسل من بعض التجار الجشعين هو تحقيق عائد مادي فقط دون مراعاة لأية ضوابط قانونية أو أخلاقية أو دينية.

سمور يؤكد لـ« فلسطين اليوم » أن بعض النحالين الغزيون يغشون العسل من خلال ادخال بعض المواد الروائح والأصباغ الضارة.

ويقول سمور:« هناك من يغش العسل بطريقة احترافية لدرجة أن المختبرات في غزة غير قادرة على كشفها، حيث أن هناك أناس مختصون في علم الكيمياء يأخذون السكر الثنائي الذي يتكون من جلوكوز وفركتوز، ويعملون على فصلها عبر درجة حرارة معينة ومواد تحليلية معينة على فصل العناصر للتناغم مع الخصائص الموجودة في العسل وهي فركتوز وجلكوز منفصلين » .

وأضاف :« فصل مركبات السكر فركتوز وجلوكوز كما هو موجود بالعسل الطبيعي يضيفون أصباغ على لون العسل، ورائحة الحمضيات الاصطناعية، وكمية من الماء العادي ».

ويشير سمور أن « العسل المطبوخ المغشوش » قد يدخل على خبراء في مجال العسل وتربية النحل، وان المختبرات في قطاع غزة عاجزة تمام العجز عن كشفها ، حيث أن المختبرات في غزة قادرة فقط على إظهار السمات العامة للعسل كنسبة الرطوبة والجلوكوز والفركتوز والسكروز، وعاجزة عن الكشف التفصيلي عن مكوناته. مؤكدا ان غزة ليست وحدها التي لا تمتلك مختبرات في هذا الامر وغنما كثير من الدول العربية لا تمتلك مختبرات لكشف هذا الامر إلا عبر مختبر وحيد موجود في ألمانيا.

ولفت الخبير في علوم النحل والعسل ان المواصفات والمقاييس في العسل المغشوش قريبة من النسب التي يحويها العسل النقي إلا ان الأول خالي تماماً من القيمة الغذائية ولا ينفع كدواء (لا يغني ولا يسمن من جوع)؛ مشيراً ان العسل المطبوخ المغشوش لا يؤدي إلى مضار صحية بقدر من انه يفقد القيمة الغذائية المطلوبة.

وأشار إلى أن نسبة العسل المغشوش كانت كبيرة في السنوات السابقة في الأسواق الغزية، قائلاً « قد يكون موجود الآن في الأسواق ولكن عسل السكر موجود في السوق وبكثرة ».

عسل السكر

وفي النوع الثاني من الغش، وفي مفهومه لغش العسل عبر  تغذية النحل على السكر وليس على رحيق الأزهار من المراعي البرية أوضح أن بعض النحالين الجشعين والجهلاء في علوم تربيته يعكفون على تغذية النحل على محلول سكروز أو سكر محول بكميات كبيرة لزيادة إنتاج العسل من المناحل.

النحالون الغشاشون يطعمون النحل سكر بكميات كبير، قبل و بعد التزهير لتحقيق إنتاج اكبر على حساب جودة العسل

وأكد سمور إلى أن تغذية النحل عبر السكر تُعتبرُ عنصر هام وخاصة في فترات عدم تواجد الأزهار وهو أمر مباح ولكن بكميات علمية قليلة في أوقات محددة، مشيراً ان مدى غش العسل بالسكر يعتمد على وقت وكمية السكر التي يضعها النحال.

وقال :« الأزهار في غزة محدودة لذلك يجب علينا وضع السكر، خاصة أن موسم التزهير في غزة يكون في أجواء باردة نسبياً بالنسبة للنحل فيكون لازماً على النحالين وضع محلول السكر لتنشيط النحل لمواجهة قساوة الجو ولتمكينهم من القدرة للخروج لجمع الرحيق ».

وأضاف :« النحال المتميز يحسب مدة التزهير ومتى يكون نحله أقوى ما يكون، ويحسب بدقة متناهية تلك المتغيرات، كما عليه حساب موعد نضوج الزهرة وحتى تفتحها مع دراسة الطقس، وبالتالي يضع السكر في كميات بسيطة ومقننة حتى لا تؤثر على جودة العسل.

وتابع : »المشكلة في النحالين الجشعين يطعمون النحل السكر بكميات كبير، قبل وبعد التزهير لتحقيق إنتاج اكبر على حساب جودة العسل« .

وقال : »لا شك ان هناك نحالون يسعون لإنتاج متميز من العسل، وهناك من يعمل فقط للتجارة، وهناك إمكانية لإنتاج كميات جيدة اقل وبيعها بأسعار مناسبة وبذلك يعوض الفارق عن العسل المغشوش« .

وحسب المقاييس الفلسطينية فإن نسبة السكر في العسل يجب أن تتراوح بين 4 – 8 وان الزيادة عن ذلك تعتبر مخالفة للمقاييس.

وأوضح في دراسة أعدها مسبقاً أن أربعة عوامل أثرت على إنتاج العسل وجودته وهي من وجهة نظره دفعت التجار إلى الغش لزيادة العسل، وهي إصابة النحل فايروس »الفاروة« .

والعامل الثاني يتلخص في تجريف الاحتلال لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي تعتبر مرعى للنحل ومكامن لغذائه، والثالث الزحف العمراني الكثيف في قطاع غزة والذي قضى على أماكن التزهير المطلوبة لتغذية النحل.

والرابع يتمثل في الظروف البيئية التي تؤثر سلباً على الإنتاج والتي من بينها أن موسم الربيع والتزهير في قطاع غزة يكون في ظروف جوية متقلبة وباردة الأمر الذي لا تستطيع المناحل مقاومتها.

هل هناك مواد كيماوية في المناحل؟

Checkmate مادة كيماوية خطيرة للغاية ولها أبعاد وانعكاسات صحية خطيرة على صحة الإنسان، موضحا انه تم إلغائها قبل نحو 3 سنوات .

كما وأشار الخبير سمور أن جهل بعض النحالين بالمعايير العلمية الدوائية المطلوبة في تربية النحل .

وقال:عدم اتخاذ النحالين للمعايير الصحية الدقيقة في التعامل مع أمراض النحل يهدد العسل؛ وبالتالي ينتقل للإنسان وقد تصيبه بأمراض خطيرة »، رافضاً الإفصاح عن تلك الأمراض لعدم إخافة العامة.

وأشار إلى أن جميع دول العالم تستخدم Checkmate ولكن بحذر وبمقاييس محددة, لافتاً أنه يعكف على تطوير علاجات طبيعية مستخلصة من الأعشاب العطرية كالزعتر والقرنفل والمرمية والشيح والثوم والنعنع« .

وبين أن فكرة علاج النحل بالإعشاب الطبيعية بحاجة إلى تطوير ودعم من وزارة الزراعة والجهات المختصة، مشيراً أن الأخيرة وافقت مبدئياً على إنشاء مركز أبحاث ودراسات خاصة بالنحل وتربيته.

خبير: نصيحتان للمواطنين لشراء العسل الجيد وهما الشراء من نحال ثقة أو عبر ثقة، أو الشراء بعد إجراء فحوصات مخبريه دقيقة

وأوضح سمور ان مواصفات العسل الجيد وفقاً للمقاييس الفلسطينية هي كالتي نسبة الجلوكوز (سكر العنب) 33%، ونسبة الرطوبة (ماء) 17%، ونسبة فركتوز (سكر الفواكه) (أحادي) 41%، ونسبة سكروز (ثنائي) (قصب السكر) اقل من 5%، ونسبة عناصر أخرى (كالسيوم – حديد أحماض- مواد معدنية) 4 %.

وتقدم سمور في نصيحتين للمواطنين لشراء العسل الجيد وهما الشراء من نحال ثقة أو عبر ثقة، أو الشراء بعد إجراء فحوصات مخبريه دقيقة على عينة عشوائية من الكمية في حال شراء كمية كبيرة.

مصدر حكومي: مختبرات غزة  تفتقر إلى الأجهزة والأدوات والطواقم المخبرية الدقيقة القادرة على الجزم في تشخيص صحة الأغذية في قطاع غزة

وتفتقر مختبرات قطاع غزة إلى الأجهزة والأدوات والطواقم المخبرية الدقيقة القادرة على الجزم في تشخيص الاغذية في قطاع غزة، ونتيجة »العقم« في المختبرات الحكومية والأهلية.

يفتقد قطاع غزة لدراسات مخبرية دقيقة فيما يتعلق بقياس نسبة الإشعاعات في قطاع غزة على الهواء والماء والتربة والغذاء والإنسان.

وذكر مصدر حكومي خاص لـ »فلسطين اليوم« ان قطاع غزة والأراضي الفلسطينية خالية من مختبرات علمية تحوي أجهزة متطورة كفحص الإشعاع في المكونات البيئية لاستخلاص مدى تأثيرها على الإنسان والأسباب الرئيسية لوجود الإشعاع في تلك المكونات، لافتاً أن المختبرات غير قادرة على البحث في تفاصيل التفاصيل للمنتجات، وهو ما أكده مصدر آخر لـ »فلسطين اليوم" ان الفحص المطلوب للعسل فقط موجود في دول مجاور قليلة او في المعامل الألمانية.

ولفت المصدر الحكومي أن قطاع غزة بحاجة إلى مختبرات علمية دقيقية, مشيراً ان الوزارة تفتقد إلى أجهزة مخبرية مختصة عديدة، وأنها تلجأ إلى معامل مخبرية بالضفة إلا أن الأخيرة تفتقد لتلك الأجهزة.

كلمات دلالية