خبر مهانة مشتعلة - يديعوت

الساعة 06:56 م|04 مايو 2015

فلسطين اليوم

مهانة مشتعلة - يديعوت

بقلم: داني أدينو أبابا

(المضمون: تقرير مباشر مع المتظاهرين في ميدان رابين في تل أبيب  - المصدر).

أكثر من أي شيء آخر خفت. وقفت هناك، محوط بابناء طائفتي الذين يصرخون ضد سنوات من القمع، بينما خطى الجياد تهز الارض تحت اقدامنا والغاز المسيل للدموع يحرق عيوننا، بعد ساعات وايام طويلة من الاحتجاج – وخفنا. خفنا من الشرطة، خفنا من العنف الذي انتشر كالنار في الهشيم – وخفنا بقدر لا يقل على مستقبل الدولة اذا لم نسمع صوتنا.

مظاهرات سليلي اثيوبينا على مدى ساعات ما بعد الظهر والمساء في مسارات ايالون، وان كانت أدت الى أزمات سير في أرجاء تل ابيب وغوش دان، ولكن حتى في ذروتها لم يكن يبدو ان الاحتجاج سيتحول الى اعمال شغب عنيفة والى صراع نازف بين المتظاهرين وافراد الشرطة. غير أنه، عندها، قبل وقت قصير من الساعة الثامنة مساء وصل الاف المتظاهرين الى ميدان رابين في تل أبيب. فبعد وقت قصير من فتح مسارات ايالون امام حركة السير، اغلق قسم من شارع ابن جبيرون وغيرها من الشوارع في محيط ميدان رابين – ومن هناك سرعان ما تدهورت المظاهرة.

التقدير الشرطي هو أن المظاهرة في الميدان كانت عفوية، غير مخططة. فلم يرفع طلب للتظاهرة في المكان ولم يصدر الاذن، ولكن هذه الحقيقة بحد ذاتها ما كان ينبغي أن تجعل الاضطرابات محتمة. وهكذا وقفوا على جانبي الميدان: من جهة مجموعة كبيرة من المتظاهرين الغاضبين المفعمين بغضب الاحتجاج في الايام الاخيرة وبحماسة سنوات طويلة من الظلم؛ ومن الجهة الاخرى سلسلة طويلة من أفراد الشرطة، أكثر من الف، يعتمرون الخوذات ومسلحون بوسائل عنيفة لتفريق المظاهرات. وبدا العنف في تلك اللحظات محتما، وسرعان ما بدأت الارض بالاشتعال.

« نحن لنا عنيفين »، هتف المتظاهرون ورفعوا ايديهم الى السماء. « نحن لا نريد عنفا، نحن نعبر عن الالم ». غير ان في هذه المرحلة خرجت الاحداث عن السيطرة: فقد رشقت الحجارة في كل صوب، وبعدها طارت الى الهواء، قناني الزجاج، حاويات القمامة بل ودراجات نارية كانت واقفة في الشارع وكذا حطم زجاج السيارات الواقفة. وكان الرد الشرطي عنيفا بقدر لا يقل: فقد اندفع الفرسان على الجياد نحو الجموع بلا انذار في محاولة لتفريق المظاهرة، بينما اطلقت في الخلفية قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وشاحنات رش المياه تشق طريقها نحو مركز الاحداث. المتظاهرون، من جهتهم، واصلوا الاحتجاج وحاولوا اقتحام مبنى بلدية تل أبيب الذي يشرف على الميدان.

وعندها قلب المتظاهرون سيارة دورية للشرطة كانت تقف عند زاوية شارعي ابن جبيرون وفريشمان. وكان هذا العمل الاكثر عنفا الذي شهده ميدان رابين أمس، ولكنه كان يمثل احداث الاحتجاج أكثر من أي شيء آخر – وبقيت سيارة الشرطة هناك لدقائق طويلة، مقلوبة، كشاهد على عنف الاضطرابات التي حاطت من كل الجهات.

لقد كانت المشاهد غير مسبوقة من الشغب العنيف في قلب لباب تل أبيب، واستكملت الاصوات اجواء الحرب – بينم صخبت قنابل الصوت لتصم الاذان وضجت مراوح الطائرات المروحية في الاعلى. وبدأت بؤرة الاحتجاج بالاتساع. فقد اندفع المتظاهرون الى الشوارع الجانبية ولحقهم افراد الشرطة. الجياد، تحت تأثير احداث العنف ورشق الحجارة، فزعت فأضافت الى اجواء الفوضى العامة التي ألمت بالمنطقة. « دولة شرطة » هتف المتظاهرون واضافوا سلسلة من الشتائم نحو افراد الشرطة وهم يحاولون صدهم – اما افراد الشرطة من جهتهم فردوا بيد شديدة في محاولة لقمع اعمال الشغب. وتحول مبنى البلدية الى غرفة حرب: في احدى الغرف في الطابق الاسفل كان يعالج الجرحى، سواء من الشرطة أم من المتظاهرين. وفي غرفة اخرى كان يحقق مع المعتقلين الذين اشتبه بهم بقيادة العنف وبالاعتداء على أفراد الشرطة.

بعد نحو ساعة عندما ملأت صافرات سيارات الاسعاف السماء بصوتها، بدأ الاحتجاج يخبو. 41 شخصا اصيبوا – من الشرطة والمتظاهرين – واعتقل 26 متظاهرا. ولكن حتى بعد أن هدأت الخواطر قليلا، فان قسما كبيرا من المتظاهرين لم يتركوا المنطقة. فقد بقي المئات منهم يصرخون ضد التمييز المستمر، وضد قمع الاحتجاج بوسائل غير مناسبة لم تستوجب يد شرطية قاسية بهذا القدر. ومع ان العنف هدأ قليلا في هذه المرحلة، مع حلول منتصف الليل، وقوات الشرطة الكثيرة الذين وصلوا الى المكان نجحوا في منع اتساع المظاهرة الى شوارع اخرى  - الا ان الاحتجاج بدا بعيدا جدا عن نهايته.