خبر « إسرائيل »: حرب عنصرية تجاه اليهود الأثيوبيين

الساعة 08:15 ص|04 مايو 2015

فلسطين اليوم

يشهد الشارع الإسرائيلي هذه الأيام حربا من نوع خاص، وقودها أصحاب اللون الأسود من اليهود، وتحديدا اليهود الإثيوبيين ،الذين بدؤوا تحركا ضد هذه الحرب بالتظاهر أمس في تل أبيب، احتجاجا على ما يواجهونه من عنصرية في الشارع الإسرائيلي، بدأت منذ أن وصل فوجهم الأول قبل ثلاثة عقود. وتفجّرت قضيتهم من جديد، بعد نشر شريط لعنصرين من الشرطة ينهالان على جندي إسرائيلي من أصل أثيوبي، دون سبب يبرر ذلك العنف، سوى لونه، حسب ما قاله الجندي لاحقا لوسائل الإعلام.

وشارك في المظاهرة حشد ضخم من المتظاهرين، ما أجبر الشرطة على اغلاق شوارع مركزية. وفي خطوة استثنائية، أصدرت السفارة الأميركية في تل أبيب بيانا، دعت فيها المواطنين الأميركان المقيمين في إسرائيل، الى عدم الاقتراب من المظاهرة. وفي المقابل، بلغ الحرج في الحكومة الإسرائيلية أمس، ذروته، في أعقاب انتشار تقارير واسعة في العالم عن أوضاع الأثيوبيين اليهود. ومن المفترض أن يعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليوم الاثنين، جلسة طارئة، بحضور قادة الطائفة الاثيوبية، لبحث الأوضاع الناشئة.

وانتشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة شريط مصور لاثنين من عناصر الشرطة الإسرائيلية ينهالان على الجندي الأثيوبي ركلا وبوحشية، دون أي مبرر. وقال الجندي في تصريحات نشرها في صفحته على شبكة الفيسبوك، إنه تعرض للضرب، فقط بسبب لونه، « وهذا ما يواجهه كل أبناء طائفتي ».

وكان أبناء الطائفة الأثيوبية، قد تظاهروا مساء الخميس في تل أبيب، احتجاجا على العنصرية ضدهم، وهاجمت الشرطة الإسرائيلية المتظاهرين بوحشية، مستخدما كل ادوات قمع المظاهرات، واعتقلت 14 شخصا منهم. وتبين لاحقا، أن جيش الاحتلال منع الجندي من المشاركة في المظاهرة، التي جرت تضامنا معه، ومع كل ضحايا العنصرية الإسرائيلية.  وقال موقع « والا » الإسرائيلي الإخباري، إن بحث جرى في الشرطة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، حذر من أن مسألة التعامل مع الأثيوبيين اليهود، يعود ليس فقط لخلل في توجهات عنصر الشرطة، بل لخلل في المجتمع ككل، حسب تعبيرالتقرير، الذي لا يعترف بالعنصرية المتجذرة في الشارع الإسرائيلي، بفعل الفكر الصهيوني العنصري.

ويصل عدد الاثيوبيين اليهود المهاجرين الى إسرائيل قرابة 150 ألفا، وصل الفوج الأول منهم، في حملة سرية في العام 1982، تواطأ فيها من كان رئيسا لأوغندا عيدي أمين، ورئيس السودان الأسبق جعفر النميري، ووصل منهم في تلك الحملة بضعة آلاف، إلا أنه في سنوات التسعين وحتى سنوات الألفين الأولى بلغ عدد المهاجرين قرابة 120 ألفا.

ولم تعترف الصهيونية على مدى عقود بيهودية أولئك الأثيوبيين، وبدأت الالتفات لهم فقط بعد أن وصلت الهجرة اليهودية الى إسرائيل في سنوات الثمانين الى الحضيض، أقلق الحركة الصهيونية ومعها إسرائيل. إذ رأت المؤسسة الحاكمة أن الاثيوبيين من شأنهم أن ينافسوا فلسطينيي 48 بمعدلات الولادة، ويحافظوا على الفجوة القائمة بين اليهود والعرب، في النسبة المئوية من السكان. وبغض النظر عن الموقف من الهجرة الى فلسطين، إلا أن تعامل الحركة الصهيونية مع الأثيوبيين، يعكس عمق عنصريتها، فبعد أن وصلت معدلات الهجرة، وأعدادها الى ما يسد حاجة الصهيونية في هذه المرحلة، توقفت هجرة الأثيوبيين، ولم تنفع كل احتجاجات الأثيوبيين الذين هاجروا من قبل، مطالبين باستقدام أبناء عائلاتهم، الذين بقوا في أثيوبيا. 

وعلى الرغم من مضي 32 عاما على بدء هجرتهم، وأكثر من 14 عاما على وصول آخر الأفواج الكبيرة، إلا أن ال

اثيوبيين اليهود ما زالوا يعانون من عنصرية المجتمع الاسرائيلي،  إلى جانب بعض الاستثناءات القليلة جدا، تظهر هذه العنصرية  جليا في استطلاعات الرأي التي تصدر بين الحين والآخر، عندما ترفض مثلا الغالبية الساحقة من اليهود أن يسكنوا في بنايات يعيش فيها اثيوبيون، أو أن يتعلم أبناؤهم في صفوف ومدارس يتعلم فيها أطفال اثيوبيون، وكذلك الأمر بالنسبة للمتنزهات وغيرها.

كذلك فإن فرص العمل الأكبر التي أمامهم تتركز بالأساس في أعمال النظافة والنقل، وخدمة البيوت والمؤسسات، إذ دل مسح قبل عدة سنوات على أن 90 % من العاملات الاثيوبيات يعملن في مجال النظافة والخدمة، وقد تراجعت هذه النسبة لاحقا بقليل. كذلك فإنهم يعانون من نسب مرتفعة جدا من البطالة والفقر.

ويقول بحث لمركز إسرائيلي يعنى بالقضايا الاجتماعية « أدفا »، إن هؤلاء المهاجرين ما يزالون يعانون من تمييز عنصري في المجتمع الإسرائيلي في سوق العمل، على الرغم من ان التقرير يتحدث عن بعض التقدم، إلا ان الجو العام في الشارع الإسرائيلي يعكس صورة أخرى، تؤكد على استفحال التعامل العنصري والنفور من مجموعات المهاجرين الاثيوبيين، نظرا للون بشرتهم وعاداتهم وغيرها تصل إلى حد الاستعلاء الأشكنازي والحديث عن مستوى نظافة وغيرها.