خبر الزراعة في الفضاء تحقق خطوة جديدة نحو الأمام

الساعة 06:08 م|01 مايو 2015

فلسطين اليوم

قترب مشروع رفد المستعمرات الفضائية بالمنتجات الزراعية الطازجة خطوة جديدة ليتحقق ويصبح أمراً واقعاً، فبعد أن جاءت نتائج تجربة ناسا (Veg-01) من محطة الفضاء الدولية، وبينت بأن التجربة نجحت نجاحاً باهراً في زراعة الخس الأحمر، يستعد الآن رواد الفضاء للمهمة الثانية في الزراعة الفضائية.

في الشهر الماضي، تم الإعلان عن أسماء 100 شخص من المرشحين النهائيين من أصل 200,000 كانوا قد تقدموا لبعثة المريخ التي ستنطلق في اتجاه واحد من الأرض نحو الكوكب الأحمر بعد عشر سنوات فقط من الآن، وعلى الرغم من أن هذا الخبر قد يبدو وكأنه أحد الأخبار الكثيرة التي نسمع عنها ولكننا لا نتوقع أنها ستتحقق أبداً، إلّا أن إنجاز هذه المهمة أصبح قريباً جداً، ولذلك لا بد من توفير الطعام لهؤلاء الأشخاص الذين سيذهبون بتلك الرحلة المثيرة.

لحسن الحظ، فإن هناك الكثير من العلماء الذين يقضون أيامهم في التفكير بالكيفية التي سيقوم من خلالها البشر الذين سيسكنون على المريخ من تدبير أمورهم، وبشكل خاص كيفية الوصول إلى طريقة يمكن من خلالها توفير الغذاء لهم دون الحاجة لاستيراد كل حبة قمح من الأرض وإلقاءها على كوكب لا يحتوي على الماء ويبعد عنا 140 مليون كيلومتر، فإلى جانب الكمية الكبيرة التي سيتطلبها ذلك الأمر من الوقود والوقت، فقد أفاد العلماء منذ فترة بأن إمكانية توفير الغذاء لـ9 مليارات نسمة سيكون بمثابة تحدي بحلول عام 2050 هنا على الأرض، فكيف سيكون الحال مع وجود أشخاص آخرين على كوكب آخر.

عند بداية إطلاق تجربة (Veg-01) في العام الماضي، كان الباحثون يأملون بأن تساعد نتائج هذه التجربة السكان المستقبليين للكواكب الأخرى على زراعة غذائهم في ظروف لا توفر ما تحتاجه النباتات لتنمو، مثل الأكسجين والماء والضوء – على سبيل المثال لا الحصر- ولكن النتائج التي أظهرتها تجربة (Veg-01) كانت واعدة وبعيدة المدى على حد سواء.

يشير رائد فضاء وكالة ناسا الدكتور (ستيفن سوانسون)، وهو المسؤول عن المشروع على محطة الفضاء، إلى أن المساحة تعتبر من الأمور الثمينة في الفضاء، وبالتالي فإن جميع المعدات التي سيتم استخدامها في هذه التجربة يجب أن تكون بسيطة وقليلة الكتلة وتستخدم قدراً يسيراً من الطاقة، كما أن الغرفة التي يتم زراعة النباتات فيها – وهي غرفة مزودة بجدران شفافة – تحتوي على “وسادات” لتنمو عليها النباتات، وهذه الوسادات تحتوي على مواد تساعد على النمو تشبه التراب وحبيبات من الأسمدة الرمادية التي تعمل على إطلاق المواد الغذائية التي تحتاجها النباتات للنمو ببطء.

سقف غرفة الزراعة مزود بأضواء حمراء وزرقاء لمساعدة النباتات على النمو – وهما اللونان الأكثر أهمية بالنسبة للنباتات لتزهر وتنمو- وبعض الأضواء الخضراء بهدف جعل لون النباتات أخضر، فلولا هذا الضوء ستبدو النباتات بنية اللون، حيث أن لونها الطبيعي سيتم إزالته من قبل اللون الأحمر والأزرق، كما أن هناك مراوح تدوّر الهواء داخل الغرفة، وهو ذات الهواء الذي يتنفسه رواد الفضاء، وتعمل جدران الغرفة أيضاً على إبقاء البيئة الداخلية رطبة قدر الإمكان.

في الفضاء، يتجمع الماء على شكل كرات بدلاً من أن ينشر على السطح، لذلك يجب أن يتم سقاية النباتات من خلال أنابيب الري بالتنقيط التي يتم إدخالها عبر المواد المساعدة على النمو، وتكون أنابيب الري بالتنقيط هذه متصلة إلى خزان رئيسي كبير من الماء، وبالتالي فإن كل ما على رائد الفضاء القيام به هو إعادة ملئ خزان المياه الرئيسي كل بضعة أيام، بدلاً من سقاية النباتات كل يوم.

لم يُسمح بعد لرواد الفضاء بتناول الخس الذي تم تنميته في الفضاء حتى الآن، فعلى الرغم من القسوة التي تعتري الطلب من رواد الفضاء بأن يقوموا بزرع وحصاد الخضراوات الطازجة ومع ذلك الامتناع عن تناولها، إلّا أنه لا بد من نقل الخس أولاً إلى الأرض لإجراء بعض الاختبارات عليه للتأكد من أنه صالح تماماً للاستهلاك، وتبعاً للمتحدثة باسم مختبر التطوير في ناسا (جويا ماسا) وأحد العلماء المشاركين في المشروع، فإنه من الصعب أن تقوم بغسل يديك في الفضاء، لذلك سيكون غسل الخس أمراً أكثر صعوبة، ومن المؤكد بأن الإصابة بمرض الإكولاي أو السالمونيلا في الفضاء سيكون أسوأ مما يمكن أن يكون عليه على الأرض.

للتأكد من سلامة الخس، قام (سوانسون) بتجميده وإرساله مرة أخرى إلى الأرض على متن مركبة (SpaceX) في أواخر شهر تشرين الأول الماضي، وقد تبين أن الخس آمن تماماً للاستهلاك، وحالياً تسعى ناسا للحصول على الإذن ليتمكن رواد الفضاء من تناول الخس الذي سيحصلون عليه في حصادهم القادم، حيث أن هناك المزيد من الوسائد التي تحتوي على بذور الخس الأحمر على متن المركبة، وتأمل ناسا أن تقوم مركبة (SpaceX) التي من المقرر انطلاقها مبدئياً في النصف الثاني من عام 2015 – بحمل وسائد تحتوي على بذور الكرنب الصيني، الذي تم اختياره لسهولة زراعته وتنميته.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أن الآثار المترتبة على مشروع (Veg-01) تمتد إلى ما هو أبعد من المريخ، حيث أن تطوير تكنولوجيا للزراعة في المساحات الصغيرة هنا على الأرض قد يكون بمثابة قفزة هائلة في مجال التغذية لتحقيق الأمن الغذائي لـ9 مليارات نسمة بحلول عام 2050.