خبر قوة الذراع السياسي -هآرتس

الساعة 11:53 ص|01 مايو 2015

فلسطين اليوم

قوة الذراع السياسي -هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون: الذراع العسكري لحماس يعارض، ولكن القيادة السياسية تعلم بشكل غير مباشر على بلورة وقف طويل المدى للنار مع اسرائيل مما سيسمح لنتنياهو بان يعرض الحرب في الصيف كنجاح ويعطل قناة المفاوضات السياسية مع ابو مازن - المصدر).

بعيدا عن اهتمام الجمهور الاسرائيلي، تتبلور هذه الايام بالتدريج الشروط التي يمكنها في ظروف معينة أن تسمح بانعطافة هامة في الساحة الفلسطينية. فالاتصالات غير مباشرة بين اسرائيل وحماس على وقف نار بعيد المدى في قطاع غزة، والتي تبلغ عنها اساسا وسائل الاعلام العربية، كفيلة بان تنضج اخيرا لتصبح اتفاقا. مثل هذه التسوية، اذا ما تحققت، ستؤثر بشكل واضح على ميزان القوى والعلاقات في المثلث الذي بين اسرائيل، حماس والسلطة الفلسطينية وستؤثر ايضا على العلاقات الوثيقة بين اسرائيل ومصر.

تجري الاتصالات للتسوية بالتوالي منذ بضعة اشهر. وحسب ما نشر يعمل في هذا الشأن عدد كبير من الوسطاء بمن فيهم مندوبون من الامم المتحدة، من اوروبا ومن قطر. وما بدأ اساسا كمبادرة من روبرت سيري، المبعوث السابق للامين العام للامم المتحدة الى المنطقة، يجري الان في سلسلة من القنوات التي مدى التنسيق بينها جزئي. والنية هي انتزاع التزام من حماس، وربما مرفقة بضمانات من جهات اخرى، للانضمام الى وقف نار انساني والامتناع عن أي اعمال عدائية ضد اسرائيل في القطاع على مدى فترة كفيلة بان تصل الى 3 حتى 5 سنوات. وبالمقابل، يفترض باسرائيل أن توفر تسهيلات اقتصادية هامة للقطاع وتخفيف الحصار. وفي المستقبل، وان كان يبدو هذا الان كامكانية معقوليتها متدنية، فان اسرائيل كفيلة بان تفكر من جديد بخطوات كان سبق ان رفضتها بعناد في الماضي، كاقامة ميناء بحري في غزة برقابة خارجية.

وكما كتب هنا قبل اسبوعين، فان مثل هذه الفكرة كفيلة بان تغري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لانها ستسمح له بان يعرض الحرب في غزة في الصيف الماضي كانجاز بعيد المدى، بدلا من مهامة غير منتهية وجد موضع خلاف، مثلما تبدو هي الان. وكما دافع ايهود اولمرت في نظرة الى الوراء عن اعتباراته في حرب سيئة بلا قياس، حرب لبنان الثانية، بالتباهي بسنوات الهدوء على الحدود الشمالية منذ 2006، يمكن لنتنياهو أن يبرر في نظرة الى الوراء خطواته في غزة باعتبارات مشابهة وان يشرح بان موافقة حماس على وقف نار طويل المدى تعكس نجاح الجيش الاسرائيلي في المعركة.

مع تسوية غير مباشرة في غزة، فان حكومة نتنياهو الجديدة لن تكون مطالبة بتنازلات مبدئية لحماس، باعتراف عملي بها  (لا تريده المنظمة على الاطلاق) أو بانسحاب من اجزاء من الوطن. وأكثر من هذا: فمن خلال التسوية مع حماس، سيحاصر نتنياهو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) من اليمين وسيتمكن من صد بعض من الادعاءات في الساحة الدولية في أن اسرائيل لا تفعل شيئا في القناة الفلسطينية. وفي رؤية اوسع، اذا ما شخص نتنياهو التحدي في الجبهة الشمالية مع حزب الله بانه التهديد الامني الاخطر، ومعقول ان يكون من شأن التهديد ان يتصاعد في السنوات القريبة القادمة ليصل حتى الى حرب، فان وقف نار طويل المدى في غزة يعفيه بشكل مؤقت من وجع رأس مقلق ويسمح للجيش الاسرائيلي أن يركز على المواجهة القاسية وذات الاحتمالات الاعلى في الاشتعال.

بقدر ما يمكن اخذ الانطباع، فان القيادة السياسية لحماس في غزة تميل الى تأييد مثل هذه التسوية. فبعد ثلاث حملات عسكرية خلفت فيها اسرائيل دمارا فظيعا في القطاع في غضون خمس سنوات ونصف، مشكوك جدا أن تكون لدى اسماعيل هنية ورجاله رغبة في جولة قتالية اخرى في الزمن القريب القادم. يخيل أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للمنظمة في الخارج، والذي اتخذ خطا متصلبا على مدى الحرب في العام الماضي، لطف هو الاخر نهجه بعض الشيء. وللتقارب الملموس بين الذراع السياسي في حماس والسعودية كفيل بان تكون صلة بذلك. وفي هذه اللحظة يبدو أن حماس مستعدة لان تقبل بشروط الاتفاق اكثر من اسرائيل. ففي جهاز الامن هناك من يعتقد بانه يمكن مواصلة العمل في اطار الوضع القائم مع تغييرات طفيفة وعدم تكبيد اسرائيل بالتزامات اشد. على أي حال، فان العوائق لا تزال كثيرة. فالسلطة الفلسطينية تعارض بشدة خشية صعود قوة حماس على حسابها واستمرار الجمود في قناة الاتصالات بينها وبين اسرائيل. كما أن التغطية العدائية للاتصالات بين حماس واسرائيل في الصحف في رام الله تشهد على ذلك. ففي الضفة يتهمون حماس بالاستعداد للتخلي عن مطلب حل القضية الفلسطينية وبالتسليم العملي للفصل الاسرائيلي القسري بين الضفة والقطاع. مصر هي الاخرى، التي تعيق مؤخرا اجراء قضائيا للاعلان عن حماس كمنظمة ارهابية غير قانونية في نطاقها لا تزال تشك في نوايا المنظمة الفلسطينية.

ولكن العقبة الكأداء الاساس تبقى الذراع العسكري لحماس. فقد بلغ مراسلو الشؤون العربية في الصحف الاسرائيلية أول أمس عن عودة محمد ضيف، رئيس الذراع الذي نجا في اثناء الحرب من محاولة اغتيال اخرى من اسرائيل، الى ما يبدو كنشاط كامل. فطموح ضيف هو الذي جر حماس واسرائيل الى الاشتعال السابق، حين أعد مع رجاله عملية من خلال نفق في منطقة كرم سالم. وادى احباط الجيش والمخابرات للعملية المخططة، في بداية تموز الماضي الى التدهور والتصعيد. ولما كان الذراع العسكري يعيش قطيعة عن القيادة السياسية وبالمقابل استأنف علاقاته مع ايران، فيمكن التقدير بثقة بانه ليس متحمسا من امكانية الهدنة طويلة المدى. وعليه، فكلما نضجت الاتصالات لوقف النار، هكذا ازدادت ايضا الاحتمالات في أن يخالف الذراع العسكري القيادة السياسية للمنظمة ويبادر الى عملية اخرى، كي يضمن الا يتبلور اتفاق غير مباشر مع اسرائيل.

والان ايضا ينشغل الذراع العسكري في جهد واسع لاعادة بناء قدراته التنفيذية، التي تضررت بقدر لا بأس به في الحرب وتقلصت ايضا بسبب الخطوات المصرية لوقف تهريب السلاح الى القطاع. وتنتج حماس في القطاع الصواريخ الى مسافة مختلفة، في عملية سريعة ولكنها تصطدم بالمصاعب لاستعادة قدرة الاسلحة ذات المواصفات التي كانت تهربها ايران اليها في الماضي. وفي مجال آخر، توجد لها مصاعب اقل: اعادة بناء شبكة الانفاق الهجومية التي نجحت المنظمة في استغلال قدرتها جزئيا فقط في الحرب في العام الماضي. وبغياب الكثير من البدائل الاخرى، معقول الافتراض بانه في حالة الاشتعال المتجدد، ستعود حماس الى الهجوم من الانفاق، حتى لو قدر قادتها بان اسرائيل مستعدة اليوم الى هذا التحدي بشكل افضل.