خبر عملية عسكرية في لبنان: يجب الصمود أمام الاغراء - اسرائيل اليوم

الساعة 11:42 ص|01 مايو 2015

فلسطين اليوم

عملية عسكرية في لبنان: يجب الصمود أمام الاغراء - اسرائيل اليوم

بقلم: يعقوب عميدرور

(المضمون: الهجوم الاستباقي هو خيار مغرٍ إلا أن الصعوبات التي ستواجه اسرائيل على الصعيد الدولي ستكون كبيرة و لن يسمح لها بشن حرب طويلة المدى، لهذا فيجب الاحتفاظ بهذا الخيار و عدم استخدامه إلا عند الضرورة القصوى - المصدر).

بعد الاشاعات عن هجوم اسرائيلي في سوريا خلال الاسبوع الماضي، قيل إن الهجوم المنسوب لاسرائيل تم القيام به من اجل منع نقل وسائل قتالية متطورة الى أيدي حزب الله. محللون طرحوا سؤال حول أهمية الهجوم، حيث أن المنظمة الشيعية لديها، حسب المعلومات المنشورة، أكثر من 100 ألف قذيفة وصاروخ، وكذلك ما هي الفائدة اذا كان الامر كذلك من تدمير بضع عشرات من الصواريخ الاخرى؟ إن تلك هي في النهاية نقطة في بحر، اذا لماذا نتورط في تدهور للاوضاع اذا كانت الفائدة قليلة الى هذه الدرجة.

التفسير لذلك أعطي من قبل جهات مختلفة، وأساسه هو أن اسرائيل تشغل قوتها الجوية فقط عندما يدور الحديث عن معدات استثنائية، حسب مصادر اجنبية، مثلا معدات دقيقة جدا أكثر من سابقاتها أو صواريخ بعيدة المدى بشكل خاص أو أي تهديد آخر من شأنه أن يكون مختلفا بصورة جوهرية عن السلاح الذي يتسلح به حزب الله بشكل عام (سلاح يكسر التوازن). يمكن الافتراض أنه في حالات كهذه فقط تقوم اسرائيل بكل ما تستطيع لمنع عملية النقل ولهذا فهي مستعدة للمخاطرة بتلقي رد من منظمة الارهاب اللبنانية.

حسابات المخاطرة للرد ترتكز على معرفة عميقة استخبارية عن المنظمة وكذلك استنادا لعبر حرب 2006. في اعقاب الثمن الذي دفعه نصر الله فانه حذر جدا لأنه لا يريد العودة الى ما كان حينئذ. اضافة الى ذلك اليوم وضعه أكثر تعقيدا نظرا لتدخل منظمته للحرب في سوريا، ونظرا لأن قواته منقسمة على جبهتين.

حزب الله لا يستطيع ترك جهوده الكبيرة في سوريا رغم الثمن الذي يدفعه من حياة رجاله وبذله طاقة كبيرة في تلك الجبهة الى الدرجة التي تقلل حرية نشاطه أمام اسرائيل. كل هذا لأن الحفاظ على نظام بشار الاسد هو بالنسبة له مسألة حاسمة. اذا سقطت سوريا في أيدي السنة فان حزب الله سيقف أمام تحدي وجودي وستكون معاقله في لبنان تحت تهديد هجومي دائم.

بدون الجبهة الداخلية السورية، التي تخدم احتياجات بناء قوة حزب الله بكونها جسر باتجاه ايران ومصدر للوسائل القتالية، سيصعب على حزب الله الدفاع على ما بني على يديه بجهد كبير في لبنان. كما هو مفهوم فان وضعا كهذا بصورة مؤكدة سيمنع التنظيم من أن يتقوى في المستقبل. حزب الله يحارب في سوريا ومن بين أمور اخرى لأن مصيره مرتبط بصورة وطيدة بمصير النظام العلوي.

يمكن الافتراض بأن دروس 2006 والحاجة الى الاستثمار في سوريا يحرك نصر الله للرد بحذر شديد أو عدم الرد بتاتا عندما ستهاجم اسرائيل سوريا. ايضا حتى لو كانت الاهداف تعود الى منظمته. نصر الله أوضح انه سيرد على أي هجومات في لبنان بصورة مختلفة، ولكن في الحادث الوحيد الذي كان في السياق اللبناني (جهاز تنصت، الذي حسب اقوال حزب الله كشف في لبنان عندما توجهوا للتعامل معه، انفجر وقتل عددا من اعضاء منظمته) – ردت منظمته بحذر شديد، في القطاع الشرقي لمنحدرات جبل الشيخ.

ايضا عندما تم الادعاء بصورة مكشوفة تقريبا بأن اسرائيل ضربت قادة كبار من حزب الله وايران في هضبة الجولان رد التنظيم بنفس الدرجة من الحذر.

استخدام نادر

من الجانب الثاني يسأل سؤال ليس أقل اهمية: لماذا اسرائيل لا تبادر الى هجوم على حزب الله؟ ماذا تنتظر؟ لماذا لا تستغل الضعف المؤقت للمنظمة التي تمتد قواته على جبهتين من أجل المس به قبل أن يكون مستعداً بصورة أفضل؟ هذه أسئلة مشروعة.

في الماضي قامت اسرائيل بخطوات كهذه والذي يسمونها باللغة المهنية (هجوم استباقي) أي استخدام القوى العسكرية قبل وقت قصير من إنهاء العدو لاستعداداته أو قبل أن يتقوى بصورة فعلية.

الأفضلية في هجوم من هذا النوع واضحة. المفاجأة تمكن الجيش الاسرائيلي من توجيه قدراته على خلفية استخبارات أفضل قبل أن يغيير العدو انتشاره، و يمكن الهجوم من « الإمساك » بالعدو و هو أقل استعداداً و التسبب له بأضرار أكبر مما لو كان مستعداً.

من ناحية عسكرية يغطي الهجوم الاستباقي أفضلية كبيرة. المهاجم يختار زمن الهجوم و أهدافه حسب حاجاته مع القليل جدا من الضغوطات، و مع هذا فإن الهجومات الوقائية نادرة في الساحة الدولية خاصة بعد الصعوبات غير العسكرية التي تواجه المهاجم بشكل عام.

اسرائيل شنت طوال تاريخها فقط مرتين حرباً استباقية. في سنة 1956 شنت عملية قادش مستغلةً الظروف الخاصة التي وجدت، مع رغبة بريطانيا و فرنسا لاسقاط الرئيس المصري جمال عبد الناصر، و نظراً أن القيادة العامة خاصة موشيه ديان خافوا من أن تتقوى مصر في أعقاب صفقة السلاح الكبرى التي وقعتها مع تشيكوسلوفاكيا.

المرة الثانية كانت في 1982 عندما شنت اسرائيل حرب ضد منظمة التحرير في لبنان ( عملية سلامة الجليل) من أجل أن تمنعها من التقوي هناك إلى درجة در كل الدول العربية لحرب شاملة ضد اسرائيل. من أجل شن حرب استغلت اسرائيل عملية تخريبية أصيب فيها سفير اسرائيل في لندن ،شلومو أرغوف و هي عملية لم يكن لها أي علاقة بلبنان.

ولكن للهجوم الاستباقي يوجد ثمن باهض جدا، ليس في المجال العسكري بالتحديد. في العالم المعاصر، و بالتأكيد في هذه الايام حيث أن مقاربة قادة العالم للعمليات العسكرية هي أنها عندما لا تكون رد على استفزاز و بدون سبب واضح هي معارضة تامة، يمكن الافتراض أن المنظومة الدولية ستتقبل بصورة صعبة جداً حرباً مبادر بها في لبنان –بالتأكيد بدون أي مبرر ظاهر للعيان.

حرب كهذه ستكون طويلة و صعبة، ويُتوقع أن تعاني اسرائيل طوال شهور من إطلاق صواريخ. في تلك الشهور سيعمل سلاح الجو بصورة مكثفة في كل أرجاء لبنان، و القوات البرية للجيش الاسرائيلي ستحارب داخل لبنان. و سيُقتل عدد لا بأس به من الاسرائيليين جنوداً و مدنيين، وكذلك عدد كبير جداً من اللبنانيين و منهم آلاف المدنيين- نتيجة أن حزب الله نشر صواريخه بين السكان المدنيين (الحديث عن عشرات آلاف الصواريخ). أيضاً العديد و الكثير من المباني الموجود تحتها صواريخ ستدمر، و سيكون الدمار البادي للعيان كبيراً و لن يستطيع المحتمع الدولي تجاهل ذلك و ستوجه أصابع الاتهام و الغضب تجاه اسرائيل.

الحقيقة هي أنه من الصعب أن نرى كيف أن عملية كهذه ستحظى بالتبرير و الموافقة أيضاً من جهة مواطني اسرائيل، أولئك الذين سيكونون تحت وابل الصواريخ و لكن أيضاً إذا رؤوا صموداً، فإن الضغط المشوش سيأتي من جانب المجتمع الدولي. المجتمع الدولي لن يسمع لاسرائيل بإدارة عملية عسكرية لفترة زمنية طويلة.

و لهذا فإن من يفهم قوة الرد العالمي لعملية اسرائيلية استباقية، يفهم لماذا أن هذا الخيار يجب المحافظة عليه و استخدامه بصورة نادرة جداً. هنالك إغراء لشن عملية استباقية في لبنان و لكن يجب عدم التسرع في تطبيق ذلك