خبر اليقظة - هارتس

الساعة 09:43 ص|30 ابريل 2015

فلسطين اليوم

بقلم: آري شافيت

          (المضمون: ليس اليمين وحده ينبغي أن يستيقظ (من الهذيان المسيحاني وكراهية الاخر) بل اليسار هو الاخر ينبغي أن يستيقظ (من الهذيان المسيحاني وكراهية الاخر) - المصدر).

          معنى انتخابات 2015 واضح: لن يكون تغيير في اسرائيل قبل أن تتلقى اسرائيل ضربة شديدة من الواقع. فالامل في تغيير الاتجاه قبل الصدام – تبدد. والفرصة في احداث تغيير قبل الاضطراب – فاتت. احد لا يعرف بعد كيف بالضبط ستبدو اللكمة. هزيمة سياسية، أم انتفاضة شعبية، أم مواجهة عنيفة. كما ان احدا لا يعرف متى بالضبط ستأتي اللكمة: ربما بعد سنتين – ثلاث سنوات، وربما حتى بعد شهرين – ثلاثة اشهر. ولكن واضح تماما أنه في 17 اذار فاتت الفرصة الاخيرة لحالة ليست أليمة وليست نازفة وليست خطيرة على الحياة.

          دون أن يكونوا واعين لذلك، اختار الاسرائيليون في الانتخابات الاخيرة أن يوقعوا على أنفسهم أزمة وطنية عميقة، في اعقابها فقط كفيلة ان تأتي الصحوة.

          ومع ذلك، مخطئون من يعتقدون بان في الازمة المحتمة يكمن الخلاص. منطق للمبتدئين: من حقيقة أنه لن تكون يقظة قبل المخاض والبؤس لا ينبع أنه في اعقاب المخاض والبؤس ستأتي اليقظة. في غياب بديل فكري، فان الصدام بحائط الواقع الخارجي كفيل بان يعظم بالذات سياقات التفكك الداخلي.

          ان ادارة الامريكيين للظهر ستفاقم فقط احساس اليأس الاسرائيلي. والعداء الاوروب سيعمق فقط احساس الغيتو اليهودي. والعنف العربي سيشعل فقط نار التزمت المسيحاني. فاذا لم يتمكن المتنورون في اسرائيل من ان يعرضوا على الشعب في اسرائيل اقتراحا سياسيا – هوية – اجتماعيا، اقتصاديا شاملا، فانه حتى عندما تصطدم السفينة بكتل الجليد الاولى الطائشة في البحر، ستواصل الابحار مباشرة نحو الجبل الجليدي الكبير.

          هذا هو السبب الذي جعل الاسابيع التي مرت منذ يوم الانتخابات باعثة على الاكتئاب ليس أقل من يوم الانتخابات نفسه. حتى الان – بلا أي حساب عميق للنفس. حتى الان بلا أي بداية واحدة للتفكير الجديد. والاجواء سامة اكثر من أي وقت مضى. نزعة شر، ونزعة شر اخرى. تفاهة وتفاهة اخرى. استياء ومرارة، مرارة واستياء. ومن اجل رفع المعنويات – الظاهرة الجديدة – القديمة للعنصرية الاشكنازية – الشرقية. نحن وانتم. يد الاخ تنال أخاه. رقصة لا تتوقف من حك الجراح والجلد بالاسواط ونشر الكراهية وزرع اليأس وافساد كل قطعة طيبة.

          كفى، يكفي، لم يعد ممكنا أكثر. لا توجد أي مصداقية لسعي للسلام ينطوي على عنف لفظي كاسح جدا. لا يوجد أي احتمال للكفاح ضد الاحتلال ينفي كل ما هو طيب وكل ما هو جميل هنا. لا مفعول اخلاقي للحديث عن محبة الانسان وعن حقوق الانسان تتساوق مع كراهية بشعة جدا لهذا العدد الكبير من الناس. ليس اليمين وحده ينبغي أن يستيقظ (من الهذيان المسيحاني وكراهية الاخر) بل اليسار هو الاخر ينبغي أن يستيقظ (من الهذيان المسيحاني وكراهية الاخر).

          لا وجه شبه بين الاثنين. تماما لا وجه للشبه. ولكن الوسط – اليسار ملزم بان يستغل الهزة التي مر بها كي ينظر الى المرآة، ليرى بشكل واضح عيوبه، فيتعلم بشكل معمق اخطاءه، ويعيد بناء نفسه – فكريا، اخلاقيا وسياسيا.

          لا نعرف كم من الوقت يوجد لنا. لا نعرف متى سيضرب الواقع. ولكن ولما كانت الرحلة لاستئناف الامل رحلة طويلة، فانها ملزمة بان تبدأ منذ الان. لا يمكن ان ننتظر مرة اخرى حتى مئة يوم قبل الانتخابات التالية كي نخترع المناهض التالي لبيبي، السطحي والعليل. لا يمكن مرة اخرى الجلوس مكتوفي الايدي لندمن على الافيون القاتل من الكراهية واليأس. اليقظة لن تأتي اذا لم يستيقظ المتنورون واذا لم يفتحوا أخيرا عيونهم ويفتحوا قلوبهم. فقط اذا ما اصلحنا وأعدنا بناء انفسنا منذ الان سنتمكن من أن نؤدي في المستقبل المنظور للعيان المهامة الحيوية لاعادة بناء واصلاح اسرائيل.