خبر تونس: مجلس حكماء أمنيين لإعادة رموز نظام بن علي

الساعة 05:57 ص|29 ابريل 2015

فلسطين اليوم

أثار قرار اتحاد نقابات قوات الأمن التونسي تشكيل مجلس حكماء للأمنيين برئاسة علي السرياطي، مدير الأمن الرئاسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ضجة كبيرة في تونس بسبب الشخصيات الأمنية التي تم اختيارها في تركيبة هذا المجلس، والتي تضم عدداً من الكوادر الأمنية والنقابية وقيادات أمنية سجنت أو أحيلت على التقاعد بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني.

ويبدو أن ردود الفعل التي حصلت مباشرة بعد الإعلان عن تشكيل هذا المجلس، دفعت السرياطي إلى التخلّي عن رئاسة المجلس، بعد ساعات من الإعلان عنه، بحجة أنه غير مستعد للدخول في تجاذبات سياسيّة وإعلامية، كما انسحب المدير العام للأمن الوطني سابقاً عادل الطويري.

وقال رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن، عصام الدردوري، لـ« العربي الجديد »، إنّ الدعوة إلى تشكيل هذا المجلس لم تكن محل إجماع النقابات الأمنية، بل هي مبادرة فردية من اتحاد « نقابات قوات الأمن التونسي » وهي خطوة تلزم الاتحاد ولا تلزم بقية النقابات.

وأعلن الدردوري أن المنظمة تضمّ صوتها إلى الأصوات المستنكرة لهذه الخطوة، واصفاً إياها بـ« الخطيئة، لأن أغلب الأسماء التي تضمنتها هذه الهيئة باستثناء عادل الطويري، كان يجدر المطالبة بملاحقتها قضائياً نظراً لما اقترفته من ارتكابات طيلة عقود على المستوى المعنوي والمادي ».

ورأى أنّه « من الحكمة أن يلتزم هؤلاء الحياد ولا يسعون إلى تصدّر المشهد الأمني من جديد تحت ذريعة النصح والإرشاد »، معتبراً أنه « لو كانت لديهم نصيحة فعلاً لما كانوا في صدارة نظام سياسي استبدادي وُصِف بالبوليسي »، مستغرباً « كيف تحوّل هؤلاء بقدرة قادر إلى حكماء ».

وأكد رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن، أن هذا المجلس سيتعرض للإجهاض قبل ولادته، « لأنه وُلد ميتاً، ولأن روحه ببساطة تتعارض مع التطور الإصلاحي في الحاضر والمستقبل ».

 

أما المتحدث باسم نقابة قوات الأمن الداخلي، شكري حمادة، فرفض التعليق على مجلس الحكماء الأمنيين، واعتبر أن نقابة واحدة هي التي دعت إليه، مشيراً في تصريح مقتضب لـ« العربي الجديد » إلى أنه لا يريد انتقاد زملائه النقابيين.

في المقابل، قال عضو الاتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن الداخلي، الصحبي الجويني، في تصريحات إعلامية، إن مجلس الحكماء سيضطلع بـ« دور استشاري » هام وإنه سيسعى إلى تقديم النصح والمقترحات لإصلاح المنظومة الأمنية والمساهمة في استعادتها لعنفوانها وهيبتها. وأضاف أن هيئة الحكماء ليس لديها أي طابع رسمي، إنما هي هيئة استشارية ولجنة تفكير في صلب اتحاد النقابات الأمنية، مؤكداً أنها فضاء مفتوح لجميع المتقاعدين من المؤسسة الأمنية.

وكان الجويني قد دعا إلى عدم تهويل المسألة والحديث عن جهاز موازٍ لوزارة الداخلية، معتبراً « أن هذه الدعاية نشرها أعداء المؤسسة الأمنية وخصوصاً النقابية منها ». وأكدّ أن تونس تحتاج إلى مجلس حكماء للأمنيين في مثل هذه المرحلة الدقيقة التي تتزامن مع حالة من الانفلات الأمني، وهو ما يتطلب « تجنيد » كلّ القيادات الأمنية لإعادة الأمن والاستقرار لتونس بعد أربع سنوات من الفوضى.

أما الأمين العام للتيار الديمقراطي، محمد عبو، فقال لـ« العربي الجديد » إنّ « الاتفاق الحاصل بعد الثورة كان في اتجاه عدم المساس بالمنظومة الأمنية وإقصاء رموز الاستبداد »، واعتبر أن هذه المبادرة التي صدرت عن إحدى النقابات الأمنية « خاطئة » ومضرة بصورة رجل الأمن ومفسدة للعلاقة بين التونسي والأمني. وأكد أن هذا المجلس ليس محل إجماع لدى النقابات الأمنية، كاشفاً أن « هناك مخططاً يحاك من بعض الأطراف ويهدف إلى إقناع التونسيين بأن المنظومة السابقة أفضل ».

واعتبرت الناشطة الإعلامية نزيهة رجيبة في تدوينة عبر موقع « فيسبوك »، أن هذه الهيئة وزارة داخلية موزاية تضم منظومة بن علي، مشيرة إلى أن « القضاء برّأهم والقوانين التي ظهرت بعد الثورة التي قتلوا فيها التونسيين تعطيهم حق تنظيم الجمعيات مثلهم مثل ضحاياهم، ولكن حكاية »خدمتهم للبلاد والعباد« لا يمكن أن تمر لأن الشعب فطن ولم يفقد ذاكرته ».

من جهتها، أعربت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية، بدرة قعلول، لـ« العربي الجديد »، عن أسفها « لدعوة نقابة أمنية إلى مجلس حكماء »، معتبرة أن من يعيّن مجلس حكماء لا يجب أن تكون نقابات أمنية بل سلطة الإشراف.

وتساءلت قعلول « ما هي المقاييس التي تم اعتمادها لتكوين مثل هذا المجلس؟ وكيف تم اختيار تركيبته؟ وما المقصود بالحكماء؟ ثم ما هي مرجعياتهم الإصلاحية وكتبهم في هذا الصدد؟ ».

وأشارت إلى أنها « لا تعترض على الشخصيات على اعتبار أنها من المنظومة القديمة ولكن هل هي أهل لتكوين مجلس حكماء؟ »، موضحة أن « من عمل من الكفاءات الأمنية وله خبرة في المجال، فلا يجب أن نبحث له عن تكريم، بل هو شخص قد أدى واجبه وحصل على مكافآته ولا حاجة إلى تكوين مجلس لإعادته إلى الساحة ».