بالصور غزة: ندوة تعريفية برائد النهضة الإسلامية في الجزائر (الإمام عبد الحميد بن باديس)

الساعة 10:26 ص|22 ابريل 2015

فلسطين اليوم

نظم مركز فلسطين للدراسات والبحوث مساء الثلاثاء (21/4)، ندوةً تعريفية وثقافية عن الإمام عبد الحميد بن باديس، رائد النهضة الإسلامية في الجزائر، ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وذلك بقاعة مركز الحوراني وسط مدينة غزة.
 

وحضر الندوة التي جاءت تحت عنوان (الإمام عبد الحميد بن باديس .. سيرة ومسيرة)، نخبةٌ من الساسة والوعاظ، ولفيفٌ من المثقفين، والشخصيات المجتمعية، وطلبة الجامعات.

تجربة ملهمة

وقال القائم على الندوة محمد الحرازين :« إن الفكرة جاءت لتعريف الأجيال وطلبة العلم بالقيمة التي يمثلها علماء المغرب العربي ورواد نهضته في خدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية ».

 

وبيّن أن المركز سيعكف على تنظيم المزيد من الندوات التي تتناول أعلام بلدان المغرب العربي والأثر الذي أحدثوه سواء في مواجهة الاستعمار الغربي أو قيمتهم العلمية واسهاماتهم الكبيرة في  في العلوم الإسلامية وإثرائهم للمكتبة الإسلامية بمئات المؤلفات.

 

ونوه الحرازين إلى أن المثقفين في بلدان المشرق العربي يجهلون أعلام الفكر المغاربة، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص سيستفيد كثيراً من الإطلاع على تجارب رواد المغرب العربي وكيفية تغلبهم على كثير من التباينات العرقية أو السياسية في توحيد شعوبهم في مواجهة الاستعمار.

وقال:« إن تجربة الشعب الجزائري ملهمة للشعوب التي تقاوم المحتل ». ودعا إلى مزيد من الإطلاع على تجربة الثورة الجزائرية.

فهم الواقع

واستعرض رئيس مركز فلسطين للدراسات وعضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور محمد الهندي، سيرة الإمام بن باديس، شارحًا كيف فهم الواقع والتحديات التي تعيشها الأمة الإسلامية، ويعيشها الجزائر للتحرير والخلاص من الاستعمار.

وأوضح أن الإمام بن باديس كان يعي طبيعة الصراع، وطبيعة المستعمر الفرنسي، وطبيعة التحديات التي تواجه شعبه في فترة التقلبات الكبرى، والمتمثلة بسقوط الخلافة، واقتسام التركة التي خلفتها بين القوى الكبرى.

ونوه د. الهندي إلى أن الإمام بن باديس انطلق من المسجد لتربية النشء، وتثقيفه، وبث أفكاره الثورية منها، ولاحقًا عمل على تأسيس صحف، ومجلات، ومدارس وجمعية العلماء المسلمين لتطبيق الشعار الذي لطالما سعى لإرسائه بين الناس (الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا).

وأشار إلى أبرز فتاوى الإمام بن باديس ضد التجنيس، حيث اعتبر المتجنس مرتدًا بالإجماع, وتحريمه زواج الجزائري المسلم بالفرنسية, معللًا ذلك بكون النتيجة التي تؤدي إليها هذا الزواج هي الخروج عن حظيرة الإسلام، لأن القانون الفرنسي يقضي بأن أبناءه منها يتبعون جنسية أمهم في خروج نسله عن حظيرة الإسلام.

 

وبيّن د. الهندي أن الإمام بن باديس كان وفق – ما طرحه – مربٍى، عالم، مجاهد وثائر، لافتًا إلى أن الأمة الإسلامية بحاجة لأمثاله في زماننا هذا. وقال:« اليوم نعيش فترةً صعبة فيها تغيرات خطيرة وعميقة، فالتحدي القائم يستهدف تفتيت الدول العربية والإسلامية، وإعادة تقسيمها، ونحتاج في ضوء هذا الواقع لاستلهام الدرس من مسيرة هذا العالم الجليل ».

وكشف د. الهندي عن وجود نخب عربية وفلسطينية اليوم تحاول أن تروج بأن عداءنا ليس مع « إسرائيل »، مخاطبًا هؤلاء بالقول: « العدو الصهيوني هو عدونا الوحيد حتى مع من يتوقع أن مصالحه تتقاطع معه، فالإسرائيلي يعمل بكل الوسائل الظاهرة والخفية لضرب قدرات وسلب مقدرات الأمة وتشتيت صفها ».

وشدد على أهمية الاهتمام بالتربية لكون الصراع يدور على عقول جيل الشباب، لافتًا إلى محورية دور المسجد في مشروع التربية.

إرث ووصية

من جانبه، أثنى مسؤول فرع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بولاية سطيف الدكتور علي حلتيم في كلمةٍ ألقاها عبر « سكايب » على ما قاله د. الهندي، مبينًا أن الإمام بن باديس ترك للأمة الإسلامية إرثًا ورسالةً ووصية.

ونوه إلى أن الإمام بن باديس رسّخ فكرةً عظيمة في أوساط المجتمع الجزائري تقوم على (قليل من العلم وكثير من العمل)، مؤكدًا أن تلك الفكرة كانت منطلقًا لمشروع مشرق وصحيح.

وذكّر د. حلتيم بما قاله والد الإمام بن باديس لابنه في بداية حياته عندما لاحظ نبوغه وورعه، « أنا أكفيك أمر الدنيا يا عبد الحميد فكن نِعم الرجل الصالح ». كما ذكّر بما قاله معلم الإمام له في مقتبل عمره: « لا تطلب العلم للرغيف والوظيف، بل أطلبه لله عز وجلّ ».

وبيّن أن الإمام بن باديس بدأ يعمل في ضوء إدراكه للواقع، والأمل في الله، مشيرًا إلى أن جمعية العلماء المسلمين كانت تبث أغاني عبد الوهاب وأم كلثوم في مرحلة من المراحل، كي تذكر الجزائريين باللغة العربية.

كما بيّن د. حلتيم أن الإمام كان يدرك أن الشعب الجزائري أكبر من فرنسا ومن الحلف الأطلسي ومن كل الجبابرة. واستشهد بموقفٍ له مع وزير الداخلية الفرنسي الذي أراد إخافته في المفاوضات، فأخذه إلى القصر وأزاح الستار حيث الساحة مليئة بالمدافع، وخاطب الإمام حينها قائلًا: انظر هنا، فرد الشيخ: عندنا مدافع أقوى، فتعجب الوزير من هذا الرد، وتساءل: أين هي؟، فأجابه الإمام بن باديس: إنها مدافع الله أيها المغفل .. ألا تدري يا جاهل أن الله معنا؟.

وذكر د. حلتيم شاهدًا آخر كان نتيجة الزرع الذي بذره الإمام بن باديس، حيث قال وزير المستعمرات الفرنسي لاكوست عام 1962: وماذا اصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا؟، موضحًا أن هذا السلاح (القرآن) الذي يريدون إبعاده عن المعركة.

ولفت د. حلتيم إلى دور الإمام بن باديس في جمع كل الجزائريين رغم العقبات والصعوبات والمشاكل التي غذاها الاستعمار الفرنسي، لاسيما العرقية والسياسية واللغوية، مبينًا أنه لم يكن يدخل في خصومة مع أحد، وتجاوز كل الأحزاب السياسية التي كانت تجري وراء فرنسا.

وبحسبه فإن « أخلاق الإمام بن باديس وفعله السياسي، كانت سببًا في أن يُغير الكثير من الساسة قناعاتهم ليحاكوا بها موقفه وسياسته »، مشيرًا إلى ما قاله السياسي الجزائري فرحات عباس - الذي عرف بانفتاحه السياسي - عندما سأله الحاكم الفرنسي جاك سوستال سنة 1955م عن الثورة فأجابه: « نحن كلّنا فلاقة (ثوار)، فالشجعان حملوا السلاح، والأقل شجاعة منهم أمامكم! ».

ولم يكن الإمام بن باديس – طبقًا لـ د. حلتيم – يكل أو يمل من نشر الدعوة بين العامة، فقد كان يلقي 16 درسًا يوميًا، موضحًا أنه كان متساهلًا مع الناس، ولا يحب الانتقام لذاته حتى الذين دفع الاستعمار بهم وحاولوا اغتياله (مرتين) عفى عنهم.

إذكاء الروح الوطنية

بدوره، استعرض الشيخ عمر فورة، سيرة الإمام بن باديس ودوره في إحداث النهضة الإسلامية في الجزائر، موضحًا أن أعماله لا يحويها كتاب ولا مجلد.

وأشار إلى أن الإمام بن باديس تنقل في طلبه للعلم فلم يستقر في الجزائر فقط، إذ رحل إلى الزيتونة في تونس في العام 1908، وقد كان بدأ في تنفيض غبار الإهمال والنمطية عن طرائق تدريسه، فالتقى بالشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور الذي أثّر فيه أشد التأثير، وقد تخرج من الزيتونة في العام 1912، وزار مصر والشام، ثم حج واستقر المقام به في المدينة المنورة، وهو في كل بلد من هذه البلدان يلتقي بأعلامها، ويستفيد منهم، فلم يلبث العام 1913م إلا وعاد الشاب اليافع إلى بلده قسنطينة محملًا ومتأثرًا بروح محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وتلاميذهم ممن التقاهم كابن عاشور وبخيت المُطيعي وغيرهم.

وتحدّث الشيخ فورة عن تجربة الإمام بن باديس التربوية، وكيف انطلق في العمل من المساجد (الجامع الأخضر)، واتجاهه إلى تعريب المجتمع من خلال الصحف والمجلات التي أسسها وكتب فيها.

ونبّه إلى الإمام بن باديس، كان يردد دومًا مقولةً هامة بنى على أساسها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين: « لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم، فإنما العلماء من الأمة بمثابة القلب إذا صلح صلح الجسد كلّه، وإذا فسد فسد الجسد كله، وصلاح المسلمين إنما هو بفقههم الإسلام وعملهم به، وإنما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل، فكذلك المسلمون يكونون. فإذا أردنا إصلاح المسلمين فلنصلح علماءهم ».

كما تحدث الشيخ فورة عن إسهام الإمام بن باديس في اذكاء الروح الوطنية والثورية في المجتمع الجزائري، منوهًا إلى أنه كان يؤكد دومًا في دروسه وكتاباته، بأن الحرية لا توهب بل تنتزع.

لفتة هامة

من ناحيته، قال رئيس لجنة إغاثة فلسطين بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ يحيى الصاري، إن « احتفاء أهل فلسطين بسيرة الإمام بن باديس ومسيرته لفتةٌ هامة، فالمشروع الذي ناضل من أجله، والظروف التي جاهد فيها تتشابه مع ما تعيشونه أيها الأحرار اليوم ».

وأوضح في كلمةٍ ألقاها عبر « سكايب » أن هذا التلاحم والتعريف بأعلام الأمة يشكل تلك القاعدة القوية والمنيعة التي تجتمع عليها جماهيرها، مؤكدًا أن الإمام بن باديس لم يكن جزائريًا فحسب، وإنما كان منتمٍ للأمة الإسلامية جمعاء.

وعرّف الشيخ الصاري الإمام بن باديس بأنه كان عالمًا اجتمعت فيه صفات العالم الرباني ناهيك عن كونه فقيهًا وشاعرًا وصحفيًا وسياسيًا محنكًا، فضلًا عن كونه رجل الإجماع، فلا تجد شخصًا يختلف عليه، الكل يحترمه ويقدره ويستفيد من رؤاه وتجربته.

ونوه إلى أن تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كان الجواب القوي في وجه فرنسا، لافتًا إلى أن المشروع بدأ يتحرك بحكمة واتزان وشمولية، تجسد كل ما يمكن أن يؤثر في حياة الفرد الجزائري.

وبحسب الشيخ الصاري فإن « الإمام كان يسارع الخطى من أجل محاصرة المشروع الاستعماري الفرنسي في الجزائر »، مشيرًا إلى تأسيسه جمعيةً لمكافحة الخمور والمسكرات، وكسره الحاجز الذي كان بين الجزائريين وبين تعليم بناتهم، ناهيك عن عمله خارج البلاد، حيث أرسل وفدًا من جمعية العلماء، من أجل حماية الجالية الجزائرية (عقولهم) في فرنسا.

ولفت إلى أن الإمام كان يعمل في جميع المجالات، وعلى كافة الجبهات، موضحًا أن عينه وعقله ونبضاته وحركاته كانت تعيش في فلسطين، فمجرد ما أعلن عن تقسيم فلسطين، أعلن وجوب نصرة القضية الفلسطينية.

وزاد الشيخ الصاري في الإيضاح حول هذه النقطة، قائلًا :« الإمام بن باديس (رحمه الله) هو الذي علّم الجزائريين البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية، كما قام بحشد الشعراء والأدباء والكتاب والوعاظ حول محوريتها ومركزيتها »، منوهًا إلى أن لجنة إغاثة فلسطين بجمعية العلماء المسلمين أسست عام 1948، بهدف حشد المكونات الفكرية والسياسية في الجزائر مع القضية الفلسطينية.

وشدد على أن الجمعية التي أسسها الإمام بن باديس كانت وستظل مشروعًا صالحًا في وجه الصهينة، ووجه العلمنة، ووجه مخططات تفتيت دولنا، وتفريق شعوبنا.

وتوجّه الشيخ الصاري في نهاية حديثه بالشكر لكل من ساهم وشارك في هذه الندوة، قائلًا:« بارك الله في جهودكم، وأعلى الله شأنكم وقدركم كما رفعتم شأن هذا العالم الجليل ».



ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713836)‬ ‫‬


 

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713837)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713827)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713834)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713826)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713836)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713836)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713836)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713835)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713835)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713833)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713829)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713832)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713831)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713830)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713825)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(195713821)‬ ‫‬

ندوة ثقافية حول سيرة الإمام ‫عبد الحميد بن باديس ‫(1)‬ ‫‬