خبر نقيض العدل - هآرتس

الساعة 09:30 ص|21 ابريل 2015

فلسطين اليوم

بقلم: تاليا ساسون

الرئيسة الوافدة للصندوق الجديد في اسرائيل

قبل بضعة ايام حسمت المحكمة العليا احدى المسائل الاكثر تعقيدا واشكالية التي طرحت عليها: هل قانون أملاك الغائبين من العام 1950 ينطبق على سكان الضفة الذين لهم املاك في شرقي القدس، واذا كان ينطبق، فهل يحق للدولة ان تستخدمه فتصادر هذه الاملاك؟ على السؤال الاول أجابت المحكمة بالايجاب. أما بالنسبة للسؤال الثاني فقررت ان يتم استخدام القانون على نحو « في غاية الاستثناء »، وفقط بإذن المستشار القانوني للحكومة واذن الحكومة او اللجنة الوزارية – وكل هذا تبعا لرقابة محكمة العدل العليا.

الرئيسة، مريم ناؤور، والقاضية استر حايوت شرحتا بان عمليا لا توجد حالة يمكن فيها تبرير استخدام القانون ومثله كمثل « فكرة لا يوجد دليل عليها »، ولكنهما هما ايضا وافقتا على أن القانون ينطبق.

 وهكذا ينتج انه من القول المبدئي للمحكمة العليا في أنه يمكن حرمان سكان الضفة من املاكهم في شرقي القدس بل وعدم اعطائهم أي تعويض على ذلك، بصفتهم معرفون كـ « غائبين » حسب القانون – نتيجة فنية لذلك هو أن اسرائيل قررت أن تطبق القانون الاسرائيلي في شرقي القدس في 1967.

          رأي كل القضاة لم يكن مرتاحا من القانون. ولكن مسألة الغاءه لم تكن على جدول الاعمال، والمحكمة لم تكن مستعدة لان تتخذ خطوة تفسيرية جريئة فتقرر بانه لا ينطبق على سكان الضفة الذين لهم أملاك في شرقي القدس. يمكن القول ان المحكمة سارت في طريق رقيق ظاهرا. فهي لم تصطدم بالمشرع الذي ينتظرها في الزاوية مع اغلبية ائتلافية يمينية، تهدد صراحة بتقليص صلاحياتها – الواقع الذي له اثر سلبي على المحكمة الليبرالية – والحل الذي وجد هو محافظ: يعطي تنصيص قانوني لتعليمات المستشارين القانونيين السابقين للحكومة (مئير شمغار وميني مزوز)، ويحقق – الى هذا الحد أو ذاك – الغاية التي كانت على ما يبدو أمام ناظر القضاة: عدم تطبيق القانون جراء الضرر الذي لا يطاق في الدولة الديمقراطية، الذي يلحق بحق الملكية.

          ولا يزال، فان الصورة الشاملة الناشئة عن قراءة قرار المحكمة تثير عدم الارتياح. فقد أعطت المحكمة شرعية قانونية لوضع لا يطاق. فكيف يحتمل أن يكون ممكنا – وان كان نظريا فقط – حرمان حق الملكية بدعوى « الغياب » الفني؟ فالمنطق الذي يقبع في اساس « الغياب » هو العداء. ففي العام 1970 قررت الكنيست بان كل سكان شرقي القدس لم يعودوا « غائبين ». فلماذا يكون اشقاؤهم، جيرانهم في الاملاك، اصبحوا من كتب « العداء » على جبينهم بوشم لا يمكن ازالته، وكل هذا حين يكون واضحا للجميع بانه في اثناء تشريع القانون، في العام 1951، لم يحلم احد بشرقي القدس؟

          بل وأكثر من ذلك: فمصادرة الاملاك لا تفترض التعويض. بمعنى انه في دولتنا الديمقراطية يمكن مصادرة ملك ما من فرد معين دون تعويض. وأكثر من ذلك: تطبيق فني للقانون حرفيا من شأنه أن يؤدي الى مصادرة الاملاك بلا تعويض من المستوطنين أو من جنود الجيش الاسرائيلي ممن لهم املاك في القدس وهم أنفسهم يتواجدون في الضفة الغربية. فهل يتصور احد ما ان يحرم اولئك اليهود من املاكهم؟ واذا كانت هذه النتيجة صادمة جدا فكيف يمكن التسليم بالقول انه يمكن تطبيق هذا القانون الظالم على العرب، ولكن ليس على اليهود؟

          هذا القانون، الذي في أساس الامر، مثلما هو واضح لنا جميعا، يستخدم لنقل أملاك العرب في القدس الى اياد يهودية – وهذه غايته الحقيقية – حكمه واحد: ان ينتهي. فتطبيقه في شرقي القدس مصطنع. لماذا إذن ضحت المحكمة العليا باعتبار العدل من أجل اعتبارات اخرى، ووصلت الى نتيجة مبدئية غير مناسبة؟ المحكمة العليا هي نهاية الطريق القانوني في الدولة الديمقراطية. وبالنسبة لي، هناك يجب أن تكون المملكة الواضحة للعدل.