خبر الكتلة الصحيحة -يديعوت

الساعة 09:24 ص|20 ابريل 2015

فلسطين اليوم

روسيا وايران

بقلم: أفرايم هليفي

          (المضمون: المصلحة الروسية هي في غرس وتد في دمشق الى جانب ايران والتطلع الروسي الى استئناف صورتها كقوة عظمى مركزية في منطقتنا مما يستدعي تذكر ذلك عند التفكير والتنفيذ لخطوات تفسر كاستعداد للتميز عن واشنطن - المصدر).

          تركز الاهتمام في الاسبوع الاخير على المسألة الايرانية من حيث سلوك الولايات المتحدة ودول غرب اوروبا: بداية تابعنا الدراما السياسية واشنطن، والتي في نهايتها قرر الناطقون بلسان الحكومة بانه سجل نجاح كبير في شكل التسوية التي فرضت على الرئيس اوباما اجراءات تضيق على صلاحياته في كل ما يتعلق باقرار الاتفاق، اذا ما تحقق. ولم يتغير هذا الخط الحكومي حتى بعد أن أعلنت روسيا بانها قررت رفع الحظر عن بيع صواريخ اس 300 لايران – وشدد الناطقون بلسان الحكومة بان هذه الخطوة غير المرغوب فيها هي نتيجة مباشرة لـ « الاتفاق السيء » المسجل على اسم الولايات المتحدة. ومن هنا فصاعدا استمرت المعركة ضد اوباما بكامل الزخم، واشارت البلاغات الرسمية الى عقد مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس الروسي بوتين، والتي وجه فيها انتقاد الى الخطوة الروسية.

          بعد يوم جاءت ايضا التصريحات العلنية. نتنياهو، الذي القى الخطاب المركزي في المهرجان في مؤسسة يد واسم، خصص كلمات كثيرة ولاذعة للتهديد الايراني، ربط بينه وبين سلوك الغرب عشية الحرب العالمية الثانية، واعد الجمهور الى وضع تضطر فيه اسرائيل الى الوقف وحدها امام مصيرها.

          أما بوتين فاختار ان يقول ان القرار الذي اتخذه كان مناسبا، لان السلاح الذي ستورده روسيا لايران يحمل طابعا دفاعيا ولا يعرض اسرائيل للخطر. كما أنه قال وعن حق، ان ليس في هذه الخطوة خرقا للعقوبات الدولية المفروضة على ايران، ولكنه ربطها بما وصفه كمرونة أبدتها ايران في المفاوضات مع القوى العظمى، وتعهد بان روسيا ستواصل التعاون مع زميلاتها في المفاوضات مع طهران. اضافة الى ذلك، ألمح بوتين بان توريد السلاح الدفاعي يخدم النية لمنع تدهور الشرق الاوسط الى معركة عسكرية واسعة النطاق، ومنح شرعية للنظام الايراني.

 

          وسارع الرئيس الامريكي اوباما الى التعقيب وقال انه فوجيء من أن بوتين ضبط نفسه حتى الان في تحرير الصفقة لايران، وانه يحتمل أن تكون حاجة الى ايجاد صياغات في الاتفاق النهائي تسهل على القيادة في طهران بيع الاتفاق للجمهور.

          من كل ما قيل أعلاه تلوح جملتان تستوجبان الانتباه. الاولى هي محاولة مفاجئة بعض الشيء بين واشنطن وموسكو للتعاون في الموضوع النووي الايراني علنا، خلافا للمواجهات الحادة بينهما في جملة من المواضيع الدولية – وعلى رأسها أزمة اوكرانيا. في الشرق الاوسط تدور خصومة شديدة بين روسيا والولايات المتحدة منذ سبعين سنة فأكثر، وفي حرب يوم الغفران وصلت الى ذروتها عندما لعبت القوتان العظميان ايضا بالتهديدات النووية المتبادلة. والجانب المتعلق بالكتلتين واثره على اسرائيل يحتاج الى استيضاح جذري في ضوء هذه البوادر الاولية.

          الجملة الثانية تتعلق بعلاقات اسرائيل وروسيا على المستوى المتبادل. فاسرائيل تحذر في السنوات الاخيرة من المساس بكبرياء روسيا وكبرياء زعمائها، وبالمقابل أخرت روسيا على مدى سنين اطلاق ارساليات بعض السلاح سواء لايران أم لسوريا- في ضوء الضغط الاسرائيلي الشديد، الذي اسند بخطوات مشابهة من الولايات المتحدة. غير أن هذه الصورة آخذة في التغير أمام ناظرينا: فالمصلحة الروسية في غرس وتد في دمشق الى جانب ايران والتطلع الروسي الى استئناف صورتها كقوة عظمى مركزية في منطقتنا – في شبه الجزيرة العربية وفي العراق ايضا – يستدعي ليس فقط الانتباه والتفكر حيال موسكو بل وايضا الحاجة الى تذكر ذلك في الوقت الذي يتم فيه التفكير والتنفيذ لخطوات تفسر كاستعداد للتميز عن واشنطن. هكذا فان هجوم الغرب، والولايات المتحدة على نحو خاص، يتضارب والمصلحة الاستراتيجية الاهم لاسرائيل في المستوى الدولي.

          في الاستعراض التاريخي لرئيس الوزراء في يوم الكارثة عن الثلاثينيات نسي ان يذكر بانه كانت لاعبة اخرى في اوروبا، روسيا، تعاطت مع التهديد النازي المتعاظم الذي يشبه اليوم بالخطر الايراني. وروسيا لم تحاول المصالحة – بل عقدت حلفا مع المانيا.