خبر لاهاي فقط .. هآرتس

الساعة 08:18 ص|17 ابريل 2015

بقلم

 (المضمون: فقط في محكمة الجنايات الدولية سيكون ممكنا التقديم الى المحاكمة من يرتكبون جرائم حرب، مثل قتل سمير عوض. من يعارض لاهاي يريد استمرار الجرائم. من يخاف من لاهاي يعرف بان لديه الكثير مما يخفيه - المصدر).

كان هذا قتلا متعمدا. لا يوجد أي سبيل آخر لوصف قتل الفتى سمير عوض، ولا يوجد أي سبب يدعو الى غسل الكلام. قتل متعمد. يخيل لي أني لم استخدم ابدا هذه الكلمة من قبل كي اصف ما فعله جنود الجيش الاسرائيلي. ولكن قرب جدار الفصل في ضواحي قرية بدرس في يوم الثلاثاء 15 كانون الثاني 2013 في ساعة صباح متأخرة ارتكبت جريمة قتل متعمد.

عوض ابن الـ 16، انهى امتحان العلوم ونزل مع ستة من رفاقه نحو الجدار، الذي كان مفتوحا. هذا هو اختبار الشجاعة بالنسبة لهم: الاقتراب من الجدار الذي يحبس قريتهم. رفاقه، بقوا في الخلفية، اما هو فاجتاز الفتحة التي في الجدار. لم يعرف ان قوة من جنود المدرعات تكمن بين نبات الصبار وفي قناة بجوار الجدار.

اطلق الجنود النار عليه من الكمين واصابوه في حوضه. نازف ومرضوض، حاول عوض الفرار للنجاة بروحه باتجاه القرية. تمكن جندي واحد من الامساك به بذراعه، ولكنه نجح في التحرر من قبضته. تقدم عوض في اعلى التلة الحرشية، وعندها اطلقوا النار عليه مرة اخرى، من الخلف، وهو يفر، على الفتى الجريح وغير المسلح، عيارين من النار الحية، من مسافة نحو عشرة أمتار. واحد في ظهره والثاني في رأسه.

صورة الجثة التي رأيتها لم تدع مجالا للشك: فقد اطلقت النار على عوض من الخلف. وفي الغداة، عندما وصلت الى ساحة الجريمة، كانت هناك بقعتا دم على الصخور، وكمين جديد للجنود، الذين أمرهم قائدهم باطلاق الغاز « باتجاه مباشر » نحو الفتيان الذين نزلوا مرة اخرى نحو الجدار. في بيته جلس الاب الثكل، احمد، بقميص « تابع للمزرعة البيئية موديعين » حيث عمل ذات مرة وبكي بكاء مريرا.

مرت الشهور، والجيش الاسرائيلي بالطبع لم يحرك ساكنا. بعد نحو سنة رفع الاب مع منظمة بتسيلم التماسا الى محكمة العدل العليا مطالبا ان يقرر النائب العسكري تقديم الجنود الى المحاكمة او اغلاق الملف.

طمس الجيش الاسرائيلي التحقيق لسنة اخرى، كعادته دوما. وتسرح الجنود من الجيش وواصلوا حياتهم المدنية، ونقل الملف الى النيابة العامة المدنية وأول امس حسمت: الجنود، ليس واضحا من، سيقدمون الى المحاكمة في مادتين تافهتين: التهور والاهمال في استخدام السلاح.

هذا ما ولده تحقيق اضطراري كان ينبغي أن يستغرق ساعتين، وربما اسبوعين، وفي الحالة المتطرفة شهرين، بعد سنتين. وهذا ايضا بفضل التماس. والعذر الدوري: ليس واضحا مَن مِن هو الذي اطلق النار.

ليس صعبا التخمين ماذا كان سيحصل لو كان عوض ورفاقه هم الذين اطلقوا النار على الجنود وقتلوا واحدا منهم. فقد كانت كل « الخلية » سترسل الى الحكم المؤبد. هكذا هو الحال في الجيش الاكثر أخلاقية في العالم: قتل فتى فلسطيني غير مسلح، لم يعرض احدا للخطر، فر للنجاة بروحه، يعتبر « تهورا »؛ اطلاق النار الحية من مسافة قصيرة من الخلف على فتى هارب هو « اهمال في استخدام السلاح ». تهور واهمال، كلمتان لطيفتان، زر ووردة.

حسنا، حسنا، جنود متهورون ومهملون كهؤلاء، الجيش الاسرائيلي يغضب قليلا على تهورهم واهمالهم. واصلوا اطلاق النار على الفتيان وقتلهم، مثلما تفعلون تقريبا في كل اسبوع، على الا تفعلوا ذلك بتهور واهمال.

هذه بالضبط الحالة التي ينبغي أن تقنع نهائيا كل من يحب العدل، في البلاد وفي العالم: فقط لاهاي. فقط في محكمة الجنايات الدولية سيكون ممكنا التقديم الى المحاكمة من يرتكبون جرائم حرب، مثل قتل سمير عوض. من يعارض لاهاي يريد استمرار الجرائم. من يخاف من لاهاي يعرف بان لديه الكثير مما يخفيه.

لا يوجد أي احتمال في أن يحقق الجيش الاسرائيلي في أي مرة مع نفسه بجدية. لا جرائم يوم الجمعة الاسود في رفح، لا النار على مآوي الامم المتحدة في غزة، ولا قتل عوض، الفتى الذي وعده أبوه بتمويل تعليمه في الجامعة اذا ما نجح في امتحان العلوم الذي جرى في آخر يوم في حياته، التي كانت قصيرة جدا.