خبر أين الدولة وأين الرؤيا .. يديعوت

الساعة 08:16 ص|17 ابريل 2015

بقلم

(المضمون: قبل سنوات طويلة من ارسال اليهود الى معسكرات الابادة. الكارثة هي ما فعله النازيون لنا. اما الصهيونية بالمقابل فهي ما فعلناه نحن من أجل انفسنا. والفرق هائل - المصدر).

القصة الاكثر تعقيدا هذه الايام هي كيف نشرح للاولاد. فلا فكرة عندي كيف نفعل هذا دون أن نخرب، دون أن نخلق صدامات تؤدي الى قض المضاجع. « ذكرني لماذا ارادوا قتلنا في حرب الكارثة »، تسأل تبور وهي تطل من فوق وعاء الحبوب، وفي الوقت الذي أتلوى فيه بالكلمات تعود لتصنع الفقاعات بخشبتها في الوعاء. بعد عدة ايام سيسأل الباري شقيقها مثلما في كل سنة لماذا نزور الرفاق الذين سقطوا في الحرب. وعندها يكون دوري في الصمت. هذا الاسبوع هو الاكثر أهمية في رزنامتنا: تركيز محشو من الكارثة، يوم الذكرى واحتفالات الاستقلال. ومن كثرة الطقوس والمشاعر يخيل أن ليست تبور فقط، بل المجتمع الاسرائيلي بأسره يختار أن يثير الفقاعات في الوعاء. الصمت كبديل عن الاستيضاح.

لعل هذا هو السبب وراء الخفة التي تتحد فيها اسرائيل امام الاعداء وتتفكك في باقي الوقت. في البداية قامت دولة. تجمع الشتات الذي جاء بعد الكارثة. والان من يدخل الى الشبكات الاجتماعية يظن أننا عدنا لنكون قبائل. لكل قبيلة احساس بالانتماء وقائمة واضحة من الكارهين. منذ الانتخابات، شاركت في مسلسلين صحفيين عن المجتمع الاسرائيلي. الفكرة مشابهة، أما الاسم فمختلف. ثقافتان، شعبان في دولة واحدة، قبائل اسرائيل – كل شيء يعود الى المنتج. هذا هو موسم ازدهار الانشقاق في اسرائيل. نحن منشغلون بالقطيعة التي بين الشرقيين والاشكناز، بين اليمينيين واليساريين. وكل هراء يتفوه بها احد ما يصبح دليلا وجوديا على الانشقاق. وهذا أبعد ما يمكن عن رؤيا بن غوريون عن أتون الانصهار.

ظلم تاريخي

لقد كان بن غوريون زعيما عديم المشاعر والسلامة السياسية. فقد خلط الناجين من الكارثة بأبناء الطوائف الشرقية. تجاهل الخلفية والتقاليد، ضائقات من لم يأتي الى الاستيطان العامل. من يعتقد أن نتنياهو لا يرى أحدا من متر واحد، ينبغي أن يتعرف على موقف بن غوريون من خصومه السياسيين في الايام الطيبة. عديم المشاعر، ولكنه الوحيد الذي نجح في ربط اليهود وبناء دولة قوية ضد كل الاحتمالات.

مؤخرا نشأت هواية جديدة – خط بن غوريون على الوحشية التي مارسها كي ينتج أتون الانصهار. يتهمونه بالشيطان الطائفي، بالموقف من المتدينين، بالفوارق الاقتصادية التي نشأت في بلدات المحيط، بحقيقة انه لا يوجد اليوم ما يكفي من الوزراء الشرقيين في الحكومة وباستخفاف جربوز بمقبلي الحجب.

ثمة حق ما في الندم على الماضي – باستثناء أن احدا لا يشرح كيف كان ممكنا بناء دولة اخرى.

لقد كانت الصهيونية علمانية في اساسها. اصلاحيون علمانيون وليبراليون من اليمين، اشتراكيون علمانيون من اليسار. وهم لم ينتظروا المعجزات، بل فعلوا المعجزات بايديهم. لقد نشأت الصهيونية في اوروبا حيث تجمع معظم اليهود قبل الكارثة. من جاء الى هنا بنى مجتمعا مثل هناك – غربي، علماني، مغترب عن المنفى. اما الكارثة فغيرت كل شيء، ولا سيما ديمغرافية اليهود في بلاد اسرائيل.

مرات عديدة جدا سمعت في السنوات الاخيرة السؤال ما الذي فعلناه ولم يكن على ما يرام. اين اخطأنا. عندما يأتي السؤال من اليسار، يأتي على الفور وراءه التفسير: الاحتلال. عندما يدور الحديث عن هواة الشيطان الطائفي، فان الفوارق تكون هي التفسير.

هذه أسئلة مضللة. رسالتها هي ظلم تاريخي.

السؤال الاهم هو لماذا نحن هنا؟ الكارثة ليست تفسيرا جيدا لما يجري هنا في المئة سنة الاخيرة. لقد كان الكونغرس الصهيوني الاول في 1897، قبل سنوات طويلة من ارسال اليهود الى معسكرات الابادة. الكارثة هي ما فعله النازيون لنا. اما الصهيونية بالمقابل فهي ما فعلناه نحن من أجل انفسنا. والفرق هائل.

ديك صغير

أعتقد اني فهمت هذا اول مرة في بولندا. فقد ارسلت الى هناك في الخدمة الاحتياط كجزء من وفد في دورة قادة سرايا وكتائب. تجولنا بين الغيتوات ومعسكرات الابادة. كان باردا مثلما تعرف اوروبا فقط، ولكننا نزعنا السترات الثقيلة كي يرى البولنديون الرتب والرموز. وفي كل مكان وصلنا اليه سرنا بطابور عسكري، نحمل أعلام اسرائيل وكتاب التوراة. كتبت عن هذا ذات مرة. انا ببساطة لا اعرف اذا كان ممكنا ان أصف جيدا احساس الاسرائيلية الذي شعرت به هناك. كان الى جانبي ابناء جيل ثان وثالث من المهاجرين من شمال افريقيا. اشكناز مختلطون. قائدان درزيان والرب وحده يعرف من ايضا. في الهواء البارد اعتقدت في حينه بان ثورة بن غوريون اكتملت.

لا أحاول أن أتجمل – أن اقول انه لا توجد مشاكل في اسرائيل. تمييز، اقوال مثيرة لفاكسمان، جربوز، بانيون، او لا يهم من هو الفنات الدوري. عنصرية هنا وهناك. سمعت من قبل اشكناز يتحدثون عن مراكشيين، مراكشيون يتحدثون عن يمنيين. كتسيون على أنواعهم عن يساريين ومصوتو العمل عن البابونيين من الليكود.

أفهم ايضا من يشعرون بالاهانة باسم التقاليد. حركة العمل تنكرت للمنفى، وفي الطريق تنكرت للمظاهر الدينية. وخلافا لبيغن، الذي أبرز الشعور اليهودي، بن غوريون الاسرائيلي لم يفهمها. ربما لم يرغب في أن يفهمها. الدين هو موضوع بطن وليس رأس. يمكن الا تؤمن بالرب، ولكن من تربى على أناشيد السبت ونغمات الموالين، لا يمكنه الا ينفعل عندما يسمع العزف.

افهم من يشعرون بالاهانة كلهم، ومع ذلك اصر على الا أتأثر بكل قول. فلا يمكن ان نفكك هذه الدولة الى قبائل في كل حملة انتخابية.

جادلوا في الاقتصاد او في البرامج السياسية. واذا قرر احد ما التنازل عن القدس او عن غور الاردن فاني انا ايضا على ما يبدو سأصارعه بكل القوة، ولكن الخصومات لا ترتبط باي خطة باسثناء تعزيز صور القبائل وجمع المصوتين المحتملين بالانتخابات التالية.

قلت ذلك هذا الاسبوع في محاضرة ما. وعندما خرجت امسك بي احد ما جانبا. « لا يهم ما تقوله »، همس، « فهم لن يقبلوني بينهم ابدا، ولا انت ». العام 2015 – اياهم مع الدفاتر الحمراء لا يزالون يوجدون في رأسه رغم أنه في عمري. فهم يمنعون عنه الحكم، حرية التعبير، هم عنصريون ويكرهون كل من تربى مثلي في بيت ديني خلف الخط الاخضر. حاولت أن اقنعه، مشكوك ان اكون نجحت. فقد خلق لنفسه منفى داخل الوطن.

توقفت عن أن أتفاجأ بالسياسة الاسرائيلية. أنا افهم لماذا يكون الشيطان الطائفي جديا لايام الانتخابات. بل اني افهم لماذا يتحدث درعي مع القبعة الليتاوية عن الاحترام للتقاليد الشرقية. لا اريد ولا استطيع أن اقبل بان هذا هو مصيرنا، بل العكس. آسف على شيء واحد – الفشل في اكمال أتون الانصهار لبن غوريون.

لقد أخفى درعي وأعاد اسم عائلة مخلوف. هذا حقه. أما انا بالمقابل ففكرت بعد الجيش بان اغير اسم عائلتي الى اسم اسرائيلي ولم افعل شيئا. الان بات متأخرا جدا. لكل يهودي يوجد اسم عائلة أطلقه عليه الاغيار. قوائم حكومية تكونت كواجب. احيانا حسب المنطقة، واحيانا حسب نوع العمل.

معنى هندل مثلا هو ديك صغير او تاجر. بقدر ما أعرف فاني لست هذا ولست ذاك. لا ضير في أتون انصهار حتى لو في الطريق ضاعت بعض الامور. آمل أن يتزوج ابنائي مع خليط طائفي اسرائيلي. فليحتفلوا بالميمونة وليحذروا من صلصة جفلتع بيش (طعام لليهود الغربيين).  وبالاساس الا يشعروا بالاهانة من احد. فهم ليسوا في المنفى. هناك لم يميزوا بين اليهود. طائفتهم هي اسرائيل.