خبر «مشغلو العملاء» الثروة الإنسانية التي تنميها دولة الاحتلال الإسرائيلي

الساعة 03:33 م|16 ابريل 2015

فلسطين اليوم

هم عيون «إسرائيل» في قطاع غزة والضفة الغربية وفي الدول العربية، يتعلمون اللغة العربية بإتقان، ويضربون الأمثال الشعبية بمهارة، ويحترمون عادات وتقاليد البيئة المستهدفة، وكذلك يحفظون آيات من القرآن الكريم في فترة زمنية تزيد عن العام.

إنهم “ضباط الشاباك” أو “المنسقون مع العملاء”  أو “مشغلو العملاء” الذين يؤهلون جيدًا من أجل تعزيز قدرتهم على تجنيد العملاء ومعرفة كل ما يدور في “أراضي العدو”، فلأن “الثروة الإنسانية التي يتمتع بها الموساد هي سر نجاحه” كما يقول رئيس الموساد تامير باردو يؤهَّل هؤلاء المشغلون من قبل الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، “الشاباك” و”الموساد” وشعبة الاستخبارات العسكرية المعروفة بـ”أمان”، في جهد متواصل من أجل تطوير عمليات الإسقاط يخضع لعملية بحث منهجي داخل مراكز أبحاث، من وظائفها تطوير وسائل الإسقاط..

كيف يتم تدريب مشغلي العملاء في دولة الاحتلال الإسرائيلي؟

ويعد قطاع غزة أحد أهم المناطق التي تهتم دولة الاحتلال بتأهيل رجالها لإسقاط العملاء، فقد طورت المخابرات الإسرائيلية إلى حد كبير من وسائل إسقاط العملاء، بما ينسجم مع الواقع الجديد في قطاع غزة، الذي لم يعد فيه من الممكن حدوث احتكاك مباشر بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي إثر تطبيق خطة “فك الارتباط”.

تولي دولة الاحتلال الإسرائيلي أهمية كبيرة في عملية تأهيل مشغلي العملاء، كونهم عناصر الإشارات الاستخبارية الذين يعرفون كيف يلتقطون المعلومات الحيوية والحساسة من المحادثات الهاتفية والرسائل القصيرة والكاميرات ومحادثات الشات والبريد الإلكتروني، والتي تصل إلى عناصر يعملون على فك الشيفرات وحل الألغاز الاستخبارية واستنتاج الحقائق.

فهؤلاء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 – 30 عامًا يخضعون لدورات تدريبية وتأهيلية مرهقة جدًا ومتقدمة، من بينها دورات في علم النفس للتعرف على رغبات الإنسان التي من خلالها يتم الضغط عليه لتجنيده لصالح الشاباك، وتبدأ مراحل تعليمهم داخل معهد تابع لمدرسة ألسن للشاباك، المُقام منذ 45 عامًا، وفي ذلك المعهد يتعلمون اللغة العربية بجميع لكناتها في غضون 42 أسبوعًا، كما يتعلمون لغات أخرى متعددة، بالإضافة إلى تعلم علوم الشرق والقرآن الكريم.

ثم يتمرسون أكثر على التحدث بالعربية بطلاقة، يتراسلون على الشبكة العنكبوتية باللغة العربية ويتعرفون على ثقافة العرب جيدًا من أمثال وحكم وما شابه لكي يستخدموها مع العرب خلال تجنيدهم للعمل لصالح الشاباك.

أما في المرحلة الثانية من التأهيل والتي تستمر عشرة شهور يتم توزيعهم على مناطق مختلفة بمرافقة مدرب إرشادي ليساعدهم على فهم المنطقة والتغلب على تحدياتها، فكل عنصر يرافقه في محادثاته مع الجواسيس والعملاء الآخرين وكذلك داخل جهاز الشاباك نفسه وفي الأغلب تكون الألقاب عربية إسلامية، إلى جانب ذلك يُطالب الضابط باحترام الدين الإسلامي ومراعاة الثقافة الإسلامية حتى يستطيع التأثير على من يريد تجنيده. فمثلًا المرأة المسلمة الغزية تحترم الحجاب وهناك أوقات للصلاة وغير ذلك من الأمور.

 

ما هي قدرات مشغلي العملاء؟

نظرًا للتطور الحديث، فقد أصبحت مهمة ضابط الشاباك في دولة الاحتلال أصعب، كما زادت حجم التهديدات على هذا المشغل، لذا فرض هذا التطور على مشغلي العملاء التحليق والإبداع، فمثلًا من خلال محادثة واحدة بإمكانه أن يجند رجلَ أعمال مهمًا، وأن يتحدث معه عن الضرائب والتأمين، والاستيراد والتصدير والصعوبات في نقل المعدات، وبعد ذلك يتوجب عليه التحدث إلى صانع صواريخ ويصف له قطر وطول الصاروخ، وهذا يتطلب من ضابط الشاباك الميداني الفهم العميق والواسع جدًا لمواضيع اقتصادية وتكنولوجية ويتطلب منه المعرفة السريعة وعليه أن يكون ملمًا بالصواريخ وأحجامها، فيفهم سريعًا أن الصاروخ الذي أخبره عنه العميل هو صاروخ جديد لم يستخدم في الميدان بعد، كما عليه قراءة دماغ “الإرهابي” الثاقب وأن يميز بين الحقيقة والوهم كما يذكر تقرير صحيفة “هارتس”.

يقول الوزير الإسرائيلي السابق يعقوب بيري، الذي بدأ حياته المهنية منسقًا مع العملاء، أن “مهمة الضابط أو المنسق مهمة معقدة للغاية أسميها فن المغازلة، نعمل من خلالها على جمع السيرة الذاتية لحياة الشخص ونعمل من أجل تجنيده”، ويوضح بيري أن تجنيد العملاء لا يتم بالضغط عليهم واستغلال حاجتهم للعلاج أو غيره، بل إن بعضهم جاء من خلال الصداقة مع بعض الضباط أو شخصيات معينة.

كما يشير بيري في كتابه “الآتي لقتلك”، أن عملية تجنيد العملاء تعتمد بشكل أساسي على القدرات “الإبداعية” التي يتمتع بها القائمون على مهمة تجنيد العملاء، وقدرتهم على تطوير أدائهم بما يتناسب مع ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

لماذا تولي دولة الاحتلال مشغلي العملاء اهتمامًا كبيرًا؟

يؤكد الخبير في الشئون الإسرائيلية صالح النعامي أن تأهيل مشغلي العملاء هو جزء من الإعداد المهني لرجال المخابرات الإسرائيلية سواء جهاز الشباك أو الموساد الذي توليه دولة الاحتلال اهتمامًا كبيرًا، ويضيف لـ”ساسة بوست”: “الاستخبارات في دولة الاحتلال هي جزء أساسي من العقيدة الأمنية الإسرائيلية تمنح الدولة العبرية القدرة على معرفة نوايا العدو خاصة في مجال الاستخبارات، لذا توظفها لمعرفة النوايا العسكرية والسياسية بشكل عام، فهم يستثمرون في مجال المخابرات بشكل قوي، ويهتمون كثيرًا بالقادرين على تجنيد مصادر بشرية”.

ما هي وحدات المخابرات التي تعمل على تجهيز رجال المخابرات في دولة الاحتلال؟

ويوضح النعامي أنه حتى يتمكن المجند من أداء مهامه يجب أن يكون لديه عدة مؤهلات من ضمنها إتقان اللغة العربية العامية وإدراك بعض الأمور التي تشكل جوهرًا هامًا في عملية جميع المعلومات مثل حفظ آيات قرآنية أو حفظ أمثال شعبية وذلك يأتي بهدف إحداث صدمة لمن يراد تجنيده فيقبل بالعمالة، كما يولي الاحتلال اهتمامًا بإعداد نفسية المشغل لمعرفة نفسية الطرف العربي، وآلية توظيف الأمور لصالحه.

هناك ثلاث وحدات تقوم بتجهيز مشغلي العملاء، أولاها وحدة النفوذ: التي يتم فيها تدريب عناصر من نفس جهاز الموساد ومن عملائه لاختراق العدو وتنفيذ المهمات الموكلة إليهم، ومن أبرز النفوذيين الذين اخترقوا البلاد العربية هو (إيلي كوهين) الذي أرسله الموساد إلى سوريا باسم (كامل أمين ثابت) سنة 1962م من أجل عقد صداقات مع ذوي النفوذ في المجتمع السوري.

ثم تأتي وحدة التقنيات: التي تعلم مشغلي العملاء آلية استعمال الأجهزة الحديثة من أجل استعمالها في المهمات، مثل أجهزة التنصت، وأجهزة الكمبيوتر، أجهزة التصوير الدقيقة والتزوير، وهذا القسم أيضًا يتضمن التزوير والتصوير والشيفرات وأجهزة الاتصالات ويتم تدريب العميل على تلك الوسائل.

أما فيما يتعلق بالوحدة الثالثة وهي وحدة التدريب والتخطيط؛ ففيها  يخضع مشغلو العملاء وبعض العملاء إلى دورات تدريبية خاصة لرفع مستواهم في تنفيذ مهمات معيّنة، وبالإضافة إلى التخطيط الجيد الذي له دور كبير خصوصًا في نجاح العمليات مع مراعاة التفاصيل غير المتوقعة.

والوحدة الرابعة والأخيرة هي وحدة مكافحة التجسّس التي تتمثل مهمتها في كشف النفوذيين الذين يحاولون اختراق أجهزة المخابرات مثلما حصل لرجل المخابرات المصري رأفت الهجّان، حيث دخل على الكيان الصهيوني على أنه يهودي باسم (ديفيد شارل سمحون).

هل يتعرض مشغلو العملاء لمخاطر؟

يتعرض مشغلو العملاء لعدة مخاطر، أهمها احتمال انقلاب العميل نفسه وثأره من مشغله أو خلال العمليات التي يشترك فيها المشغلون في مرافقة الجيش للعمليات الخاصة، وقد حدث أنتعرضت حياة مشغلي العملاء للخطر وقتل بعضهم، فقد قتل الضابط “موشي غولان” على يد أحد عملائه عام 1980 وبعدها بعدة أيام تم قتل الفلسطيني الذي قتله، فيما قتل ضابط آخر ويدعى “زئيف جيفع” عام 1984 في عملية بلبنان.

وقتل الضابط في الشاباك حاييم نحماني على يد أحد معاونيه عام 1993 فيما قتل آخر ويدعى نوعام كوهين عام 1994، فيما وقعت عملية استهداف ضابط في الشاباك وقتله عام 2005 والتي قتل فيها الضابط عوديد شارون بتفجير أحد مشغليه بقطاع غزة .

لذلك تؤهل دولة الاحتلال مشغلي العملاء كثيرًا لأخذ المسألة في الحسبان أثناء التعامل مع عملائهم بحيث يشكون بالمحيط بشكل عام ولا يثقون بأحد ويحظر على الضباط لقاء عملائهم دون إذن وموافقة مسبقة من مسئولي الجهاز خشية قيام أحد العملاء المزدوجين والذي يعمل لصالح الشاباك و”المنظمة المعادية” بتصفية الضابط.