خبر تركيا تريد أن ترقص في كل عُرس- هآرتس

الساعة 09:50 ص|09 ابريل 2015

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

          (المضمون: رغم وقوف تركيا الى جانب السعودية فان العلاقة مع ايران ايضا مهمة بشكل خاص لها وهي تدرك عظم الفرص الاقتصادية المتوقعة لها اذا تم التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران الذي سيؤدي الى رفع العقوبات عنها - المصدر).

          الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الايراني حسن روحاني شوهدا أمس مثل قنقذين يريدان اقامة علاقات بينهما. تصريحاتهما في المؤتمر الصحفي الذي لم يتم فيه توجيه الاسئلة، بدت وكأن كل فاصلة فيها صيغت بعناية كبيرة. « يجب أن نأخذ على عاتقنا مهمة الوساطة من اجل وقف سفك الدماء في العراق وسوريا »، أعلن اردوغان الذي امتنع عن ذكر شركاء تركيا في التحالف العربي المناويء لايران، الذي يعمل في اليمن ضد الحوثيين. « لا يهمني إن كان الذين يُقتلون سنة أو شيعة – كلهم مسلمون »، أوضح الرئيس التركي الذي خلافا لايران يطالب بازاحة بشار الاسد عن الحكم كشرط على موافقته على الانضمام الى التحالف الغربي ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

          لم تكن تلك الخلافات الوحيدة بين تركيا وايران. قبل نحو اسبوعين أعلن اردوغان بأن هدف ايران هو السيطرة على المنطقة ومن هنا يجب صدها. في أعقاب ذلك طالب 65 عضو برلمان ايراني من رئيسهم الغاء زيارة نظيره التركي الى طهران. اضافة الى ذلك، تركيا وقفت الى جانب السعودية في الحرب ضد الحوثيين في اليمن، وترى السعودية في تركيا حليفا في المحور السني الذي تريد اقامته ضد ايران. ايضا ثمن الغاز المرتفع الذي تدفعه تركيا لايران يغضب اردوغان الذي تعهد بشراء كميات أكبر من الغاز الايراني اذا وافقت ايران على تخفيض سعره.

          لكن الى جانب الخلافات، هناك لايران وتركيا مصالح مشتركة عديدة. حجم التجارة بين الدولتين يصل الى نحو 14 مليار دولار. على الأقل حسب تصريحات الطرفين، فانهما يطمحان الى مضاعفته ثلاث مرات. الدولتان لهما نفس وجهة النظر بشأن الخطر في انشاء دولة كردية مستقلة، كما أن تركيا ايضا المزودة الاساسية للمنتوجات الاستهلاكية للعراق، الدولة التي ترعاها ايران. رغم الشك المزمن بين الدولتين، فان العلاقات الاقتصادية والسياسية مع ايران مهمة بشكل خاص لتركيا التي تشخص عظم الفرص المتوقعة لها اذا تم التوقيع على الاتفاق النووي الذي يؤدي الى رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران. الشرعية التي ستحظى بها ايران ستُمكن تركيا من شراء كميات كبيرة من النفط بأسعار تنافسية، والاندماج في صناعة السيارات الايرانية والفوز بعطاءات البناء الضخمة المتوقع فتحها.

          في نفس الوقت تركيا لا تتنازل عن العلاقة الجديدة التي نشأت مع السعودية. هذه العلاقة من شأنها أن تجر في أعقابها المصالحة مع مصر التي حرمت منها تركيا منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة في تموز 2013. عشية ذهابه الى ايران اجتمع مع ولي العهد السعودي ووزير داخليتها محمد بن نايف الذي طلب التأكد من أن تركيا لن تزوغ عن التفاهمات التي توصلت اليها الدولتان في زيارة اردوغان الى الرياض. وفي الاساس في كل ما يتعلق بالتعاون في الحرب في اليمن.

          تحاول تركيا مرة اخرى الرقص في كل عرس وأن تثبت نفسها من جديد في الشرق الاوسط. حتى الآن تعرضت سياستها الخارجية الى الضربات المتتالية: القطيعة مع اسرائيل وسوريا، الخسائر الكبيرة في ليبيا، القطيعة مع مصر، الرياح الباردة التي تهب من جهة السعودية والمواجهة مع الولايات المتحدة على خلفية رفض تركيا الانضمام الى التحالف ضد تنظيم الدولة الاسلامية. لقد سارع محللون اتراك الى المقارنة بين ايران التي من شأنها أن تلعب دورا كبيرا (إن لم يكن الدور الرئيسي) في لعبة الامم الاقليمية وبين تركيا التي فقدت مرساتها في المنطقة. بين ايران التي يستخدم رئيسها التويتر والفيس بوك وبين تركيا التي أمرت حكومتها بحظر شبكات التواصل الاجتماعي، ما زالت هذه مقارنة بعيدة المدى: ما زال أمام ايران طريق طويلة عليها السير فيها حتى تصل فقط الى درجة حقوق الانسان المحدودة الموجودة في تركيا، ولكن في المجال الذي يوجد فيه لصورة الزعيم دور حاسم في تصنيف الدول، فان ايران تجمع لنفسها النقاط في حين أن تركيا تُدفع الى الهامش.

*     *    *