خبر على شفا حرب اقليمية -اسرائيل اليوم

الساعة 09:44 ص|09 ابريل 2015

فلسطين اليوم

بقلم: د. رؤوبين باركو

 المضمون: التحالف العسكري العربي في اليمن أوشك على تحقيق أول انجاز له أمام ايران، ولكنهم في طهران ما زالوا هادئين. إن ضعف واغلاق اوباما لعيونه يُمكنا الايرانيين من مواصلة برنامجهم للتمدد في الشرق الاوسط بمساعدة وكلائهم. ايضا اقتراب ايران من القنبلة النووية سيساعدهم ويضع اسرائيل في ضائقة - المصدر).

          دخل الشرق الاوسط في هذه الايام الى وضع يمكن وصفه باللامعقول كبير، وكل ذلك برعاية الولايات المتحدة. اتفاق الاطار الذي وقع عليه الغرب مع آيات الله يقود فعليا الى وصول ايران الى دولة نووية في النهاية بترخيص من دول العالم، وفي منطقتنا يتصعبون في استيعاب غير المفهوم – في الوقت الذي تواصل فيه ايران تحريك عجلات حربها وتمددها في مراكز قتل مختلفة في الشرق الاوسط وحيث تقف في اليمن أمام قوات التحالف العربية التي بدأت عملية « عاصفة الحزم »، يعلن المتحدثون باسمها أنهم نجحوا في اخضاع الغرب ويواصل زعماؤها الاعلان عن نيتهم في تدمير اسرائيل.

          يبدو أن ايران تستطيع السماح لنفسها بذلك ازاء ضعف الرجل المسالم براك اوباما. بفضله هي تقول بفرح – الدول العربية من حولها انهارت كبرج من ورق، وهي بقيت صامدة. هي ومصر، التي كما يبدو كانت ستنهار لو أن رئيسها عبد الفتاح السيسي خضع للحظر الاقتصادي والتخلي الامريكي عنه كما حدث في حينه لشاه ايران وفيما بعد لحسني مبارك.

          من حسن حظ الدول العربية التي تُهاجم الآن في الجناح اليمني من قبل ايران، أحد ما في الادارة الامريكية تشجع أخيرا وعمل على ازالة الحصار الامريكي عن القاهرة التي تصارع من اجل بقائها الاجتماعي والاقتصادي. هذا التغيير مكّن السيسي من إسماع صوت واضح وحاسم أكثر في التحالف العربي في الوقت الذي تعهد فيه بالحفاظ على أمن دول الخليج كجزء من أمن مصر. لقد عتّم بذلك على اعلان باكستان أنها ستقف الى جانب السعودية في الازمة مع ايران.

          الازمة ليست سهلة. دُمى ايران كان باستطاعتها إضحاك الكثيرين لو لم تكن مشبعة بدماء آلاف الأبرياء في الشرق الاوسط. لقد تحولت المنطقة الى مملكة اللامعقول، حيث تقوم المليشيا الايرانية « الحشد الشعبي » التي تضم مقاتلين من حرس الثورة بضرب داعش بالتعاون مع الجيش العراقي وبمساعدة غير مباشرة من الولايات المتحدة. وفي المقابل فان قوات ايرانية بمساعدة الشيعة العراقيين يقومون بذبح السكان السنيين في العراق وسرقة ممتلكاتهم، ايضا هذا يتم بترخيص امريكي. فهم يتحركون وهم يحملون صور المرشد الاعلى علي خامنئي في شوارع تكريت « المحررة » ويحتفلون بصورة عنيفة.

          ايضا في سوريا الذراع الايرانية الطويلة ملموسة. الرئيس بشار الاسد صنيعة ايران يواصل ذبح السكان المدنيين والمتمردين. منذ انهيار تعهدات اوباما بضرب النظام السوري اذا استخدم السلاح الكيميائي، فان الاسد يقوم بضرب معارضيه بغاز الكلور مستفيدا من الفشل في اخلاء بلاده من المواد الكيميائية وفقط يزيد استخدامه لها. هذا الوضع الذي يجري تحت أعين امريكية مغلقة يُذكر بالتعهد الامريكي في التسعينيات أن كوريا الشمالية التي قامت في حينه بدور ايران كتهديد نووي سيتم تجريدها من قنابلها. ازاء حقيقة أن هذا التعهد انهار فما الذي على اسرائيل أن تفهمه من السوابق (البعيدة والقريبة) التي أمامنا.

       المحور المشترك

          لاعب آخر في الملعب الشرق الاوسطي هو روسيا التي تساعد عسكريا المحور الايراني – السوري. إن الحفاظ على مكانة الاسد هو مصلحة روسية يقف على رأسها ميناء في المياه الدافئة للاسطول الروسي في طرطوس. هذه اليد موجودة ايضا في اليمن. فهناك وبشكل مفاجيء يطالب الروس بوقف اطلاق النار وكذلك يطالبون بممرات انسانية للانقاذ. الروس يتطلعون الى مضائق باب المندب متشجعين من انجازات الحوثيين الذين هم أداة بيد ايران.

          وزير الخارجية الايراني رياض ياسين يوجه إصبع اتهام مباشرة. حسب رأيه فان روسيا تُهرب في طائراتها « الانسانية » التي تهدف ظاهريا الى انقاذ رعاياها في اليمن، السلاح للحوثيين. العميد مسعود عسيري، المتحدث باسم التحالف العسكري لـ « عاصفة الحزم » ينضم الى هذه الاتهامات ويحذر: روسيا تعمل لصالح ايران في اليمن وفي سوريا. هكذا فان بصمات روسيا ظاهرة في المنطقة، سواء من خلال المبادرة بتسليح ايران ببطاريات متطورة مضادة للطائرات أو العروض لانشاء مفاعلات نووية « للاغراض السلمية » في الدول المختلفة. يبدو أن الرئيس فلادمير بوتين نقل الحرب الباردة الى الشرق الاسط كجزء من تحقيق حلمه لاعادة روسيا الى مكانة الدولة العظمى. وغايته هي الثأر من الولايات المتحدة على موقفها من قضية شبه جزيرة القرم والازمة في اوكرانيا.

          التحالف العربي يدرك المصلحة الروسية، وقد سبق للسعودية أن أعلنت: اذا حاول بوتين وقف عملية « عاصفة الحزم » عن طريق قرار في الامم المتحدة، وقامت الولايات المتحدة بالوقوف ضدها (لم تستخدم الفيتو)، فسيواصل التحالف العملية بدعم من باكستان وتركيا، التي التقى رئيسها اردوغان أول أمس مع روحاني، ولكنه لم يتطرق الى الصراع في اليمن.

          اذا لم يتغير شيء حقا في توازن القوى فسيتضح شيئا فشيئا أن اليمن سيكون الدولة الاولى التي سيُهزم فيها نشاط التمدد الايراني على أيدي الدول العربية السنية. مع ذلك ومن اجل تحقيق حسم كهذا فان تدخلا بريا في اليمن هو أمر ضروري. الانجاز السني الذي يتحقق في الجبهة اليمنية يبدو أنه الاول، ولكن حتى الوقت الحالي فهو الوحيد. اذا عدنا الى سوريا فان الكفة ما زالت تميل لصالح التعاون بين ايران وروسيا، اللتان تعملان في صالح نظام الاسد. في هذه الجبهة هما تحظيان بدعم مقاتلي « أكناف بيت المقدس » الفلسطينية. هؤلاء الذين يتركز معظم نشاطهم في مخيم « اليرموك » (الذي يسمى عاصمة الشتات الفلسطيني)، وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان. فمن جهة فان المخيم الذي فرغ تقريبا من سكانه يقع تحت قصف النظام السوري، ومن جهة اخرى يعاني من مواجهة مباشرة وعنيفة مع مقاتلي داعش عديمي الرحمة. « اليرموك » القريب من مواقع السلطة والامن في دمشق، يُسحب تدريجيا من أيدي النظام الى أيدي المتمردين، وفي نفس الوقت يفقد الاسد السيطرة على المعابر الحدودية التي اغلاقها من قبل المتمردين يخنق ما تبقى من اقتصاد الدولة ويضعف النظام.

          في الوقت الحالي يبدو أن دعم « أكناف بيت المقدس » للاسد يلغي محاولة الفلسطينيين عرض صورة الحيادية وعدم تأييد أي طرف من أطراف الصراع السوري الداخلي، كما أنه يشير الى أن الطلاق الذي أعلن عنه بين النظام السوري ومنظمة حماس الارهابية التي دعمت في البداية المتمردين، لم يكن نهائيا. قصة الغرام التي تجري تتضمن مساعدة ايرانية لحماس في غزة: السلاح واعادة ترميم الانفاق وتمويل العمليات الارهابية.

          ليس هناك شك في أن الأحلام المشتركة التي تنسج في الملاجيء المحصنة لحماس في غزة وحزب الله في بيروت من اجل تدمير اسرائيل بقيادة طهران، تواصل تغذية أوهام آيات الله بأحلام قاتلة. كل ذلك يجري في أزمان الهدنة الواقعة بين نكتة واخرى على حساب الامريكيين ازاء اتفاق الاطار المضحك الذي تم التوصل اليه في لوزان.

       بين اليمن وغزة

          الآن، وفي ظل الفوضى وانهيار الدول العربية في المنطقة، فان الامريكيين يصرون على الطلب من اسرائيل اقامة دولة ارهاب فلسطينية في يهودا والسامرة اضافة لتلك الموجودة في غزة. هذه رغبة امريكية مُحيرة تتساوق مع الطلب من اسرائيل الاستجابة الى « المبادرة العربية ».

          هذه المبادرة بالفعل هي طريقة جديدة لضخ مسلحي داعش الى يهودا والسامرة والجولان وطبرية، وكذلك أحفاد اللاجئين من « اليرموك » الى داخل اسرائيل في اطار « حق العودة ». مع اصدقاء كهؤلاء – من يحتاج الى أعداء؟ وبشكل عام، يبدو أنه في الادارة الامريكية هناك من يعتقد (بهدف الانتقام؟) أن النموذج التدميري لحماس العامل من غزة وسيناء ضد اسرائيل ومصر، ناجح بما يكفي الى درجة أنهم يريدون تطبيقه ايضا ضد أمن الاردن واسرائيل في يهودا والسامرة.

          « المبادرة العربية » تلتقي ايضا مع أهواء الشعب الفلسطيني. خلافا لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الذي يمد يد مضللة للسلام أعلن عن الحقيقة الدكتور عبد الستار، المحاضر الكبير في العلوم السياسية في جامعة النجاح في نابلس: « الفلسطينيون لا يريدون دولة. على السلطة الفلسطينية الاهتمام بتنفيذ حق العودة الى فلسطين ».

          هكذا حيث أن التهديد من الجنوب قائم وكما هو مفهوم ايضا التهديد من الشمال على هيئة حزب الله، بتوجيه ودعم ايران، فان مقاتليه يواصلون القتل والموت، وفي الوقت الذي يراكم فيه التنظيم ترسانة قاتلة من الصواريخ بعيدة المدى ويستعد لحرب اخرى رهن الاشارة ضد اسرائيل – متشجعا من « اخضاع » الولايات المتحدة على يد ايران. لكن وقبل أن تزيد من نشاطاتها بواسطة حزب الله وحماس فان ايران تركز جهودها في اليمن، بمساعدة الحوثيين. خامنئي والرئيس حسن روحاني يريان أن زخمهما يتم وقفه من قبل القوات العربية في اليمن، وبواسطة حكام عُمان يهددون السعودية (التي صدتهم في الماضي في البحرين) بأنها ستدفع ثمن ذلك. ايران لا تخاف من القوات العربية المشتركة. هناك يعرفون أن هؤلاء لن يتجرأوا على مهاجمة ايران.

          حتى هذه اللحظة يخوض الطرفان حرب شوارع في اليمن حيث يستخدم الحوثيون السلاح الثقيل ويقومون بقصف واقتحام البيوت وقتل المدنيين. الحرب امتدت الى القبائل في جنوب شرق اليمن الذين انتظموا في اطار مليشيات « المقاومة الشعبية ».

          من اجل ردع اتحادات القبائل اليمنية من التدخل في المعارك، يقوم الحوثيون بخطف زعماء، نشطاء احزاب ورجال دين كبار. ولمعادلة السلاح والوسائل العسكرية التي سيطر عليها الحوثيون في المعسكرات والوحدات العسكرية التي استولوا عليها يتم إنزال السلاح الخفيف من طائرات التحالف لنشطاء القبائل الموالية للرئيس اليمني عبد منصور هادي.

          مقاتلو هذه القبائل يتجمعون الآن ضد الحوثيين الى جانب قوات التحالف، الذين يقومون الآن بالقصف فقط من الجو والبحر. اذا دخل تحالف « عاصفة الحزم » الى الحرب البرية مع الحوثيين، واذا قامت بالحزم، مثل اسمها، فان هذا سيشكل نقطة تحول بخصوص القدرة العربية على صد الايرانيين ووكلائهم ايضا في سوريا والعراق ولبنان.

          في هذه الاثناء وبعد رفع العقوبات يستطيع الايرانيون المسلحون جدا أن يفتحوا من جديد محافظهم لتسلح آخر، وحال انتهائهم من بناء القنبلة النووية يستطيعون  حسم الدول العربية في شبه الجزيرة وأن يعيدوا تنظيم أنفسهم عسكريا. هكذا تستطيع ايران في المستقبل اظهار جدية تهديداتها تجاه أعدائها: في الخليج بواسطة اظهار قوة نووية، وصواريخ ضد اسرائيل (ايضا من لبنان).

       الثقة الايرانية

          الشيخ محفوظ وِلد الوالد، المفتي المستقيل لتنظيم القاعدة السني، يتهم ايران بكل مشاكل الشرق الاوسط. رغم المعركة الوجودية التي تجري على السيطرة بين ايران الشيعية والدول السنية في الشرق الاوسط، ما زال رجال القاعدة يحاولون اللحاق باخوانهم وتعزيز مواقفهم باعمال ارهابية كثيرة المصابين. حتى في ظل المعارك في اليمن فقد قام رجال القاعدة بسرقة البنك المركزي في العاصمة وحرروا معتقلي الارهاب التابعين لهم من السجن.

          في هذا الوضع يشكل تحليل الوضع الأصيل للوالد رؤية للحالة النفسية الاسلامية السنية المتطرفة في الشرق الاوسط. في سلسلة مقابلات مع محطة « الجزيرة » شرح أن المواجهات في سوريا ولبنان والعراق واليمن تنبع من نوايا التمدد الايرانية التي وصف زعماؤها منذ البداية العراق كجزء تاريخي من المجال الايراني. حسب اقواله فانه نظرا لضعف الدول العربية التي تنقصها الرؤيا الاستراتيجية المشتركة فهي لا تستطيع اعطاء رد مناسب للعنف الايراني رغم كل المال الذي أنفقوه على شراء كميات كبيرة من السلاح – وايران تعرف ذلك.

          يدعي المفتي أنه في الوقت الذي تخلى فيه العرب عن الفلسطينيين فقد استغل الايرانيون الفراغ الذي نشأ وساعدوا الفلسطينيين وجندوهم لخدمة أهدافهم. الآن تستخدم ايران ايضا الصينيين والروس لأغراضها وذلك عن طريق مؤامرة تقديم منافع وصفقات كبيرة منهم بواسطة العراق.

          كما يدعي الوالد ايضا أنه لا يوجد للادارة الامريكية اصدقاء، وأن ما يهم الامريكيين هو مصلحتهم ومصلحة اسرائيل الاستراتيجية (تدفق النفط). لقد اظهر المفتي ثقته بأن الوضع الذي نشأ أمام الولايات المتحدة  فان ايران تنتظر الضوء الاخضر من الولايات المتحدة لتحتل البحرين بعد أن قامت باحتلال بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.

          حسب اقواله فان الايرانيين الشيعة يتصرفون في الشرق الاوسط من خلال منظور تفوق فارسي ديني، قومي وعنصري، وتخفي مباديء عقيدتها، وتعاملهم المتعالي تجاه العرب، وحتى ازاء الطوائف الشيعية « الدنيا » الاخرى. ويضيف الوالد بأن السنة يوصفون لدى الشيعة كـ « كفار » وخالقي فتاوى كاذبة.

          المفتي لاذع اللسان يوضح أن  طريقة مواجهة ايران يجب أن تكون مشابهة للقوة والحكمة التي تستخدمها هي نفسها: في البداية – قوة معتدلة ومفاوضات « قوة ناعمة »، وفي النهاية – قوة عنيفة « قوة خشنة » وذلك لتحقيق الانجازات. ليس هناك شك أنه في الشرق الاوسط يديرون الحوارات ويحصلون على نتائج فقط هكذا، وهذه عبرة مهمة لاوباما الذي يرضي ويهادن أعداءه. الايرانيون لا يعربدون في الشرق الاوسط عبثا، فلديهم اجندة سيطرة مؤكدة على الشرق الاوسط. اذا لم يتم صدهم فهم سيعملون من اجل تنفيذها. باسم الله.