خبر اليرموك وناري التهجير والتدمير.. هيثم أبو الغزلان

الساعة 12:02 م|08 ابريل 2015

مع بدء الهجوم الذي شنّه تنظيم الدولة « داعش » وسيطر خلاله على أجزاء واسعة من مخيم « اليرموك »، بمساعدة من جبهة « النصرة »، أصبح المخيم يعيش مأساة مُركّبة. اختلطت تحالفات « الضرورة »، وأصبح واقع الحال يُعبّر عن وضع لا يطاق، ولا يمكن لأحد أن يقبل باستمراره خصوصاً مع تدهور الأوضاع الإنسانية لنحو 15 ألف مدني فلسطيني.

من الجلي أن مخيم اليرموك يحتل موقعاً استراتيجيًا، وهو مربط طرق بأكثر من اتجاه، ويبعد حوالى 8 كلم فقط عن العاصمة السورية دمشق. وهُجّر معظم سكانه الذين كانوا يقدرون بـ 150 ألفا إلى 200 ألف نسمة، وأصبحوا يعانون مرارة البقاء والنزوح مع إخوانهم في المخيمات الأخرى.

في 30-3-2015 اغتيل القيادي في حركة « حماس » في سوريا، ورئيس « هيئة فلسطين الخيرية »، التابعة لها، يحيى حوراني (أبو صهيب)، لتقوم بعدها كتائب « أكناف بيت المقدس »، المحسوبة على حماس، باعتقال عناصر من « داعش » و« النصرة »، لينفجر بعدها خلاف كبير بينهم؛ وأدى ذلك إلى اجتياح « داعش »، بمساندة « النصرة » للمخيم والسيطرة على أجزاء واسعة فيه، قبل أن يتم العمل على طردهم من بعض المناطق التي سيطروا عليها.

ويبدو من سياقات الأمور واتجاهاتها العامة أن هدف « داعش » من هذا التصعيد هو « قطع الطريق على إجراء مصالحة بين أكناف بيت المقدس والدولة السورية »، كان يُعمل على تظهيرها في بداية شهر نيسان الحالي.

خلال سنيّ الأزمة السورية، سعت بعض الفصائل الفلسطينية، إلى تحييد اليرموك والمخيمات الأخرى عن التورط فيها. ومع تعقد الأوضاع، وانفلات الأمور، وتبدّل التحالفات، والمال السخي، نشأت وقائع جديدة؛ لناحية التهجير، والحصار، والقصف، والتدمير، والمعاناة الإنسانية الكبيرة التي بات يعيشها الأهالي داخل المخيم وخارجه.

إن ما حدث ويحدث، هدفه الفعلي هو تصفية قضية اللاجئين، وتدمير المخيمات الفلسطينية، بما تحمله من رمزية تشير إلى حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه ودياره التي أُخرج منها عنوة وبقوة السلاح. وهذا يضع المسؤولية على الجميع لمعالجة هذه القضية الخطيرة عبر الحفاظ على ما تبقى من المخيم وأهله، وإعادة طرح قضية اللاجئين الفلسطينيين كقضية وطنية وإنسانية تمسُّ مكونات الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده، وأيضًا الحفاظ على ما تبقى من هذا الوجود من الذوبان في المجتمعات الأخرى، أو التهجير، وبالتالي ضياع القضية الأساسية التي حافظ عليها الفلسطينيون منذ النكبة وحتى يومنا هذا.

إن مسألة تهجير الفلسطينيين من المخيمات في سوريا، وتدمير تلك المخيمات، يبدو أنه في سياق مخطط جرى تنفيذه بحق الفلسطينيين في العراق وليبيا ومخيم نهر البارد في لبنان، وهدفه القضاء على قضية اللاجئين وتصفية القضية الفلسطينية برمتها.

ومع العلم أنه جرى عقد 18 اتفاقاً وتفاهماً لتحييد اليرموك، وإنقاذ أهله من الاقتلاع والتشريد، والضياع، لكن كل محاولات التحييد تلك لم يلتزم بها موقعوها، بل جرى خرقها، ونسفها. وهذا يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصلحة تلك الأطراف ومن يقف خلفها في تدمير المخيم وتهجير أهله.