خبر الاتفاق موجود، والآن ننتظر الحساب.. معاريف

الساعة 01:28 م|07 ابريل 2015

الاتفاق موجود، والآن ننتظر الحساب

بقلم: إيال زيسر

          (المضمون: الاتفاق الايراني الامريكي وأكثر مما يدفع طهران نحو الذرة فانه يمنحها مكانة دولة عظمى اقليمية شرعية. وفي الوقت الذي يحتفلون فيه في واشنطن وطهران وفي اسرائيل يقضمون أظافرهم قلقا فانهم في العالم العربي يستعدون لدفع الحساب - المصدر).

          مع انتهاء الاحتفالات في واشنطن وطهران بمناسبة التوصل الى اتفاق المباديء بين ايران والولايات المتحدة وشركائها، حان وقت الحساب. ولكن حيث يتضح شيئا فشيئا للدول العربية السنية المعتدلة، التي ترى نفسها كحليفة لواشنطن في المنطقة، بأن التوقع الامريكي منها ليس فقط دفع حساب الوجبة بل أن تكون جزءً من قائمة الطعام المعد لاشباع شهية ايران.

          لقد قيل الكثير حول الخطر الكامن الذي ينتظر دول المنطقة، وليس فقط اسرائيل، من الاتفاق المتبلور بين اوباما وروحاني. هذا الخطر يكمن ليس بالتحديد في مسألة ما سيحدث في المنطقة بعد نحو العقد أو حتى قبل ذلك، عندما تقرر ايران أنه حان الوقت لتتحول الى دولة نووية. قرار كهذا لا يقف الآن على سلم الاولويات من جهة الايرانيين، ومن الممكن جدا أنهم يفضلون تأجيله لبضع سنوات الى حين نشوء الظروف الاقليمية والدولية التي تُمكنهم من اتخاذ قرار كهذا.

          المشكلة هي أن الدعم الذي يتلقاه الايرانيون من واشنطن، ولا نتحدث عن حرية المناورة السياسية، وفي أعقاب رفع العقوبات وحتى حرية اقتصادية للتجرؤ والمناكفة أكثر من السابق، في محاولة تعزيز تأثيرها الاقليمي ازاء اسرائيل، بل ايضا وفي الاساس ازاء الدول العربية المعتدلة. اربع دوائر تأثير وتدخل ايراني ظهرت في السنوات الاخيرة في منطقتنا. وفي كل واحدة منها علينا أن نتوقع نشاطا وتهديدا ايرانيا ملموسا أكثر من الماضي.

          في الدائرة الاولى يدور الحديث عن مواقع ايرانية موجودة منذ فترة تحت سيطرة طهران. أولها النظام السوري لبشار الاسد الذي يصارع للحفاظ على حياته في دمشق والى جانبه حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة. كل هؤلاء  يعتمدون عسكريا واقتصاديا على مائدة طهران ويحتاجون كثيرا للمساعدة الايرانية في صراعهم على البقاء أمام خصومهم. من الواضح أن اتفاقا امريكيا ايرانيا سيُعطي ايران حرية حركة بل قدرة كبيرة أكثر من السابق لتقديم مساعدة كهذه. ليس فقط فقراء ايران يمكن أن يستفيدوا من الثمار الاقتصادية لانفتاح ايران على العالم ولكن قبل الجميع مقاتلو حزب الله وحماس الذين تصل رواتبهم ومعداتهم مباشرة من جيوب الايرانيين.

          في الدائرة الثانية نجد معظم الاراضي السورية المسيطر عليها من قبل المتمردين السنيين، جزء من اراضي لبنان التي لم تسقط بعد بكاملها تحت سيطرة حزب الله، وكما هو مفهوم العراق واليمن التي دُفع فيها الشيعة الذين يعيشون في هذه الدول الى أحضان ايران وهذه من جانبها تشجعهم على القيام بنفس اعمال حزب الله في لبنان، والتحول الى قوة ايرانية متقدمة على شواطيء البحر الاحمر وفي قلب العراق. من ناحية الولايات المتحدة وقبل التوقيع على الاتفاق النووي فان نشاطات ايران في هذه المناطق مباركة، لأن من شأنها أن تضعف المنظمات السنية المتطرفة التي هي من وجهة نظر واشنطن التهديد الحقيقي للمصالح الامريكية في المنطقة.

          في الدائرة الثالثة توجد دول الخليج، مثل البحرين التي توجد فيها اغلبية شيعية، ولكن الى جانبها ايضا دول خليجية اخرى مثل عُمان وحتى العربية السعودية التي جزأها الغربي مسكون من قبل الشيعة. هذه بدون شك ستشعر في الفترة القريبة بقوة اليد الايرانية التي تعمل على تشجيع الشيعة على رفع رؤوسهم ضد حكامهم.

          الحديث في هذا السياق لا يدور عن مخططات للمستقبل البعيد، ولكن عن نشاطات ايرانية محددة وآنية. حيث أنه أكثر مما يدفع الاتفاق الايراني – الامريكي طهران باتجاه الذرة فهو يمنحها مكانة دولة عظمى اقليمية شرعية، شريكة في مباحثات الكبار، الدول النووية الخمسة العظمى في العالم القديم أضيفت لها الآن ايران.

          لقد طمحت ايران دائما الى مكانة كهذه التي تعني ليس فقط احتراما ولكن توسيع النفوذ الايراني الى المجال المحيط لايران بدءً من الخليج الفارسي وانتهاءً بما يسميه الايرانيون « حلقة الأمن » الايرانية التي تمتد من مرتفعات ايران وحتى الشواطيء الغربية للبحر الابيض المتوسط، وتشمل لبنان وغزة واسرائيل. بهذا يمكن تفسير القلق في العالم العربي ازاء الاتفاق الذي طُبخ في لوزان.

          وهكذا، في واشنطن وطهران يحتفلون، وفي اسرائيل يقضمون أظافرهم قلقا، ولكن في العالم العربي يستعدون لدفع الحساب.