خبر تطبيقات قاربت الخيال

الساعة 07:37 م|06 ابريل 2015

فلسطين اليوم

جزيئات متانهية الصغر تبشر بثورة صناعية ثانية. النانو الذي إعتبره بعض العلماء  ثورة القرن الحادي والعشرين , وأطلقوا إسم عصر النانو على وقتنا الحاضر. تكنولوجيا ستغير وجه العالم وحياة الإنسان إلى الأبد. عبر هذه التقنية يتم إعادة هيكلة الجزئيات والذرات داخل المادة، بحيث تتحقق القدرة على رؤية وقياس ومعالجة وإنتاج أشياء بمقياس واحد على مائة نانومتر، وهو وحدة قياس صغيرة جدًا، توازي واحدًا على بليون من المتر، أو واحدًا على مليون من المليمتر، أو واحدًا من المليار من المتر. ويطلق على هذه التقنية النانو تكنولوجي.

وتتمثل أهمية هذه التقنية أن خصائص المواد قد تتغير بصورة مدهشة عندما تتجزأ إلى قطع أصغر فأصغر وخصوصاً عندما نصل إلى مقاييس (النانو) أو أقل، عندها قد تبدأ الحبيبات الثانوية إظهار خصائص غير متوقعة ولم تُعرف من قبل، أي غير موجودة في خصائص المادة الأم. وستؤدي كذلك تقنيات النانو لتصغير الأجهزة وتقليل سعرها وتوفير طاقة التشغيل.

و تعتبر خطورة هذة التقنية أنها حقل واسع من العلم التطبيقي يرتكز على التفكيك والتركيب الفيزيائي للمواد ومن ثم تجميعها وخلق مواد جديدة لم نرها من قبل وكذلك خلق أجهزة وآلات بحجوم دقيقة بالمقياس النانوي. مثال ذلك تفكيك الفحم ثم تجميعه كماس و بالإمكان بها تصنيع الروبوتات الدقيقة بحجوم الميكروبات غير مرئية التي تملك عقولا الكترونية يمكن برمجتها للقيام بمهام خاصة.

مجال تقنيات الصغائرأو ما يسمى بالمواد النانوية هو مجال ناشئ حديثا وقد إنتشر نقاش و جدال حول مدى تأثير هذه التقنية عند الإستخدام الصناعي كالرقاقات الإلكترونية بإستخدام جسيمات فضية نانوية و التي تدرس في علوم سمية المواد النانوية و قد تبين سميّة هذه المادة في عدة مواضع.

يمكن تقسيم التأثيرات البيئية لتقنيات الصغائر إلى قسمين هما: إمكانية الاستفادة من الابتكارات التقنية المصغرة في المساعدة في تحسين البيئة، والنوع الجديد من التلوث الناجم عن مواد تقنيات الصغائر في حالة انبعاثها للبيئة. ويعد تلوث تقنيات الصغائر مصطلحاً عاماً وشاملاً لكل النفايات الناجمة عن استخدام أجهزة التقنية المصغرة أو خلال عملية مواد  وقد تعتبر تلك النفايات على درجةٍ عاليةٍ من الخطورة، ذلك بسبب حجمها. حيث تستطيع أن تطفو في الهواء وقد تخترق بسهولة الخلايا الحيوانية و النباتية مسببة بذلك تأثيرات مجهولة لكل منهما. ولعل أحد التحديات الضخمة التي تواجه تقنيات الصغائر يتمثل في: كيفية التعامل مع ملوثات تقنيات الصغائر و نفاياتها.

عدم توافر معلوماتٍ كافيةٍ تمكننا من التأكد عما إذا كان لجزئيات الصغائر تأثيراتٍ سلبيةٍ غير مرغوبٍ فيها على البيئة. ونجد هنا نقطتين مرتبطين بتلك القضية تتمثلان في: (1) جزئيات الصغائر الحرة تنبعث في الهواء أو الماء خلال عملية الإنتاج (أو حوادث الإنتاج) أو تنبعث كنفاياتٍ عن عملية الإنتاج ومن ثم تتجمع في التربة، والماء والحياة النباتية. (2) أما في حالتها الثابتة، عندما تمثل جزءً من المواد المصنعة أو المنتج النهائي، فيجب حينئذِ أن يتم إعادة تدويرها أو التخلص منها على أنها نفايات.

كما حذر علماء في جامعة لهاي من عدم القدرة على التعرف على تأثير الألوان الداكنة التي تحملها الجسيمات المتناهية الصغر العالقة بالماء والهواء ومدى صلاحيتهما للاستخدام وأثرها على التمثيل الضوئي للنبات، وأبدى العلماء مزيدا من القلق حول تزايد المخاطر الصحية المحتملة، وأثاروا العديد من التساؤلات عن سرعة رد فعل جزيئات المواد المختلفة عندما تصغر إلى الحجم النانومتري، وكذلك التلوث الناجم عن الارتفاع الكبير لمعدلات الامتصاص لتلك الجسيمات الدقيقة، حيث تسلك العناصر المصغرة للحجم النانومتري، نظرا لصغر حجمها الشديد ومساحتها الكبيرة، مسلكا مغايرا للمعهود عنها في حجمها الطبيعي.
وتناولت معظم البحوث الجسيمات الأكبر حجما، وخرجوا بنتائج تؤكد على الحاجة إلى اتباع نهج علمي لرصد ومعالجة أو تخفيف درجة السمية العالية للملوثات، فهناك حاجة ماسة لتحديد تكوين جسيمات المعادن الثقيلة مثل الكادميوم والزئبق والزرنيخ في الهواء، كما أن التكنولوجيات التقليدية كثيرا ما تكون غير كافية لخفض تركيزات تلك العناصر السامة في مياه الصرف إلى مستويات مقبولة.

تتعدد آراء المنظمات المختصة و العلماء في هذا الشأن بين داعم لهذه التقنية و رافض لها. فعلى سبيل المثال ترفض رزان زعيتر رئيسة الجمعية العربية لحماية الطبيعة هذه التقنية قائلة: “إن المتلاعبيين بالطبيعة و المصممين على السيطرة عليها-لاالتعايش معها- لم يكتفوا بالتحوير الوراثي للمواد الطبيعية و البذور فبدأوا بالتلاعب بالمواد على مستوى الذرات و الجزيئات. و تضيف:” تكنولوجيا النانو تتسرب من المختبرات إلى حقول الحياة المختلفة دون النظر في مخاطرها أو تطوير قوانين تنظيمية تتحكم بها. وتشير زعيتر إلى أن صفات المادة بحجم النانومتر مختلفة تماما عن صفاتها بحجمها الطبيعي و ذلك من حيث التوصيل الكهربائي و اللون و السمية.”

ولم تر منظمة غرين بييس بُدّا في معارضة هذه التقنية معلّلة ذلك أن الإنسان على أبواب عصر جديد. فلا يجب الوقوف بوجه هذا التطور لكنها دعت في نفس الوقت إلى محاولة تقليص السلبييات قدر الإمكان.

حقل علمي خصب نسبة خطورته على البيئة متفاوتة إن أحسن الإنسان إستخدام هذه التقنية. وبين مشجع لتقنية النانو في المجال البيئي و بين متريث لعدم معرفة المخاطر الحقيقية المحدقة بالإنسان و البيئة على حد سواء. يبدو أنّ قلقا متزايدا بين الباحثين يدفعهم لدراسة متواصلة وتحليل دقيق لوضعية إستعمال هذه التقنية في زماننا الحاضر.