خبر وداعاً لعصر الضمادات: أفكار ثورية لغلق أصعب الجروح

الساعة 07:12 م|06 ابريل 2015

فلسطين اليوم

في العام 1920 كان إيرل ديكسون واقفاً عندما لمح جرح سكين صغير في يد زوجته، كانت هناك مرات أخرى رأى فيها حروقاً صغيرة بسبب أعمال المطبخ في يدها، أخذ يفكر في حل لذلك، وكان عندها أول ظهور للضمادات الصغيرة اللاصقة، ليبدأ قرن من صناعة الضمادات التي قدرت حتى الآن بمليار دولار، لكن يبدو انه على أعتاب نهايته، على يد شركتين فعلتا مثل ديكسون، وبدأتا ابتكارين ثوريين يفتحان صفحة جديدة تماماً في تاريخ غلق الجروح.

X Stat: صمغ المعارك الذي يوقف النزيف في 30 ثانية فقط

فبينما كان ويليامز سونوما يتسوق، وقف فجأة عند قسم الإسفنج وسأل نفسه: لماذا لا نستخدم تقنية تشبه الإسفنج في غلق الجروح؟

لكن هذه الفكرة تتخطى ما هو أبعد من إسفنجات المطبخ بكثير، فهي تحوي العشرات من الإسفنج داخل الأنبوب الخاص بها والذي ينتهي بمكبس، يكبس كل هذه الإسفنجات في الجرح بمجرد الإصابة، لتتمدد هذه الإسفنجات بما يصل إلى 15 ضعفاً، وتضغط الشرايين والأوعية الدموية المتمزقة من الداخل، كما تمتص النزيف داخلها مثل الفوط الصحية القطنية الداخلية التي تستخدمها النساء (التامبون)، وقد قال ويليامز أن تلك كانت مصدر إلهامه الثاني.

في المعارك عندما يصاب جندي برصاصة تبدأ نافورة الدم في الانبثاق، يركض حينها زملاؤه أو الأطباء الميدانيون بسرعة ليلفوا جرحه بالضمادات والشاش، ويبدئوا في الضغط على الجرح من الخارج، لكن هذا لا يجدي لو كان الشريان المتضرر أكبر، الكثير من الأشخاص يموتون في أرض المعركة بسبب النزيف، فكر ويليامز أن الضغط يأتي من الخارج، فلماذا لا نجعله من الداخل؟ وكانت عندها الفكرة الثورية الأولى: X Stat.

بدأت الحكاية عام 2008 أثناء حرب أمريكا على العراق، عندما اتصلت العسكرية الأمريكية بشركة RevMedx لتطلب منهم أي حل أفضل لإيقاف نزيف الجنود في المعارك قبل ان يصلوا إلى المستشفيات، وأصبح هذا الصمغ الإسفنجي متاحاً فقط للاستخدامات القتالية فقط، لكن الشركة تأمل أن يكون متوفراً في أقرب وقت للاستخدامات المدنية مثل حوادث السيارات، وإطلاق النار، والحرائق.

MAR glue: صمغ غرف العمليات الذي أدهش الأطباء والجراحين

الابتكار الثوري الآخر الصمغي MAR glue سيكون قريباً بين أيدي الأطباء المدنيين والجراحين، وهو يهدف أيضاً لإيقاف النزيف، لكن لنوع مختلف من الجروح، فهو ليس لجروح الرصاص المفاجئة، بل لجروح مبضع الجراح أثناء العمليات.

فكرة الابتكار الثاني أبسط من ذلك، فهي تشبه أن تلصق أجزاء المزهرية المكسورة مثلاً، ضع الصمغ وقرب الحافتين، الأمر بهذه البساطة، وقد صنعت صمغ الجروح هذا شركة Medical Adhesive Revolution والذي اشتق اسمه من حروفها الأولى.

معظم صمغ الجروح الذي يستخدمه الجراحون هذه الأيام يعتمد على تسريع عوامل التجلط في الدم، وليس لصق حواف النسيج ببعضها، بينما يعتمد هذا الصمغ على ذلك، تاركاً الجسم يعالج نفسه دون عوامل تجلط تقف في طريقه.

كما أن له ميزة أخرى، فهو يجف في 30 ثانية فحسب، كما أنه مرن بشكل لا يصدق، قابل للتخزين في أي درجة حرارة،  وقابل للتحلل، أي أنه سيذوب بشكل تلقائي داخل أو خارج الجسم ولن يحتاج لإزالته بعد ذلك، هذا الذوبان يستغرق مدة زمنية معينة، فهو يبلغ 30 يوماً للجروح سريعة العلاج، و 90 يوماً للجروح التي تحتاج المزيد من الوقت.

وبالتالي، إذا قطع جراح أي شريان ما بشكل خاطئ أثناء العملية، فإنه يستطيع وضع النوع الدقيق من هذا الصمغ الجراحي بسرعة وينقذ الموقف، أما النوع الآخر منه فهو قادر على المساعدة في الجروح الكبيرة للأعضاء نفسها.

لكن هذا الصمغ لا يزال ينتظر موافقة إدارة الغذاء والدواء لاعتماده، وكخطوة في طريقها للاعتماد، كونت الشركة فريقاً من الأطباء والجراحين لاختباره على مرضاهم، أفضل وسيلة لإقناعهم بتجربته كان عندما عرضوا عليهم فيديو مصوراً لهذا الصمغ وهو يوقف نزيفاً بالغ الشدة لأحد أعضاء الجسم في ثوان فقط، لم يستطيعوا التعليق من الذهول !

قد نتخيل أن هذه نهاية الرحلة وأنه لم يعد يوجد بعد ذلك، لكنك ستفاجأ إن عرفت أن X Stat تخطط لتطوير نوع جديد قادر على إيقاف نزيف ما بعد الولادة، كما أن MAR glue تخطط لنوع جديد منها على شكل بخاخ يوقف النزيف.

ربما حان وقت وداعنا لصندوق الإسعافات الأولية الذي تعودنا عليه، إن عصر الضمادات والشاش والقطن واللاصق الطبي يوشك أن يسدل عليه الستار للأبد!