خبر مريض الربو والهروب من الروائح بين الوهم والحقيقة

الساعة 07:15 م|03 ابريل 2015

فلسطين اليوم

تتعامل سوندرا مع الروائح كأشباح تهرب دائماً منها، فسوندرا جاستيس البالغة من العمر 60 عاماً والتي كانت تعمل في البريد قبل أن تتقاعد، وكانت كل الروائح حينذاك خطراً بالنسبة لها، جاعلاً ذلك إياها في رحلة هروب دائمة وخوف قلِق، سواء في الخارج أو في المنزل، من رائحة علب الأيروسول ومعطرات الجو أو المبيدات الحشرية والفحم حتى رائحة المنظفات المنزلية، حتى حين تخلط الكلور مع الماء لتنظف شيئاً فإن ذلك يهيّج حلقها، وتبدأ أجراس أزمة الربو ترن، إذ يتقلص مجرى الهواء بسبب المواد الكيميائية التي تفرز في أجساد الناس ذوي الحساسية لمركبات معينة، وتبدأ الكحة ويصبح النّفس قصيراً وصعباً، ليشبه الأمر مثلاً محاولتك إدخال عشرين رجلاً إلى البيت عن طريق باب أضيق من حجم طفل، أو من ثقب الباب، هل تتخيل الأمر؟ هذا يحدث مع سوندرا أو أي مريض أزمة، ففي مرضى الأزمة حين تأتي مركبات معينة وتطرق الباب يجنّ جهازهم المناعي ويفرز مواداً كيميائية بغزارة ويضيّق هذا الباب بشدة ويجلب خلايا مناعية لتقف عليه كذلك، فلا يدخل الهواء بسهولة.

لكن أليس من المحتمل أن يكون وسط الأشباح ملاك يضيع في زحام الخوف؟

“ربما يكون هناك روائح تجعل أزمة الربو أفضل”

هكذا فكّر الدكتور جايلن مارشال.

تعرض هذه المرأة لأزمات الربو المتكررة جعلها في حالة ترصد دائمة ومسبقة لأي رائحة، وهي ليست وحدها كما تقول الدكتورة باميلا العالِمة في مركز مونيل الكيميائي في فيلاديلفيا، فكل مرضى الربو يبقون على هذا التأهب والإحساس بالخطر من الروائح.

وليس هذا فقط، الشئ الغير مصدق أن هذه الفوبيا قد تصل  إلى حدوث أزمة الربو من مجرد التفكير في روائح معينة خطِرة، وهذا ما جعل العلماء يبدأون بالتفكيرفي  أثر تفكير المريض على أزمة الربو، فهو إن كان بالسلب، فهل يمكن أن يكون بالإيجاب؟

وقررت دراسة ردود فعل المرضى على نفس الرائحة، لكن بتغيير التفكير، فوجدت أن معظم الناس يتأثرون بـ”الإيحاء”، فقد قامت بجلب مجموعتين من الناس العاديين وأعطتهم نفس المحلول، وقالت للمجموعة الأولى أن هذا “مذيب كيميائي” بينما قالت للمجموعة الثانية أنه محلول مستخلص نبات غابات مطيرة، وبعد خمسة عشرة دقيقة حدث ما توقعته! فالمجموعة الأولى بدأوا يشعرون بأنهم ليسوا على ما يرام بينما المجموعة الثانية قالت إنها شعرت بالارتياح والخفّة.

وقالت دالتون أنها عندما رأت ذلك تأكدت من الأثر الدراماتيكي الذي يحدثه “الإيحاء” على الناس الطبيعيين، فما بالك بأناس مصابين بأزمة ربو؟ وتكررت لديهم النوبات لهذه الأسباب عدة مرات؟

إذ أن أثر الروائح يخضع لأسباب حساسية حقيقية وأسباب أخرى تعود إلى الإيحاء، أو الوهم.

ثم بدأت بعد ذلك في الدراسة الثانية، وجلبت 17 شخصاً مصاباً بالربو المزمن وقسمتهم إلى مجموتين أيضاً، وأعطت الاثنتين نفس رائحة الورد النقية لكي يشموه مدة 15 دقيقة، أخبرت الأولى أن هذا المحلول سوف يساعدهم للتنفس بشكل أفضل وأخبرت الأخرى أنها تسبب مشاكل في التنفس.

وكما هو متوقع قالت المجموعة الأولى أنهم أحبوا الرائحة بينما قالت المجموعة الثانية أنهم لم يحبوها على الإطلاق، وأنهم شعروا أنهم ليسوا على ما يرام، وفي الحقيقة وجد الباحثون علامات للالتهاب في شعبهم الهوائية فعلاً واستمر 24 ساعة بينما لم يحدث للآخرين أي شئ.

أي أن هذا الإيحاء الوهمي، تسبب في حدوث شيء حقيقي!

وهذا يفتح الباب لأفكار جديدة للعلاج، إذا كان هناك إيحاء يجعل المريض أسوأ، فربما بالمقابل لدينا إيحاء يجعله أفضل! هكذا فكر الدكتور جالين مارشال رئيس قسم الحساسية والمناعة في جامعة مسيسيبي المركز الطبي.

خذ على سبيل المثال نبات الخزامي/اللافندر طيب الرائحة، معظم الناس يعتقدون أن له رائحة لطيفة ومهدئة، فإذا أضفنا رائحته إلى أدوية البخاخة التي يستنشقها مرضى الأزمة ليتعودوا عليها، فإن هذا يعني أنهم عندما يمرون بجانب محل زهور مثلاً أو حديقة ويشمون هذا الرائحة فسوف يشعرون بالتحسن، بل ربما يصبح للافندر نفس تأثير البخاخة، كما إن الحد من استخدام البخاخات جيد لأنه بطول وقت استخدامها تصبح أقل تأثيراً على المريض.

وهكذا أنقصنا من أشباح الرائحة واحداً.