خبر المصلحة الاسرائيلية - فلتنتصر السعودية- بقلم: إيهود عيلام

الساعة 08:42 ص|02 ابريل 2015

فلسطين اليوم

« وفي المجمل؛ المعركة في اليمن هي فصل آخر في الصراع بين إيران والمحور المتبلور (الرياض – القدس) كجزء من المصلحة المشتركة القائمة بين دول عربية سنية وإسرائيل في كبح الهيمنة الإيرانية على الشرق الأوسط، لذلك على إسرائيل ان تساعد حلفاءها، ولكن طبعاً ليس عن طريق إرسال الجنود وإنما بالسر وبصورة ملتوية »؛ هكذا يلخص كاتب هذا المقال فكرته باختصار، يطالب اسرائيل بدعم السعودية في حربها في اليمن بالسر، بينما يقوم هو بفضح هذا السر ليطلع عليه كل من له عينان أو أذنان على وجه هذه البسيطة، ما المقصود؟ كلنا نعرف الجواب ولا يجب ان يراهن أحد على نوايا الذئب الحسنة لا السعودية ولا إيران، وإنما يقدم الوطن العربي والاسلامي قرباناً على النصب الصهيونية، ويترنم هذا الكاتب باستبعاده ان تكون دعوة الرئيس الفلسطيني الى تحريك مثل هذه العملية لصالح الفلسطينيين، ويباهي بأن المقصود بكلام الرئيس الفلسطيني حماس وليس إسرائيل، وإلى المقال.

 

إسرائيل تخشى دائماً من تشكل ائتلاف عسكري عربي، وها هو ذا الائتلاف قد تشكل بهدف مقاتلة الدولة غير العربية وليست إسرائيل، وإنما إيران، وحتى تركيا وباكستان تدعمان هذا الجهد رغم استمرار الصراع العربي الاسرائيلي بشكل عام والفلسطيني الاسرائيلي بشكل خاص؛ الدول العربية لم تتجند ضد اسرائيل، وإنما ضد ايران، هذا التعبير النادر للوحدة العربية، والذي يبدو خارجاً عن المألوف، يظهر الآن في اليمن، إيران « نجحت » في إنجاز ما « فشلت » إسرائيل في تحقيقه: ان توحد العرب في إطار عسكري، حتى وإن ركز هذا الائتلاف الكفاح ضد حلفاء إيران في اليمن « الحوثيين ».

 

يجب التأكيد ان الحديث يدور عملياً عن عملية عسكرية سعودية، حظيت حالياً على تعزيز صغير، وفي بعض الأحيان رمزي من قبل عدد من الدول العربية مثل مصر، ورغم ان المواجهة ليست مباشرة بين السعودية وإيران، فما يزال الحديث يدور عن صراع سني شيعي أو عربي فارسي أو إيراني عربي، وهذه أيضاً مرحلة أخرى من الحرب التقليدية على ضم مناطق نفوذ وهيمنة في الشرق الأوسط بين الدول القوية في الإقليم، في الماضي شارك في هذا الصراع دول مثل سوريا، والتي أصبحت الآن ساحة حرب بين مزيج من الميليشيات على اختلاف مشاربها، والتي تؤيد بعضها دولاً تعتبر الآن مهيمنة مثل إيران والسعودية.

 

منذ اندلاع الحرب الاهلية في سوريا عام 2011، تحرص إسرائيل على البقاء خارج الحمام الإقليمي، وفق تقارير أجنبية فقد استهدفت إسرائيل عدة مرات فقط مواقع على الأرض السورية بهدف إحباط عمليات نقل سلاح متطور الى حزب الله، إلى جانب هذا هناك احتكاك على الحدود الاسرائيلية السورية في هضبة الجولان، لكن ورغم حيادية إسرائيل فإنها لا تريد حقاً ان تشهد انتصاراً إيرانياً في سوريا.

 

مصر والسعودية، اللتان وقفتا على جانبي المتراس في حرب اليمن في الستينات، هما حليفتان في المواجهة الحالية في ذات الدولة، في ذلك الوقت ساعدت اسرائيل أعداء مصر في الإقليم بعض الشيء، تورط مصر في اليمن في الستينات عرفت حينها بـ « فيتنام مصر » نسبة للصراع المر الاستنزافي الذي أدارته الولايات المتحدة في فيتنام في ذات المرحلة طبعاً، قد تصبح اليمن اليوم فيتنام السعودية؛ فالحوثيون خصم عنيد على دراية جيدة بطبيعة المنطقة، ولأنه يقاتل على أرضه ويحظى بدعم قوة كبرى « إيران ».

 

السعودية ومصر ودول أخرى من بينها إسرائيل قلقة من ان الحوثيين وأولياءهم في طهران يهددون من اليمن المضيق القريب « باب المندب » والذي يعتبر البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، عرض المضيق في جزئه الأضيق يبلغ حوالي 27 كم، في معارك يوم الغفران أغلقت مصر المضيق في وجه الملاحة الإسرائيلية، واليوم مصر واسرائيل المتعاونتان في قمع العصابات والإرهاب في سيناء قد تعملان سوية من أجل تأمين الملاحة لمصر واسرائيل عبر باب المندب، وعلى ضوء الحساسية في العالم العربي (بما في ذلك مصر) تجاه إسرائيل؛ فبالتأكيد ان كل ما يتعلق بتدخلها العسكري ومساهمتها في تأمين الملاحة في باب المندب يجب ان تجري في الخفاء.

 

النموذج الشاهد على أهمية باب المندب بالنسبة لإسرائيل هو الهجوم الذي وقع في الـ 11 من يونيو 1971 ضد باخرة نقل إسرائيلية، خلية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خرجت في قارب صغير تجاه الناقلة الإسرائيلية، وأطلقت عشرة صواريخ أدت الى إشعال النار في الناقلة، غير أنها أخمدت، قد يكون المضيق اليوم عرضة لمثل هذه الهجمات؛ بل وأكثر فعالية إذا أطلقت في المنطقة صواريخ ذات رؤوس حربية شديدة الانفجار، أضف الى ذلك فقد تنصب إيران في المنطقة صواريخ « بر – بحر » تشكل خطراً كبيراً؛ بل وربما تغرق سفناً تبحر باتجاه إسرائيل أو خارجة منها، في جميع هذه الهجمات يمكن لإيران ان تستخدم ذمييها كما تتصرف في مناطق أخرى كما حزب الله في لبنان بهدف عدم تحمل المسئولية لكي لا تتلقى الاستنكار الدولي، ولكي تجعل من الصعب على إسرائيل ان ترد ضدها بشكل مباشر وعلني.

 

دعا أبو مازن الى تنفيذ عملية مشابهة لما يجري في اليمن لصالح الفلسطينيين، ورغم كل انتقاداته لإسرائيل فهناك شك بأنه يسعى الى ائتلاف عسكري عربي ضد إسرائيل، وهي عملية غير متوقعة ومن الصعب جداً تحققها على ضوء قوة إسرائيل والتحديات الأهم التي تواجه الدول العربية السنية، التحالف التقليدي ضد إسرائيل اعتمد من قبل دول مثل مصر والأردن وسوريا والعراق، وإسرائيل لديها الآن اتفاقيات سلام مع مصر والأردن، وإن كان سلاماً بارداً، أما العراق وسوريا فتشهدان عمليات تفكك متقدمة، والسعودية طبعاً لن تتوجه ضد إسرائيل، بل العكس في السنوات الأخيرة تم نشر سلسلة من الأخبار حول تفاهمات تشكلت بين الدولتين ضد إيران، من بين الكثير من الأمور تم الحديث عن ممر جوي سعودي لهجوم اسرائيلي محتمل ضد مواقع إيران النووية.

 

رئيس السلطة الفلسطينية كان يفضل ان يرى هجوماً عربياً على عدوه الألد على الساحة الداخلية « حماس في قطاع غزة »، السلطة الفلسطينية عارضت عندما هاجمت إسرائيل حماس في قطاع غزة في الجولات التي وقعت هناك بعد ان سيطرت حماس بالقوة على قطاع غزة في العام 2007، أبو مازن الذي تطرق الى المبادرة العسكرية السعودية تجاه جارتها اليمن، كان ربما يريد ان يرى مصر تضرب جارتها العصية حماس، التي اعتبرت عدواً لدوداً لنظام السيسي الحاكم في مصر، وفي المجمل المعركة في اليمن هي فصل آخر في الصراع بين إيران والمحور المتبلور (الرياض – القدس) كجزء من المصلحة المشتركة القائمة بين دول عربية سنية وإسرائيل في كبح الهيمنة الإيرانية على الشرق الأوسط، لذلك على إسرائيل ان تساعد حلفاءها، ولكن طبعاً ليس عن طريق إرسال الجنود؛ وإنما بالسر وبصورة ملتوية.