خبر خطة أبو مازن-معاريف

الساعة 10:25 ص|31 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: ايلي افيدار

          (المضمون: فقط خطوة متداخلة – تهديد هام وجدي حيال السلطة، الى جانب مبادرة سياسية مصداقة – يمكنها أن تمنع الانحدار نحو العزلة الدولية - المصدر).

          سادت في اجتماع الجامعة العربية الـ 26 في شرم الشيخ حرب البقاء التي تخوضها الانظمة العربية. فعندما تتعاون مصر والسعودية في الحرب على اراضي دولة عربية اخرى – اليمن، لا يعود اي شيء مقدس في الشرق الاوسط.

          لقد عبر الرئيس المصري عن احساس الالحاح بتعابير غير مسبوقة. فقد قال الجنرال السياسي ان « هذه القمة تنعقد في ظل تحديات هائلة على الامن القومي العربي. فجهات اجنبية تستغل الوضع في الدول العربية المختلفة وتزرع الشقاق والانقسام بين السكان. وهي تهدد هوية، استقرار وطابع الامة العربية ». ودعا السياسي الى تشكيل جيش عربي موحد يواجه التحديات الجديدة.

          من وجد صعوبة في ايجاد مكانا في الشرق الاوسط الجديد كان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. ففي محاولة يائسة لاعادة انتباه باقي الزعماء الى الشأن الفلسطيني، القى ابو مازن الخطاب الاطول في القمة، ثلاثة اضعاف الملك السعودي أو الرئيس المصري. وخرج عباس عن النص مرات عديدة، وعزز تحذيراته بتهديدات عن نوايا اسرائيل.

          ضمن امور اخرى، روى ابو مازن للزعماء العرب عن خطة اسرائيلية سرية لاقامة دولة فلسطينية مستقلة في غزة، والى جانبها حكم ذاتي في الضفة الغربية (الفكرة التي عزاها لكلمة القاها اللواء غيورا آيلند). كما ادعى بان « كل يوم تهدم مساجد وكنائس في فلسطين ». اتهم اسرائيل بوقف أموال الضرائب رغم الوعود بتحريرها بل واشتكى من عمولة بمستوى 3 في المئة تأخذها اسرائيل من السلطة. كما دعا عباس مواطني العالم العربي بزيارة الاماكن المقدسة في شرقي القدس واراضي السلطة. وهذا خروج عن سياسة المقاطعة شرحه ابو مازن على النحو التالي: « زيارة السجين في السجن لا تعني التطبيع مع السجان ».

          وبين كل الـ 29 صفحة في الخطاب (وهذه لا تتضمن الارتجالات التي اضيفت شفويا) لم يكن الكثير من الاحاديث السياسية ذات المعنى، باستثناء جملة قصيرة واحدة دعا فيها عباس الى ترجمة « التصريحات والقرارات ضد الاحتلال » الى عقوبات. وهكذا كشف عمليا مدى دور السلطة الفلسطينية في الخطوة الاوروبية المخطط لها ضد اسرائيل، ولكنه في نفس الوقت كان حذرا من أن يبوح بتفاصيل تضر بالائتلاف المتبلور.

          يمكن ان نتوقع بان في الوقت القريب القادم ستواصل القيادة الفلسطينية محاولة التصدي لدحرها الى الهوامش في العالم العربي من خلال علاقاتها مع دبلوماسيين غربيين والنجاحات التي تحققها في المحافل الدولية. وما قاله ابو مازن الان بصوت عال، ادعاه موظفو السلطة ومبعوثوها على مسامع دبلوماسيين اوروبيين على مدى سنوات طويلة. وفشل المفاوضات في السنة الماضية وفر لهم الفرصة لعزل اسرائيل بل وللمطالبة بفرض العقوبات عليها.

          يبدو أن حكومة اسرائيل لم تبلور بعد استراتيجية فاعلة للتهديد الدبلوماسي الفلسطيني. فوقف اموال الضرائب تبين كخطوة اشكالية ومحدودة، تستهدف الرأي العام في اسرائيل اكثر مما تستهدف اصحاب القرار في رام الله. وهذه مشكلة دائمة للعقوبات التي يصعب عليها تحقيق هدفها عندما لا ترافقها خطوات اخرى، اجراءات سياسية وحتى تهديدات عسكرية. معقول الافتراض بان حتى افكارا اخرى تبحث في اسرائيل، مثل وقف حرية حركة المسؤولية الفلسطينيين، لن تحقق هدفها.

          ان التطورات في العالم العربي تخدم اسرائيل، ولكن بالذات في اوروبا وفي الولايات المتحدة ينجح الفلسطينيون في تسجيل النجاحات. وفقط خطوة متداخلة – تهديد هام وجدي حيال السلطة، الى جانب مبادرة سياسية مصداقة – يمكنها أن تمنع الانحدار نحو العزلة الدولية.