خبر يوميات ايران -يديعوت

الساعة 09:26 ص|30 مارس 2015

فلسطين اليوم

14 يوما في بلاد آيات الله

بقلم: اورلي ازولاي

(المضمون: في ايران آيات الله، مع أن دولة اسرائيل لم تعد « الكيان الصهيوني » فان الناس يصلون للاتفاق الذي يرفع العقوبات ويعيد لهم هواء التنفس لحياة طبيعية - المصدر).

حاجز رقابة جوازات السفر، مطار على اسم الامام الخميني في طهران.

فحص الموظف الايراني جواز سفري الاجنبي على مدى دقائق بدت لي كالابد. لم يوجه لي نظرة مباشرة، لم يبتسم، لم يقل عما يبحث. وفجأة نهض من كرسيه وذهب الى حاجز آخر كي يتشاور مع الموظف الاخر. وعندها انضم الى العصبة موظفان آخران. احدهما توجه الي وسأل اذا كنت ولدت في اسرائيل. فهززت رأسي. ما كان بوسعي أن أنفي: فهذا مسجل في جواز السفر. وثقت الحجاب على شعري كي لا يكون له مبرر لاعتقالي. ولم تتوقف أجهزة الطرد المركزي في عقلي عن الدوران. فقد خصبت الى المستوى الاعلى المخاوف التي جلبتها معي من الوطن، الاراء المسبقة. فكرت في جيسون رزيان، مراسل « واشنطن بوست » الذي اعتقل قبل أربعة اشهر في ايران، ومنذئذ اختفت آثاره.

مرت بضع دقائق طويلة اخرى، وعندها أمرني بالدخول الى غرفة مجاورة كي تؤخذ بصماتي. امرأة شابة، مكشرة، ضغطت على كفي يدي بشدة كبيرة في مخدة الحبر: بداية يدي اليمنى وبعد ذلك اليسرى، وبعد ذلك كلتاهما معا. وبعد بضع دقائق اخرى وصل أحد الموظفين من الحاجز مع جواز سفري في يده. اعطاني اياه وقال ثلاث كلمات بالانجليزية: « يمكنكِ أن تذهبي ».

وهكذا بدأت زيارتي الى ايران- 14 يوما وليلة في طهران وفي شيراز، في اصفهان وفي فارسبوليس، العاصمة العتيقة للامبراطورية الفارسية. 5.600 كيلو متر من السفر في بلاد آيات الله واجهزة الطرد المركزي، ممن ينتظر مواطنوها بنفاد صبر الاتفاق الذي ينقذهم من العقوبات الخانقة. قصة الرحلة، التي جرت في ذروة محادثات النووي بين ايران والقوى العظمى، ستنشر في تقرير خاص في عدد الفصح من ملحق سبع ايام، يوم الجمعة القريب القادم.

الى مدينة حمدان، مكان قبر الملكة استر واليهودي مردخاي، وصلنا مساء. من على حاجز الاستقبال، في فندق  صغير على الطريق حيث نزلنا، رفرف علم أمريكي، وهو مشهد نادر في دولة لا يزال تحرق فيها اعلام الولايات المتحدة في المظاهرات. صعدت الى الغرفة كي أضع حقيبتي، وعندما نزلت الى القاعة لم اصدق ما شهدته عيني: على شاسة التلفزيون الضخمة، امام الصور المؤطرة لاية الله خميني والزعيم الاعلى علي خامينئي رأيت رئيس وزراء اسرائيل. شبكة التلفزيون الايرانية بالانجليزية « فارس تي في »، رفعت الى البث المباشرة خطاب نتنياهو في الكونغرس الامريكي، ومن كل الاماكن في العالم وجدت نفسي اشاهده بالذات في قاعة فندق ايراني، على أم الطريق بين طهران وبغداد.

عشرات الايرانيين وقفوا في القاعة يشاهدون الخطاب. وهم لم يستطيبوا ما سمعوه. « بعد خطاب كهذا على ايران أن تحطم الادوات وان تحقق النووي الذي تريد »، قال لي احد المرافقين المحليين، ووجهه محمر من الغضب. « كان هذا خطاب مهين ومذل. خجلت لسماعه. رئيس الوزراء هذا كان مستعدا لان يبعث الطائرات لقصفنا جميعنا هنا. خير أن الرئيس اوباما لا يستمع لنصائحه ».

وفي الغداة وجدت في منصات الصحف مجلة ساخرة. صورة نتنياهو تغطي الصفحة الاولى. يحمل في يده أنجري بيرد ومن رأسه تطل صورة كينغ كونغ، وتحته كتابة بالفارسية: « لا شيء يخافه أكثر من السلام ».

في مقهى فندق « لالا » في طهران قدم لي النادل نسخة من « طهران تايمز »، الصحيفة المحلية الانجليزية التي تعود الى مقرب الزعيم الاعلى خامينئي. وفي الصفحة الاولى صورة كبرى: متظاهر يحمل يافطة ضد خطاب نتنياهو في واشنطن وعليها معالجة حاسوبية: رئيس وزراء اسرائيل بيدين مضرجتين بالدماء. وتمتلىء مقالات التحليل بالشماتة: « خطاب نتنياهو دمر علاقات اسرائيل الخاصة بالولايات المتحدة ». ورغم السم والكراهية، ينبغي قراءة ما بين السطور. لم تعد هذه « الكيان الصهيوني » بل دولة اسرائيل. ظلال المعاني.

وتبشر الصحف الايرانيين بانه حين سيوقع الاتفاق، سترفع معظم العقوبات. « لقد خنقنا اوباما »، قال لي رجل التقيته في طهران، قرب مطعم للكباب. رآني أحمل علبة مارلبورو فطلب سيجارة. وحين أعطيته لاطفني وروى لي بانه لسنوات لم يرَ سيجارة امريكية. اعطيته كل العلبة. « عندي أربعة أولاد »، قال لي. "اريد تعليما افضل لهم. ولكن العقوبات قتلتنا. لا يمكن التوفير. الاسعار في السماء والاجر هو 50 دولار فقط في الشهر. لا آمل فقط أن يكون اتفاق، بل اصلي أن يكون.