خبر الأرض في يومها.. تائهة

الساعة 08:07 ص|30 مارس 2015

فلسطين اليوم

في مثل هذا اليوم، تفجرت انتفاضة وطنية في الثلاثين من آذار من العام 1976، احتجاجاً على مصادرة الأراضي التي تمارسها السلطات « الإسرائيلية » بحق أبناء الشعب الفلسطيني الصامدين على أرضهم، فعَمَ يومها إضراب عام ومسيرات كبيرة في كل فلسطين أسفرت عن ارتقاء ستة شهداء فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات.

فهذه الأرض المسلوبة جغرافياً والمزروعة في أجساد وذاكرة أهلها، مازالت محط صراع طويل الأمد مع مغتصب عاث فساداً فيها، مازالت تأن من اغتصابها المتزايد أمام الملأ العربي والإسلامي، وآخر فلسطيني حاطت به الأزمات من كل حدب وصوب.

وفي يوم الأرض، تبلغ مساحة فلسطين التاريخية حوالي 27,000 كم2 وتستغل « إسرائيل » أكثر من 85% من المساحة الكلية للأراضي، بينما يستغل الفلسطينيون حوالي 15% فقط من تلك المساحة، وفي ظل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي لتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى عدة مناطق بلغت نسبة الفلسطينيين أكثر من 48% من إجمالي السكان في فلسطين التاريخية، مما يقود إلى الاستنتاج بان الفرد الفلسطيني يتمتع بأقل من خمس المساحة التي يستحوذ عليها الفرد الإسرائيلي من الأرض.

أعوام تمر وفي كل عام تنخفض وتيرة إحياء يوم الأرض الفلسطيني، كأن غشاوة تكبر وتزداد على المواطن، فبات يحيي هذا اليوم على استحياءٍ وبفعاليات صغيرة لا ترتقي وهذه المناسبة.

فهل تنتقل جينات الأرض من الآباء للأبناء بوتيرة أبطأ؟ أم أنَّ يوم الأرض سيصبح مناسبة عابرةً تمرُّ بشكل روتيني دون أن يعبأ أحد بها؟ وهل اُنتزع حق الأرض من أجسادنا؟، وهل ما يواجهه الفلسطيني من أزمات ومشاكل جمّى تتركه خاوي الوفاض والذاكرة والإرادة، على الرغم أنّ التأكيد أن الأرض حيّة فيه حتى وإن تعاظمت عليه الأهوال؟

تراجع الفعاليات

وفي خضّم الحديث عن تراجع إحياء يوم الأرض الفلسطيني بشكل يتناسب وعظم وأهمية هذا اليوم يقول الداعية أحمد شاهين لـ « وكالة فلسطين اليوم » أنَ الويلات تشعبت وتعاظمت على شعبنا، فأصبح الرهان بين الإنسان وذاته عظيماً جداً في التحمل والصبر والتمسك بالثوابت وبالعقيدة والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني كاملةً، كل ذلك يأتي والشعب الفلسطيني يعاني الأمرين داخلياً وخارجياً، كما أنَّ هناك الكثير من المخططات التي تسعى إلى تشتيت انتباه الفلسطيني عن أرضه وحقه وتبديد إيمانه بالعودة.

وحمّل شاهين، الجهات الرسمية المسؤولية الأساسية عن تراجع إحياء يوم الأرض قائلاً: « على الجهات الرسمية والمؤسسات المختصة تحمل مسؤولياتها في العمل على جعل هذه المناسبة ذكرى لإعادة إحياء فلسطين في دواخل العالم أجمع وليس الفلسطيني فقط.

واعتبر شاهين، أنها مناسبة للعمل الجاد على بيان غطرسة الاحتلال وجرائم التهويد واغتصاب الأراضي وتفشي المستوطنات، لذا يجب أنّ تقف الجهات الرسمية عند مسؤولياتها في هكذا توقيت وهكذا مناسبات ».

تقصير واضح

وفي ذات السياق، ندد أنس فتيحة الممثل والمصور المشارك في فعاليات إحياء يوم الأرض مع المؤسسات الأهلية بالتقصير الموجود في إحياء يوم الأرض الفلسطيني، مبيّناً أن الجهود المبذولة تقتصر تقريباً على الجهود الفردية وفعاليات المؤسسات الأهلية، وأنّ كل حزب يعمل على تشكيل فعالية صغيرة تضم أفراد الحزب والقليل من الجماهير، متناسين أنّ هذا اليوم يشكّل أهمية كبيرة للشعب الفلسطيني كاملاً.

كما ودعا فتيحة الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية للعمل على الوحدة في يوم الأرض موضحاً لـ « فلسطين اليوم الإخبارية » « تعتبر الأرض القضية التي نتوحد عليها جميعاً كفلسطينيين، ومن هنا كان من الأولى أن تكون هذه المناسبة يوماً للوحدة والتجمّع، يوماً تتوحد فيه ألوان العلم وتندمج بألوان الرايات، يوماً تذوب فيه الفروق، يوماً يعلو فيه الحق الفلسطيني، ويظهر فيه التراث واللحمة، لا يوماً للفعاليات الفردية والتطوعية فقط ».

« لا ننكر الجهود المبذولة ولكن كنّا نطمح لما هو أكبر وأضخم وأكثر انتشاراً وتوحداً ».. هكذا عبّر محمود فراج عضو فرقة للتراث الشعبي والدبكة، مؤكداً أنّ يوم الأرض الفلسطيني، مناسبة تبرز في جينات كل فلسطيني وحر في الداخل وفي دول الشتات، وهي فرصة لإعادة فضح الاحتلال، وللتذكير بحقوق شعبنا المسلوبة.

وعن دورهم في إحياء يوم الأرض بيّن محمود لـ« فلسطين اليوم الإخبارية » شارحاً « نعمل في هذا اليوم على إحياء أكثر من فعالية، منها فعالية في مكان عام كساحة الجندي المجهول في وسط مدينة غزة، وتكون أمام المارة، وأخرى تكون في مؤسسات أو جمعيات، ونعد مشاركتنا كفقرة تراث شعبي في هذا اليوم ضرورية جداً، فنحن نمثل جزء من الهوية والذاكرة الفلسطينية، التي يجب أن ترتبط بالأرض لنشكل مجتمعين المعنى الحقيقي والتاريخي لفلسطين ».

وفي السياق الفني كذلك يسخّر إبراهيم غنيم مؤدي فن الراب هذا الفن في إيصال رسالة فلسطينية خالصة، من خلال تقديم عروض متعددة خلال يوم الأرض وفي الأيام القادمة، وتحمل ألحان وكلمات غنيم الطابع الفلسطيني الأصيل، والهوية الفلسطينية الخالصة التي لا زال محافظاً عليها رغم أنّ هذا الفن فن غربي إلى أنّه أضاف له القيمة والرمز الفلسطيني.

وبدوره يعلل غنيم توجهه لهذا الفن بشكل خاص والعمل على إتقانه بشكل كبير ل« فلسطين اليوم الإخبارية » قائلاً « الفن بشكل عام رسالة، وعندما تنتقي فنّا غربياً وتعمل على إضفاء هويتك عليه، فأنت بذلك توسّع نطاق جماهيرك والمتابعين، لذلك أعمل بشكل كبير على إيصال رسالة الأرض وفلسطين من خلال هذا الفن، وأعد ذلك حملاً ومسؤولية كبيرا تحتاج الكثير من العمل والجهد ».

أزمات متتالية

ويعقب الكاتب و المحلل السياسي حسن عبدو لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » على ذلك ’’ شهدت القضية الفلسطينية تراجع كبير في وجدان العالم، مُرجعاً ذلك لعدة أسباب منها الانقسام الداخلي وازدياد حجم الأزمات والمعضلات الداخلية وعجز القيادة عن تذليل هذه العقبات، موضحاً أن المواطن هو الذي يتحمل العبئ الأكبر الناتج عن نقص الخدمات الأساسية و يتجاهل المناسبات الوطنية و القضية الفلسطينية.

كما أن للتفكك الإقليمي و العربي دور كبير حيث أصبحت القضايا المحلية عند المواطن العربي لها صفة الأولوية ونسي القضية الأساسية قضية فلسطين كل ذلك أدى إلى تراجع الاهتمام بالمناسبات لان الحاضر أهم بكثير... يقول عبدو

وأكد عبدو أنه رغم شهود تراجع في الفعاليات إلا أنها لا تختفي بل سيكون غدا فعاليات سيشارك فيها معظم الدول العربية.

فلسطين الأرض باقية لا محالة، فهي المحتلة من قِبل الاحتلال، والمحتلة لتفكير وأذهان أبنائها، فإن انشغل السياسيون وأصحاب القرار عن المسار، فهناك شعب هو الدرب والطريق، فبدمائه وصبره واحتماله شيّد من عظامه أسطورة خالدة، فهناك شعب كاملٌ ما بات يصدح « إنّا من فلسطين، وإنّا إليها لعائدون ».