خبر « الكتب تعتبر عبوات ناسفة وتويتر كارثة »: -هآرتس

الساعة 10:54 ص|29 مارس 2015

فلسطين اليوم

حرب اردوغان ضد وسائل الاعلام تتعاظم

بقلم: تسفي برئيل

          (المضمون:رئيس تركيا اردوغان يتطلع للحصول على اغلبية كبيرة في الانتخابات القادمة ليتمكن من تغيير الدستور ونظام الحكم. وفي وضع كهذا لا مكان للانتقاد وستستمر ملاحقة الصحفيين ورجال الاعلام وسن القوانين القاسية- المصدر).

          أعين البطريق الغاضبة  وأجنحته الكبيرة الممتدة الى جانبيه وكأنه مستعد للطيران والهرب تعطي مغزى عمليا حادا لشعار المجلة التركية الساخرة « البطريق ». « البطريق » هي مجلة ملاحقة ومحرروها ومنهم بهادير بروتر واوزير آيدوان موقوفون للمحاكمة بتهمة الاساءة لسمعة الرئيس رجب طيب اردوغان. اذا تمت إدانتهم فيمكن أن يتم سجنهم لخمس سنوات. ذريعة الدعوى هي كاريكاتور قامت المجلة بنشره في آب 2014، بعد وقت قصير من انتخاب اردوغان للرئاسة، وفيه يبدو وكأنه يتوجه الى موظفين كبار ويسألهم هل قاموا بتجهيز صحفي للذبح، وبالقرب منه وقف رجل برتبة عالية يشير بيده بحركة بذيئة. ايضا الصحفية مقدمة الاخبار السابقة، سداف كباش، سيتم تقديمها هذا الشهر للمحاكمة بتهمة « نشر الاكاذيب » على صفحتها في تويتر. لقد اتهمت كباش الحكومة بأنها تتستر على جرائم الفساد، وانتقدت طريقة معالجة المحكمة لقضية الرشوة الكبرى قبل سنة، التي كان متورطا بها وزراء في الحكومة. ومن المتوقع اذا تمت ادانتها أن تُحكم ببضع سنوات بجريمة توجيه اتهامات لشخصيات تحارب الارهاب.

          في مقابلة تلفزيونية أجرتها مع تلفزيون « هالك » قرأت كباش بيانا طويلا عددت فيه بالتفصيل مظالم النظام، ملاحقات الصحفيين والفساد المتفشي في اجهزة النظام. (أنا أُحاكم في دولة الكتب فيها تعتبر عبوات ناسفة وتويتر يعتبر « كارثة ». الصحفيون الذين يسألون الاسئلة يسمون « عديمي الخجل »، ومن يجسدون حقهم القانوني بالتظاهر يسمون « مشاغبين »، ورجال الشرطة الذين يكشفون المخالفات يتهمون بالتحريض على العصيان والمدعون الذين يبادرون الى فتح التحقيقات يسمون « خائنين للدولة »).

          في 5 آذار حُكم صحفي تركي بخمسة اشهر سجن مع وقف التنفيذ بسبب اهانته لاردوغان في صفحته على الفيس بوك، وتمت مصادرة جهازي الحاسوب لصحفيين آخرين بعد أن قاما، حسب الادعاءات، باهانة الرئيس. منذ انتخب اردوغان للرئاسة تم تقديم نحو 70 دعوى ضد صحفيين ومواطنين بتهمة الاساءة للرئيس أو للحكومة، وتمت ادانة 10 صحفيين على الأقل بأحكام بالسجن.

في هذا الشهر وقع 74 سيناتور امريكي على رسالة يطلبون فيها من وزير الخارجية جون كيري العمل ضد تقييد حرية التعبير في تركيا. قبل ذلك قام 90 من اعضاء الكونغرس بارسال رسالة مشابهة لكن مشكوك فيه أن تغير هذه الرسائل طبيعة الحرب التي يشنها اردوغان ضد وسائل الاعلام التركية التي تتجرأ على انتقاد تصرفاته. سفير تركيا في واشنطن، سردار كيلتش، تذكر قبل يوم من نشر رسالة السناتورات أن يرسل ردا يحدد فيه أن الرسالة مليئة بالتشويهات. صحيفة « سبأ » التي يملكها صهر اردوغان أوضحت أن منظمة فتح الله غولان، الخصم السياسي لاردوغان، هي التي تقف وراء المعركة ضد تركيا، حتى أنها أشارت الى أن عدة اعضاء من الكونغرس تلقوا الرشوة من المنظمة.

          تركيا التي تصنف في المرتبة الـ 149 من بين 180 دولة على سلم حرية التعبير في منظمة « صحفيون بلا حدود »، مررت في الاسبوع الماضي قانونا شرسا قديم – جديد، وحسب هذا القانون يستطيع رئيس الحكومة والوزراء طلب وقف أو ازالة مواقع على الانترنت اذا تبين أنها « تضر بالأمن العام أو بالنظام وتهدد ممتلكات أو صحة الجمهور ». سلطة الاعلام التركية ملزمة بتوجيه ذلك الطلب الى مزودي خدمات الانترنت خلال اربع ساعات من عرضه، والمزود الذي لا يستجيب له يتم تغريمه بمبالغ عالية. هذا الاجراء يتم بدون أمر من القاضي، لكن يمكن الاستئناف ضده أمام المحكمة وهو لا يمنع تقديم طلب تعويض عن الضرر ضد المزود وأصحاب الموقع. صحيح أنه قبل نصف سنة فقط ألغت المحكمة الدستورية قانون مشابه، لكن يبدو أن الحكومة التركية ستجد الطريقة لتمرير هذا القانون في هذه المرة رغم الانتقاد الدولي والمحلي.

          حرب اردوغان ضد الصحافة ليست جديدة. فهي تمتد تقريبا طوال فترة ولايته في عدة مجالات: لقد شجع مؤيديه على امتلاك وسائل اعلام خصومه، بعد أن تم فرض غرامات عالية جدا عليها. كما تدخل في تعيين محررين وصحفيين. ليس هناك أي خطاب علني لا يذكر فيه الضرر الذي تسببه لتركيا وسائل اعلام معينة، كما أنه لا يتأخر في استخدام الجهاز القضائي ضد كل من يتجرأ على انتقاده.

          في تركيا يُقدرون أن هذه الحرب ضد وسائل الاعلام الانتقادية ستتعاظم كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية في بداية حزيران. اردوغان الذي يتطلع الى احراز اغلبية 400 عضو برلمان من حزبه من اجل أن يستطيع تغيير الدستور وطريقة الحكم، يطرح هذه الانتخابات كتصويت للثقة به. هذه الحالة النفسية لا تحتمل الانتقادات حتى لو كان تفسير هذا الامر هو صيغة تركية للشعار الاسرائيلي المعروف، « دولة تركية وديمقراطية – في البداية تركية وبعد ذلك ديمقراطية ».