خبر منقطعون عن الواقع- يديعوت

الساعة 10:51 ص|29 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: يحمل الامريكيون في يدهم اتفاق سياسي سيء ربما يمنح هدوءا داخليا لادارة اوباما حتى انهاء ولايته – ولكنه يبقي سحابة النووي في سماء الشرق الاوسط لسنوا طويلة اخرى - المصدر).

من المتوقع لايران أن تحصل اليوم او غدا على اعتراف دولي بمكانتها كدولة حافة نووية. هذا حدث تاريخي تأسيسي سيؤثر من الان فصاعدا على سلوك كل واحدة من دول الشرق الاوسط. مشكوك فيه ان يذكر احد ما بعد سنتين براك اوباما او جون كيري اللذين قادا هذه الخطوة ولكن إرث الخرائب الذي يتركانه خلفهما في كل زاوية لمساها في الشرق الاوسط سيرافقنا لسنوات طويلة اخرى.

في سكرتيريا مجلس الامن توجد منذ الان مسودات مشروع قرار لالغاء كل قرارات العقوبات التي فرضت على ايران في العقد الاخير باستثناء تلك المتعلقة بنشر السلاح التقليدي والنووي. وبذلك في واقع الامر تمنح الولايات المتحدة ايران مكانة مشابهة لمكانة دول متطورة مثل اليابان. فليحيا الفارق الصغير.

لا غرو ان تعليمات وزير الدفاع موشيه يعلون ورئيس الاركان غادي آيزنكوت لجهاز الامن والجيش الاسرائيلي هي الاستعداد لوضع تدخل فيه ايران رسميا المجال الذي يسمح له بان تكون دولة حافة نووية، محررة من معظم سلاسل العقوبات. والمعنى هو أن ايران، بعد أن تزل عنها بالتدريج كل المحظورات، ستواصل بلا عراقيل نشاطها التآمري في الشرق الاوسط.

ان لتوقيع الاتفاق بين ايران والقوى العظمى اثار مالية وعملية هامة على خطة العمل متعددة السنين التي يفترض بالجيش الاسرائيلي أن ينهيها حتى حزيران. وبتعبير آخر فان الجيش ومحافل الاستخبارات تؤكد القدرات الاستخبارية والعملية تمهيدا لامكانية أن يتخذ قرار بوقف هذا التهديد في كل نقطة زمنية.

منذ الاسبوع الماضي، عندما خرج اعضاء الوفد الايراني في سويسرا للتشاور، كان واضحا للامريكيين بانهم مستعدون للتوقيع. والمشكلة الاساس التي برزت في الاسبوع الاخير كانت بالذات بين القوى العظمى: فقد أصر الامريكيون على اقناع حلفائهم، ولا سيما فرنسا، بالموافقة على الصفقة. ورغم الخلافات التي بقيت بينهم – مثلا حول قدرة ايران على مواصلة البحث والتطوير النووين – ليس لاحد في القدس شك في أن الفرنسيين في النهاية سيقبلون الاتفاق الذي يفترض أن يوقع اليوم او غدا.

ان الانجاز البارز من ناحية الايرانيين هو ازالة العقوبات التي فرضت عليهم في مجلس الامن. ومع أن بعضا من العقوبات الاقتصادية التي فرضها الكونغرس ستبقى على حالها، فان الغاء قرارات مجلس الامن في غاية الاهمية: فهو يعيد ايران عمليا الى اسرة الشعوب. وبتعبير آخر، فان كل تلك الشركات الدولية التي تبحث في ايران عن الثغرات كي تعود لعقد الصفقات ستحصل الان على ضوء اخضر للعمل.

حتى لو ابقى الاتفاق المتبلور على حالها المحظورات على منع عناصر يمكنها أن تستخدم في البرنامج النووي الايراني – وواصل الحظر عليها لتصدير السلاح الى الخارج – فلا يدور الحديث عن اكثر من نكتة حزينة على حسابنا. وهنا في واقع الامر يجد تعبيره فشل ادارة اوباما الاستراتيجي: فالان حقا تقاتل في اليمن قوات مؤيدة لامريكا من جانب السعودية، مصر، الاردن ودول الخليج – بمساعدة امريكية – ضد قوات شيعية تعمل برعاية ذات السلاح الايراني وبالتنسيق مع طهران.

فاذهبوا وجدوا المنطق في السياسة الخارجية الامريكية التي تبدو منقطعة عن الواقع: فالايرانيون لم يفوا ابدا بمطالب مجلس الامن بعدم توريد السلاح للثوار في اليمن ولحزب الله، وسوريا والعراق وحماس – وهذه فقط قائمة جزئية للاماكن التي تعمل فيها ايران ضد المصالح الامريكية. ليس واضحا ما الذي يجعل اوباما يصدق بانهم بعد ان يوقعوا الاتفاق في سويسرا سيغيرون الاتجاه وبالذات هذه المرة سيفون بالتزاماتهم – ولن يواصلوا الاستخفاف بالعالم مثلما فعلوا في السنوات الاخيرة.

يحتفل العبث في الشرق الاوسط برعاية اوباما: فمن يمنع اليوم نشر السلاح الايراني الى الثوار في اليمن ليسوا الامريكيين ولا الاوروبيين – بل أسلحة الجو في امارات الخليج والتي اغلقت مسارات الطيران بين الدول.

لقد استسلم الامريكيون اغلب الظن في عدة جبهات في المفاوضات مع الايرانيين. بالنسبة للبحث والتطوير النووي الذي تصر ايران على مواصلته – تستعد الولايات المتحدة السماح لها بالعودة الى عمل ذلك في غضون بضع سنوات. ورغم ان عدد اجهزة الطرد المركزي التي سيسمح للايرانيين بتشغيلها سيقيد – وسيمنع عنها استبدال الاجهزة القديمة بجديدة – يواصل الايرانيون الاصرار على عدم كشف المعلومات عن مدى التطوير النووي العسكري لديهم. ومثلما يلوح فان مدة الاتفاق ستكون بين 10 و 12 سنة. ومع ذلك فقد تقررت مواعيد مرحلية تبحث فيها في مزيد من التسهيلات في العقوبات. ولا يوجد في الاتفاق أي ذكر لتطوير الصواريخ الباليستية ودور ايران في الارهاب – والذي سيستمر بلا عراقيل.

ان وثيقة المبادىء التي ستبدأ المداولات تمهيدا للاتفاق الدائم بين ايران والقوى العظمى، والذي سيوقع في حزيران – من شأنها الا توقع على الاطلاق – بل أن تكون متفقا عليها شفويا فقط بناء على طلب الايرانيين. اما البيت الابيض من جانبه فتحمس لان يضع اتفاقا مكتوبا وموقعا امام الكونغرس بحيث يتمكن من أن يعرضه كـانجاز "يعيق السباق النووي الايراني بسنة – والايرانيون من جهتهم يستغلون ذلك جيدا. وتأمل ادارة اوباما في أن تمنع هذه الخطوة تشريعا يعد في الكونغرس لتشديد العقوبات على ايران ويجمد محاولة المشرعين اجبارها على طرح كل اتفاق مستقبلي مع ايران عليهم لاقراره.

في السطر الاخير: يحمل الامريكيون في يدهم اتفاق سياسي سيء ربما يمنح هدوءا داخليا لادارة اوباما حتى انهاء ولايته – ولكنه يبقي سحابة النووي في سماء الشرق الاوسط لسنوا طويلة اخرى.