خبر تلك ليست اليمن بل ايران - اسرائيل اليوم

الساعة 01:08 م|27 مارس 2015

فلسطين اليوم

تلك ليست اليمن بل ايران - اسرائيل اليوم

بقلم: رؤوبين باركو

 (المضمون: تحول اليمن الى دولة اخرى تخلى عنها الغرب لصالح الاسلام المتطرف، وتفهم السعودية ودول الخليج أن الولايات المتحدة ستضحي بها على مذبح الاتفاق مع ايران لهذا اختاروا أن يأخذوا على عاتقهم مهمة العمل - المصدر).

من ينظر الى المواجهة العسكرية بين جماعة الحوثي الشيعية وبين مجموعة القبائل اليمنية المسلحة يمكن أن يتولد لديه شعور أن ما يجري هو حرب أهلية دامية صغيرة وليس لها أهمية، التي تدور في اليمن المهمش – الفقير والذي تسوده الصراعات. ولكن بالفعل يدور في تلك الدولة الصحراوية صراع غير متناظر.

من جهة، القوات المسلحة الحوثية التي قاعدتها في القطاع الحدودي مع السعودية في شمال اليمن والمدعومين من ايران. تقف أمامهم بصعوبة كبيرة قبائل بدوية مسلحة بأسلحة خفيفة وبقايا الجيش اليمني المزري ومنظمات شبه سياسية أو قومية التي يتسلح زعماؤها بالخناجر الفضية معكوفة.

اضافة الى جهودهم للسيطرة على مضائق هرمز في الخليج الفارسي التي تعطيهم القدرة على اغلاق الخليج وشل الملاحة فيه، يحاول الايرانيون التمركز ايضا في اليمن. هدفهم السيطرة على مضائق باب المندب وفرض حصار بحري خانق على دول الخليج وعلى الدول الواقعة على طول شواطيء البحر الاحمر. اسرائيل، الاردن، مصر، السعودية، السودان واريتيريا.

إن حركة الكماشة المخططة عن طريق مندوبيها الحوثيين يمكنها أن تكون أكثر فعالية من المقاطعة الضعيفة التي يفرضها الغرب على طهران. اذا حققت غايتها، تستطيع ايران منع أي نقل بحري مدني (بضائع ونفط) وعسكري (السلاح) من شواطيء الدول المذكورة أعلاه الى العالم. وبهذا تستطيع ايران أن تتحول وخصوصا اذا تسلحت بالنووي، الى امبراطورية اقليمية. فهي ستسيطر على الاماكن المقدسة للاسلام السني (مكة والمدينة) وستجبي الخاوة من كل من يمر من أبوابها.

ولكن رغم الخطر الذي يتم بناؤه باصرار، فان تحذيرات الجيران السعوديين وعلى رأسهم الملك سلمان بن عبد العزيز تسقط على آذان غربية صماء. سياسة الامتناع للولايات المتحدة والدول الاوروبية مكنت الحوثيين من السيطرة على الموانيء والمطارات في اليمن ولا سيما في عدن والحديدة، وبهذا مكنت ايران من تحريك، جوا وبحرا، قوات التدخل للحرس الثوري بذريعة « مساعدة الأقلية الحوثية الشيعية المضطهدة ». هكذا يقومون بذلك في لبنان وسوريا والعراق.

الحوثيون يُشاهدون أن الغرب يقف جانبا ويكتفي بالمراقبة ويبدو أنهم ليسوا متأثرين من الهجوم الجوي للقوات السعودية. حتى أن محمد البخيتي، عضو قيادة جماعة الحوثي، رد بصورة هجومية وحذر من أنه اذا تجرأت دول الخليج على التدخل فيما يجري في اليمن فانها ستتعرض لأخطار شديدة.

منذ احتلال العاصمة صنعاء من قبل الحوثيين فقد حصدت المواجهات مئات من القتلى والجرحى. قوات السلطة الشرعية في اليمن بقيادة الرئيس الهارب عبد منصور هادي تقوم بانسحابات متواصلة باتجاه الجنوب. محاولات صد القوات الحوثية المتفوقة تصاحبها مظاهرات من قبل المدنيين الذين يتعرضون للاصابات من نيران مباشرة بدون رحمة من الحوثيين.

هناك ايضا اصابات في وسط الحوثيين من نشاطات أبناء القبائل وبقايا الجيش، ولكن زخمهم مستمر. حسب الوضع الحالي فقد سيطروا على تعز بعد مواجهات غير سهلة، وهي المدينة الثالثة في اليمن، وعلى مطار تعز وعلى الهدف الأساسي الذي هو مدينة عدن. لقد قاموا بذلك بصورة حثيثة وبثقة كبيرة وبتخطيط دقيق.

حل عملي

يوجد للسعودية ودول الخليج سبب للقلق. التهديد الايراني سيتحول الى مجرد فحص ساذج على طاولة مكتظة في سويسرا، سيؤدي الى احتمالية التوقيع على الاتفاق السيء بين ادارة اوباما ونظام آيات الله. الكارثة تحدث وهي عملية وتحتاج الى حل عملي في الميدان. لهذا، حسب التقارير الواردة، فقد بدأوا بالقصف الجوي على القوات الحوثية.

الدول العربية السنية تشعر بأن حرس الثورة الايراني ينهشها من الخلف، بعد أن قام بغزو سوريا ولبنان والعراق واليمن. ازاء اللامبالاة الامريكية تدير السعودية اتصالات مكثفة مع حليفتها – باكستان النووية كثقل مضاد للنشاطات النووية وللعمليات الايرانية العنيفة.

الدول العربية السنية تفهم أن التغيير نحو الاسوأ في الاستراتيجية الامريكية تجاهها معناه التضحية بها من قبل اوباما لصالح الحليف الايراني القوي. عدم الثقة بالامريكيين يزداد ولهذا فان السعودية وزعماء دول الخليج تقوم بتشكيل قوة دفاع مشتركة.

مصر ايضا التي تعاني من الدعم الامريكي البارد تجري اتصالات مع روسيا بهدف اقامة مفاعل نووي (للاغراض السلمية). في هذه الاثناء هبّت دول الخليج للمساعدة في ترميمها لأنه حسب اعتقادهم فان لديها القوة العسكرية الهامة الوحيدة في المنطقة (باستثناء اسرائيل التي يتم معها القيام بصفقات في الظلام)، والتي يمكنها صد السيطرة الايرانية.

سلسلة الاحداث العنيفة الجارية في اليمن هي المحرك للتعاون بين دول الخليج والسعودية وايضا مصر. فهي تشعر أن الخطوات الايرانية واضحة ومكشوفة، ولكن بالنسبة للامريكيين ما زالت ضبابية بسبب البعد الجغرافي والفجوة في فهم عقلية الاطراف الموجودة في اللعبة الاقليمية. في هذه الاثناء تقوم ايران بتركيز جهودها في المفاوضات وفي الخداع من خلال الضغط والارهاب والتحريض بهدف تدمير اسرائيل. على رأس هذه الجهود يقف وزير الخارجية محمد ظريف الذي يقوم بكسب الوقت ويحافظ على الشروط المهمة لايران من اجل استكمال انتاج القنبلة النووية – وهي « الوزير » الذي سيوصل الى حالة  الـ « ستيلميت » (المعضلة) الشالّة للملك، والتي سيكون من شأنها ردع أي تدخل عسكري مستقبلي ضدها.

الاتفاق يتبلور والغرب من جهته أعمى. صحيح أنه يتم اجراء لقاءات هامة بين ممثلي الدول العربية المهددة وبين جهات ذات علاقة في اوروبا، ولكن حتى الآن بدون طائل. ايضا المناورات البحرية التظاهرية التي نفذها الايرانيون بالقرب من مضيق هرمز في الخليج والتي آخرها تضمن تنفيذ هجوم على حاملة طائرات امريكية، لم تغير شيئا.

بالنسبة لدول المنطقة ومنها اسرائيل يبدو هذا غريبا، لأنه رغم الكوارث والاخطار العديدة في الشرق الاوسط تتركز القيادة الامريكية المقطوعة عن الواقع في مسائل كلامية منسوبة لرئيس الحكومة نتنياهو.

سيطرة ايرانية عنيفة؟ تهديد الاستقرار الاقليمي والعالمي؟ توجد للولايات المتحدة اسئلة أكثر اشتعالا والضغط على اسرائيل يقومون به من خلال التهديد من خلال المطالبة بحل المشكلة الفلسطينية. يبدو أن الحديث يتم عن موضوع أكثر راحة للانشغال فيه بدلا من المعركة الوجودية التي تديرها الدول العربية ضد الاسلام المتطرف والتهديد الايراني الذي يحلق فوق بيوتها.