خبر إسرائيل والهجوم على اليمن: دول الخليج محبطة من واشنطن

الساعة 07:43 ص|27 مارس 2015

فلسطين اليوم

وفرت الحرب اليمنية الجارية والتدخل الخليجي فيها فرصة لإسرائيل للتحرك في أكثر من اتجاه. فما يجري هناك تنظر إليه باعتباره عنواناً للفشل الأميركي في الشرق الأوسط، فضلا عن أنه دلالة على نجاحات إيران في مواجهة حلفاء أميركا العرب. وهي تربط أيضاً بين التدخل الخليجي في اليمن والإحساس بالمرارة من احتمال توصل الأميركيين والإيرانيين إلى اتفاق في الشأن النووي.

وكتب محرر الشؤون العربية في موقع «والا» الإخباري آفي يسسخاروف أنه حين كان تقدم الحركة الحوثية في بداياته، كان في إسرائيل من تابع ذلك بقلق. فالمغزى في نظر إسرائيل واضح: سيطرة إيرانية على مضيق باب المندب، واحتمال المساس بالسفن الإسرائيلية التي تمر هناك. لكن الأمر لا يتوقف عند ضرب السفن، لأن سيطرة الحوثيين على اليمن تثير مخاوف في إسرائيل جراء صعود قوة إيران، وتحسين مواقعها التفاوضية حول مشروعها النووي. فكلما تعاظم النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن، تتعاظم قدرتهم على مساومة الأميركيين والأوروبيين حول عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكنهم الاحتفاظ بها، وعلى شكل مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنشآتها النووية.

وأضاف يسسخاروف أن الفهم تغلغل في صفوف صناع القرار في إسرائيل بعدم توفر النية لدى الأميركيين لمطالبة إيران بوقف نشاطاتها العسكرية في الدول الأخرى، كجزء من الاتفاق النووي الذي يتبلور. وفي نظره «هذه تحديداً النقطة الإشكالية جداً لدى الدول العربية، والتي قادتها الليلة (الماضية) لإطلاق عملية عسكرية بقيادة الملك السعودي سلمان تحت اسم عاصفة الحزم. لا يبدو أن حسماَ سيتم هناك، لكن هناك إحباطاً سعودياً، أردنياً ومصرياً. وغضب هذه الأنظمة ليس موجهاً ضد إيران، التي تفعل المتوقع منها من سيطرة على مناطق جديدة، وإنما أساسا ضد واشنطن».

وعموما يكاد يسسخاروف لا يصدق أنه فيما يجري البيت الأبيض مفاوضات مكثفة في محاولة للتوصل إلى اتفاق مبادئ نووي مع إيران، تنجح طهران في احتلال دولة غالبية سكانها من السنة ولها حدود طويلة مع السعودية. ويخلص إلى أن واشنطن صامتة، وهذا يعني أن قلق إسرائيل من سيطرة الحوثيين على اليمن لا يجاري مخاوف السعودية والدول العربية الأخرى. ويلاحظ أنه رغم إعلان الولايات المتحدة والسعودية أن العملية العسكرية في اليمن تمت بمعونة استخباراتية أميركية، إلا أن الحكام العرب وصناع القرار في إسرائيل لا يفلحون في فهم إصرار البيت الأبيض على إبداء الضعف تجاه إيران. ويقول إن «الرغبة العربية - السنية - الإسرائيلية تتمثل في أن تحاول الدول الكبرى، على الأقل، الضغط على طهران لوقف النشاط العسكري للحرس الثوري في مناطق عدة في الشرق الأوسط، كجزء من أي اتفاق مستقبلي نووي مع إيران».

وتحت عنوان «درع الخليج» وحيداً أمام إيران، كتب روبين باركو، في «إسرائيل اليوم» المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أن «التدخل المتعاظم لإيران الشيعية في العراق، في سوريا ولبنان من خلال استغلال عناصر شيعية من سكان الدول المستهدفة للسيطرة تثير القلق الشديد في أوساط قادة الدول العربية في الخليج. إن التجربة المريرة في تدخل إيران في محاولة الانقلاب في البحرين، التي غالبية سكانها شيعة، بالادعاء أن البحرين هي الولاية الـ 14 لإيران ما زالت أصداؤها تدوي في رؤوسهم». وأشار إلى أنه بعد الغزو السريع لصدام حسين للكويت تبلورت الحاجة إلى إنشاء «درع الجزيرة» كقوة ردع استراتيجي أمام مؤامرات إيرانية تجاه شبه الجزيرة العربية. وكتب أن هذا الجهد لم ينجح، لكن التدخل الأخير لإيران بتحريك قوات الحوثيين لاحتلال المواقع الحساسة في اليمن، ومنها مدن الموانئ والمطارات الأساسية في جنوب اليمن، عادت وعبرت عن طموح طهران في أن تحتفظ لنفسها بمضائق هرمز وباب المندب، والتي من شأنها أن تمكنها من شل الخط البحري ما بين البحر الأحمر والخليج.

واعتبر باكو أنه إزاء فقدان الثقة بالغرب، والخسارة المتوقعة لليمن وبوقوعها بأيدي الحوثيين، ينشغل قادة دول الخليج ثانية بصورة حثيثة في محاولة بلورة قوة عسكرية لصد إيران. في كانون الأول العام 2009 اتخذ قرار في مؤتمر القمة الخليجية في الكويت بإنشاء قوة تدخل سريع لدول الخليج للمحافظة على سلامة الحدود العربية في شبه الجزيرة، بواسطة قوة عسكرية كبيرة وموحدة، وبموازنات كبيرة، ومستعدة للقيام بالردع والحسم. وكذلك تم ضم المغرب والأردن كعمق استراتيجي لهذا التحالف.

وأشار إلى أن «دول الخليج قررت مؤخرا مساعدة مصر، التي تعتبر صاحبة القدرة العسكرية الحقيقية في العمق العربي السني. كما توجهت السعودية بطلب دعم باكستاني لاستباق التطورات التي لا يمكن منعها عندما تسقط اليمن، أو الأخطر من ذلك عندما تنهي إيران تزودها بالسلاح النووي بموافقة أميركية».

ويخلص باكو إلى أنه اتضح مؤخراً للدول العربية الخليجية أن أحداً لن يهب لمساعدتها، وأن الاتفاق مع إيران يأتي على حساب الدول الخليجية، وقد يتحول إلى تهديد أمني لدولهم. وفي نظره فإن «الوضع الناشئ يوفر فرصة لاندماج إسرائيل، أيضا بالسر، في المخططات الجيواستراتيجية لدول المنطقة، والتي ستستبق إمكانية عقد اتفاق مريح بخصوص المسألة الفلسطينية، والتي تعتبر هامشية في السياق العربي. في ضعف الغرب وتنكره للازمة الإيرانية وتعبيرها العملي الخطير في اليمن تشير ثانية إلى أن اتفاقيات الدفاع بأنواعها هي مجرد عكازة ضعيفة. هذه العبرة تبرر مقاربة إسرائيل التي تستند في دفاعها فقط على نفسها».

وأشارت «إسرائيل اليوم» إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان قد اعتبر في أيلول الماضي أن ترسيخ حكم الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور قمة في النجاح ضد الإرهاب، ما يعني أن اضطرار هادي للهرب من عدن رمزاً آخر للفشل الأميركي في الشرق الأوسط.

ولاحظ محرر الشؤون الدولية في الصحيفة بوعز بسموت أن أميركا سحبت آخر مستشاريها من اليمن بعدما أدركت أن ما يحدث هناك هو إنجاز إيراني آخر. وخلص إلى أن طهران تعزز مكانتها، سواء في العراق أو في سوريا ولبنان، التي «يزرعون فيها وتدا»، في حين لا توجد لأميركا إستراتيجية لمواجهة ذلك. وتساءل «من كان يخطر بباله أن مضيق باب المندب ذا الأهمية الإستراتيجية سيكون تحت سيطرة إيرانية؟». وأضاف «هل من الممكن أن الشرق الأوسط لم يعد يهم الأميركيين كثيرا؟».