خبر دكتور نتنياهو ومستر بيبي- معاريف

الساعة 10:41 ص|24 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: بن كسبيت

 (المضمون: رئيس الحكومة للايام العادية تنصل من رجل الحملة الانتخابية، والاقوال التي أسمعها اثناء الحملة تنصل منها بعدها إرضاءً للامريكيين. إنه يعرف أن أمامه حائطا ومن اجل القفز عنه يحتاج الى هرتسوغ - المصدر).

العملية المتقلبة اكتملت. خلال أقل من اسبوع انقلب نتنياهو وتنصل من بيبي: في الاسبوع الماضي قال بيبي إنه لن تكون دولة فلسطينية خلال ولايته. غداة يوم الانتخابات دعا نتنياهو طواقم تصوير امريكية وشرح لهم بأن اقواله أُخرجت عن سياقها وأنه لم يتراجع بأي شكل عن خطاب بار ايلان. في الاسبوع الماضي حذر بيبي من أن العرب يتدفقون على صناديق الاقتراع ويهددون بالخطر حكم اليمين. أمس عبر نتنياهو عن أسفه على المس بالأقلية الكبيرة (20 بالمئة من مواطني دولته). اذا ها هو دكتور نتنياهو ومستر بيبي، هناك رئيس حكومة للايام العادية وهناك داعية انتخابي لفترة الانتخابات. من يقوم بالربط بين الاثنين فهو يقوم بذلك على مسؤوليته.

 

          في البداية يجب القول إن نتنياهو أحسن الصنع باعتذاره (في الحقيقة هو عبر فقط عن « أسفه ») أمام عرب اسرائيل أمس. خطوة هامة وضرورية لمن يحاول حتى الآن الظهور كزعيم للديمقراطية. القائمة المشتركة رفضت اعتذاره؟ اذا رفضت. فهو لم يعتذر من اجل أن يقبلوا اعتذاره، هو اعتذر من اجل أن يسمعه البيت الابيض. السياسيون العرب في اسرائيل هم مفوضون سياسيون غير رفيعي المستوى يقومون بفعل كل شيء باستثناء مساعدة اخوانهم العرب، والتزامهم نحو دولة اسرائيل هو أمر اشكالي. اضافة الى ذلك فان الطريق للالتفاف عليهم وعلى تأثيرهم الضار من اجل الوصول الى قلوب مئات الآلاف الذين يرغبون في أن يكونوا اسرائيليين يحترمون الدولة، ليست طريق الشيطنة على الصيغة التي فعلها نتنياهو. ومهما كان الامر فقد أحسن صنعا رئيس الحكومة باعتذاره.

 

          هل يمكن أن يكون بيبي ليس متغطرسا ولم تُسكره القوة بعد انتصاره المفاجيء كما اعتقدنا؟ هل يمكن أنه يفهم حجم الضائقة الدولية التي تقف أمامه؟.

 

          يبدو لي أن الامر كذلك. اثناء اعتذاره أمس خطب رئيس طاقم البيت الابيض، دنيس مكدونو، أمام ممثلي لجنة « جي ستريت »، وهي اللوبي اليساري في الولايات المتحدة، (مثل ايباك ولكن بالعكس). مكدونو، اليد اليمنى للرئيس اوباما، ألقى على نتنياهو دلو ماء بارد وأوضح أن المخاوف في القدس من انتقام الرئيس اوباما صحيحة. تحدث عن القلق في واشنطن من تصريحات نتنياهو، وعن أن الامريكيين لا يستطيعون التصرف وكأن اقوال نتنياهو لم تُقل، وعن أنهم لن يقبلوا ضم الضفة الغربية في أي يوم، وعن الحاجة الى قيام الحكومة الجديدة في اسرائيل بخطوات تكون متساوقة مع اقوالها في كل ما يتعلق بحل الدولتين.

 

          كيف لنتنياهو ألا ينظر الى ما هو أمامه. حيث أن ما هو موجود هو فقط حائط من الاسمنت. ومن اجل أن يجتازه يحتاج الى عتبة قفز، وهذه العتبة يسمونها اسحق هرتسوغ ولكنه ليس ذي صلة الآن. ليس لأن هرتسوغ غير قابل للوصول اليه، بل العكس. على قدر علمنا ببوجي فانه في داخل أعماقه يهتز من الانفعال والنضوج للانضمام لحكومة نتنياهو. هو يتحرك لأن بيبي لم يتصل به حتى الآن، إنه يتعب عقله بجهود مضنية لشق طريق بورما أو لحفر نفق مثلما فعل اهود باراك في حينه للوصول الى حكومة بيبي. ورقة تين؟ ليكن ورقة تين. هرتسوغ يعرف أن الحياة كوزير خارجية بيبي ستكون أسهل ومثيرة أكثر من الحياة كرئيس للمعارضة مع شيلي يحيموفيتش من جهة ويئير لبيد من الجهة الاخرى.

 

          الآن ليس لاحتمال كهذا امكانية سياسية. لقد قال نتنياهو بنفسه أكثر من مرة إنه لن يشكل حكومة مع المعسكر الصهيوني. هرتسوغ يعرف أن يحيموفيتش ستلوي رأسه اذا نظر باتجاه بيبي. هذا الامر يمكن أن يحدث فقط عن طريق هزة خارجية أو عملية سياسية داخلية. على نتنياهو إنهاء المفاوضات التحالفية مع شركائه الطبيعيين من اجل أن يستطيع الوقوف أمام ناخبيه وأن يقول لهم إنه حاول، حقيقة حاول، تشكيل حكومة وطنية يمينية حريدية وما شابه، لكن الاصدقاء لم يُمكنوه من ذلك. المشكلة هي أنه اذا حدث هذا فسيكون بيبي سهل الاضرار به مع اقتراب الموعد النهائي وبدون تشكيل الحكومة. في وضع كهذا يكون من الصعب أن نتوقع من هرتسوغ انقاذه. يوجد هنا وضع سياسي معقد ومركب مع توازنات داخلية تصعب الثقة بانضاجه في الوقت المناسب.

 

          لكننا ما زلنا بعيدين عن ذلك. المفاوضات التحالفية بدأت ونتنياهو بحاجة الى شيء ما لتهدئة الشهوة الكبيرة لليبرمان ونفتالي بينيت. يوجد لديه هنا جبهتين معقدتين وصعبتين مع شخصين تلقيا منه مؤخرا ضربات انتخابية قاتلة وكل ما يعنيهما هو الانتقام ولي ذراعه. لدى بينيت يغلون على بيبي الذي يحاول أن يخلق عندهم تمردا داخليا وأن يلعب معهم. « اذا نشرنا ما تعهد به لنا قبل الانتخابات فسيكون ذلك أمرا غير مريح جدا له »، قال مقرب من بينيت هذا الاسبوع. سوف لا يوافق البينتيون بأي شكل من الاشكال على قبول أي شيء أقل قيمة مما سيحصل عليه افيغدور ليبرمان. لدينا مقعدين أكثر منه، يقولون. لهذا لن يكون هناك وضع يكون فيه إيفيت (ليبرمان) وزيرا للدفاع وبينيت لا يحصل على ترفيع. لدى ليبرمان لا يتحدثون مطلقا. عندما يصمت ليبرمان يكون ذلك أخطر. في هذه اللحظة ليس واضحا ماذا يريد إيفيت أكثر: أن يدخل الى الحكومة بوظيفة كبيرة (رغم الـ 6 مقاعد)، أو أن ينتقم من نتنياهو.

 

          ايضا نتنياهو، بالمناسبة، لا يعرف. في الاسبوع القادم سيصرح جميعهم بتصريحات قتالية وستتفجر المفاوضات عدة مرات. وفي الاسبوع التالي سيهدأون وينسقون توقعاتهم، وفي الاسبوع الثالث يبدأون الحديث بجدية. عندها سنعرف ماذا سيحدث. هل ما تعهد به بيبي (حكومة يمين – حريديين) أو ما يريده بيبي (حكومة واسعة اكثر مع ورقة تين واحدة على الاقل).