خبر هل هناك حالة ثالثة للوعي؟

الساعة 08:08 م|23 مارس 2015

فلسطين اليوم

بعد القيام بإعطاء جرعة معينة من المخدر، فإن عدد قليل جداً من المرضى يستيقظون أثناء الجراحة، ولكن مع ذلك، يشير الخبراء بناء على نتائج دراسة جديدة إلى احتمال وجود حالة ذهنية لا يكون فيها المريض في حالة وعي تام ولكنه في ذات الوقت لا يكون فيها أيضاً فاقداً للوعي، فوفقاً للدكتور (جايديب بانديت)، وهو طبيب للتخدير في كلية سانت جون في إنجلترا، فإن المريض في هذه الحالة الثالثة المحتملة من الوعي، قد يكون بإمكانه الاستجابة للأوامر، من دون أن يكون منزعجاً من آلام الجراحة.

أطلق (بانديت) على هذه الحالة اسم (dysanaesthesia)، وأشار إلى أن الدليل على وجودها يأتي جزئياً من دراسة حديثة، تم فيها تخدير 34 مريض للقيام بعمليات جراحية، وكان جسمهم كله بحالة من الشلل باستثناء منطقة الساعد، مما يسمح لهم بتحريك أصابعهم استجابة للأوامر أو للدلالة فيما إذا كانوا مستيقظين أو إذا ما كانوا يشعرون بألم أثناء الجراحة، وكانت نتيجة هذه الدراسة أن ثلث المرضى كانوا قادرين على تحريك أصابعهم عندما يطلب منهم القيام بذلك، على الرغم من أنهم كانوا تحت ما بدا وكأنه تخدير كلي، وذلك وفقاً للدكتور (إيان ف. راسل)، الذي كان يقود الدراسة.

تبعاً لـ (بانديت)، الذي قام بكتابة المقالة الافتتاحية للدراسة، فإن الرائع في هذه الدراسة هو أن المرضى قاموا بتحريك أصابعهم فقط عندما طُلب منهم ذلك، وأنه لم يقم أي أحد منهم بأي استجابة عفوية خلال العملية الجراحية، مما يشير إلى أنهم لا يفترض أن يكونوا قد شعروا بالألم.

عادةً، عندما يكون المرضى تحت تأثير التخدير أثناء العمليات، يعمل الأطباء على مراقبتهم بشكل مستمر، ليستطيعوا تقديم أدوية التخدير لهم حسب الحاجة، لذلك فإن الهدف من هذه الدراسة هو إيجاد طريقة يمكن من خلالها ضمان تلقي المريض للدواء بشكل مناسب لإبقائه فاقداً للوعي بشكل عميق أثناء الجراحة، ولكن مع ذلك، المناقشة حول مدى إمكانية الاعتماد على هذه التقنيات واستخدامها أثناء العمليات الجراحية لقياس مدى اللاوعي لدى المريض لازالت مستمرة بدون إجابة واضحة.

بالنسبة للمرضى الذين استجابوا لأوامر الأطباء عن طريق تحريك أيديهم، اعتبر الأطباء هذه الحركة على أنها علامة على أن المريض لا يزال واعياً، وبهذا كانوا يزيدون من الجرعة المخدرة، ولكن مع ذلك، تبعاً لـ (بانديت) فإن هؤلاء المرضى لم يكونوا “واعيين”، حيث أن حقيقة أن المرضى استجابوا فقط للأوامر التي كان الأطباء يطلبونها منهم، ولم يقوموا بأي حركة عفوية، تظهر بأن حالتهم العقلية كانت تختلف عن الوعي العادي.

بحسب (بانديت)، فإن فكرة وجود حالة ثالثة للوعي قد تفسر التناقضات في التقارير التي تفيد بعودة الوعي للمرضى أثناء الجراحة، حيث كانت بعض الاستطلاعات السابقة قد أظهرت بأنه عندما يتم سؤال المرضى فيما إذا كانوا يتذكرون أنهم كانوا في حالتهم الواعية أثناء الجراحة، فإن حوالي 1 من كل 500 منهم سيقول نعم، ولكن في المقابل، ذكرت دراسة استقصائية وطنية أجريت مؤخراً في المملكة المتحدة، أنه على الرغم من عدم سؤال أي مريض بشكل مباشر عمّا إذا كان في وعيه أثناء الجراحة، فإن 1 من كل 15,000 منهم يذكر ذلك من تلقاء نفسه، وواحد فقط من كل 45,000 يذكر بأنه شعر بالألم أو الضيق أثناء الجراحة.

بالنظر إلى هذه الإحصائيات، يمكن القول بأن هناك حالة يكون فيها المرضى مدركين لحالتهم ولكن لا يقومون بالإبلاغ عنها، وربما يعود ذلك إلى أنهم يعتبرون هذه التجربة مقبولة ومحايدة بالنسبة لهم، فقد يكونون فيها مدركين لمحيطهم إلى حد ما، ولكن ليس لديهم إلمام بهذه المعرفة، وخاصة لأنهم لا يشعرون بالألم، لذلك يمكن أن تكون نظرية (بانديت) بمثابة أساس لتطوير أساليب مراقبة التخدير في المستقبل.

على الرغم من أن هذا الحالة من الوعي التي تدعى بالـ (dysanaesthesia) تبدو غير ضارة، إلّا أنه يمكن أن تكون مقدمة لحالة من الوعي غير السار الذي يمكن أن يحدث أثناء الجراحة والذي يرغب كل من الأطباء والمرضى تجنبها، لذلك لا بد من القيام بالمزيد من الدراسات على هذه النظرية لاكتشاف أبعادها بشكل أفضل.