خبر أمهات الأسرى: مرَّ الكثير على الفقد ولم يمر في قلوبهن اليأس

الساعة 10:05 ص|23 مارس 2015

فلسطين اليوم

عيونهن إلى السماء دوماً ينتظرن الفرج، تعددت الفصول ولا يزلن يحافظن على الوعد، أمهات الأسرى الفلسطينيات اللاتي يجتمعن كل يوم اثنين أمام مقر الصليب الأحمر بغزة، يحملن صورة فلذات أكبادهن الذين خطفهم جور الاحتلال وبطش السجان، يروين القصص التي توجع القلب وتدمي العين، لكنهن يمطرن صبراً وجلدة، ويفيض من وحي كلامهن أملاً وثقة لا تلين ولا تنضب، مرَّ الكثير على الفقد ولم يمر في قلوبهن اليأس، مرّ الكثير على الفراق ولم يفارق أذهانهن صور وكلام وذكريات أبنائهن.

مع كل يوم تزداد قافلة الأسرى في سجون الاحتلال، ويزداد عمر السجن في صدور الأسرى، ويتفاقم الوجع في قلوب ذويهم، وفي إحصائية لمؤسسة الضمير لرعاية الأسير تفيد بأن أكثر من 5032 يرتعون خلف القضبان، منهم الأطفال والنساء والرجال، منهم من حُكم مدى الحياة، وغيرهم تجاوزت مدة أسره العشرين عاماً، ومنهم الإداريون الذين لم يتم الحكم عليهم بعد، هذه السجون التي جمعت الأسرى الفلسطينيين من كل مكان، فابن القدس يجاوره ابن غزة بجانبهم ابن الضفة يليهم فلسطيني من أراضي 48، اجتمعوا جميعاً خلف القضبان على وحدة الأرض وأمل التحرير ودحر المحتل.

أم حسام الزعانين التي اخترقها الحزن من كل اتجاه، وبدى جليّاً على محياها وعلى صوتها، فلقد تم اعتقال ابنها حسام وهو في طريقه إلى العلاج، حسام الذي عانى 8 سنوات من إصابة نتيجة قصف صهيوني لمجموعة من المواطنين، وبعد أن تم التنسيق له للخروج عبر معبر إيرز، أقدمت قوات الاحتلال على اعتقاله، وتم الحكم عليه 17 سنة دون مراعاة لمرضه وهو في أمس الحاجة لزراعة العصب في يده التي أوشكت على التوقف.

تقول أم حسام مبينةً حجم الألم لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » « بعد اعتقال حسام تم استهداف منزلنا من قبل طائرات الاحتلال وعلى إثره استشهد ابني أحمد وتدمر بيتي بالكامل في منطقة بيت حانون، واحتسبنا ذلك عند الله، وأعيش اليوم مع زوجة حسام وبناته، وأملنا في الله كبير أن نراه في أقرب فرصة ونطمئن على حالته، فقوات الاحتلال لا زالت تمنعنا من زيارته ».

وعن أملها في تحرير الأسرى تقول أم حسام أنّها واثقة أن الله سيخزي الاحتلال وسيحرر ابنها وكافة الأسرى، مطالبةً كافة مؤسسات حقوق الإنسان النظر في حالة ابنها وفي حالات الأسرى المرضى وفي الأوضاع المزرية والمريرة التي يعيشونها، ووضع حد لكافة الانتهاكات والاعتداءات التي تحدث داخل السجون، مطالبةً بحق أمهات الأسرى وذويهم في زيارتهم دون التعرض لكافة أنواع الإهانة والاعتداء من قبل جنود الاحتلال.

وفي ذات سياق الفقد وبصوتها المجبول بنزعة الألم تعبر أم الأسير طارق أبو شلوف المحكوم 11 عام في سجون الاحتلال عن شوقها لطارق، وتشير إلى صورته قائلةً أنها هي الوسيلة الوحيدة التي تراه بها بعد أن منعها الاحتلال من زيارة ابنها بالمطلق، ورغم كل المحاولات إلى أنه في كل مرة يتم رفض الزيارة، لكنها لا زالت على أمل بأن تجتمع به يوماً وأن تأخذه إلى حضنها وتتعطر بأنفاسه.

وعن تفاصيل الحياة المؤلمة تقول أم طارق لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » « تم تدمير منزلنا بالكامل في العدوان على غزة في 2009، وتضرر المنزل جزئياً في العدوان الأخير على القطاع، لكنّ إيماننا بالله أكبر من أي خسائر، وإيماننا بالأيادي المتوضئة التي ستأسر جنود الاحتلال لتحرر أبناءنا كبير، وثقتنا بالمقاومة حية ولن تهتز، فقط نريد من أسرانا التماسك إلى أن يحين وعد الله وتشرق شمس الحرية » 

لا يخلو بيت فلسطيني من الأسى، فمنهم من استشهد ابن لهم أو أُسر أو أصيب، فماذا لو اجتمع كل ذلك في بيت واحد، هذا حال عائلة الزعانين وعن معاناتهم تقول أم رامي الزعانين« في عام 2004 استشهد ابني فادي في استهداف من طائرات الاحتلال، وبعد أسبوعين تم هدم المنزل بالكامل من قبل جرافات الاحتلال، وفي عام 2006 وفي اجتياح صهيوني تم اعتقال ولداي رامي ولؤي وتامر زوج ابنتي، وتم الحكم على رامي ب 11 سنة و لؤي ب 14 سنة وتامر ب 12 سنة »

رغم كل ما أحاط بهذه العائلة إلا أنها لا زالت صامدة، ولا زالت أم رامي تبتسم وتؤكد لـ« وكالة فلسطين اليوم الإخبارية » أن أملها في الله وفي المقاومة الفلسطينية كبير وأن أولادها سيعودون.

وعن التحدي الذي خاضوه من أجل تهريب نطفةٍ من زوج ابنها تامر تحدثنا أم رامي قائلةً أن تامر « أبو الحسن » كان أول من هرب نطفة إلى قطاع غزة، بعد أن اتفق مع زوجته من خلال رسائل سرية، وتم الاتفاق مع من سينقل النطفة إلى القطاع، وتمت العملية والآن عمر الحسن أصبح عاماً، ونرى فيه والده، ودوماً ما نشعر أنه هدية من الله لنصبر على الفراق الذي سيذوب يوماً ويبزغ نور الحرية.