خبر الإنتخابات الإسرائيلية و حساب النفس..مصطفى إبراهيم

الساعة 08:05 ص|22 مارس 2015

فريق من الفلسطينيين أصيب بخيبة أمل و إحباط  نتيجة الإنتخابات الإسرائيلية و الفوز المزلزل لليمين بقيادة بنيامين نتنياهو والتي أظهرت بصورة غير قابلة للشك سقوط الأوهام في المراهنة عليها وتمني النفس انها ستقدم جديد لتغيير الخارطة السياسية الإسرائيلية للانطلاق من جديد و العودة للمفاوضات للتوصل الى تسوية. كما أن هناك فريق أخر رفع من سقف توقعاته بالمراهنة على الإنتخابات بسقوط نتنياهو ليقول اننا انتصرنا عليه في العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وفشله في كسر غزة، وربما تغيير الواقع حسب رؤيته.

المسؤولية التاريخية تتطلب من الفلسطينيين الاعتماد على انفسهم وإمكاناتهم وعدالة قضيتهم، و ليس التعامل بعقلية الثأر من نتنياهو ودولة الإحتلال، بل بتحقيق الوحدة وصيانتها والقيام بمراجعة نقدية جدية لمسيرة النضال الفلسطيني، وإنهاء الإنقسام لمواجهة الإحتلال وسياساته العنصرية و الاستيطانية وتهويد القدس للانطلاق من ما تم التوصل إليه من إتفاقيات سابقة، وإعادة الإعتبار للمشروع الوطني وبناء المؤسسات الفلسطينية.

فوز نتنياهو سهل على الفلسطينيين الطريق ولديهم الفرصة لاستغلال ذلك في فضح الوجه القبيح لنتنياهو وللاحتلال وتنكره للحقوق الفلسطينية وكذبه واستمراره في فرض سياسة الأمر الواقع، واستغلال الحراك الدولي ضده، المطلوب من الفلسطينيين الإرادة و إتخاذ قرارات وطنية وحدوية و قدر كبير من الشجاعة في تحقيق الوحدة و الصبر و الإبداع لوضع حد لمعاناة وعذابات الناس، وهذا يتطلب النضال الموحد بان يدفع الإحتلال ثمن احتلاله.

نتنياهو بدأ بحملة إعلامية للرد على الإتهامات الدولية التي وجهت له بالتنكر لحل الدولتين والتصريحات العنصرية التي أطلقها ضد الفلسطينيين خلال الحملة الانتخابية، والادعاء بان الواقع تغير وأن ابو مازن يرفض الاعتراف بيهودية الدولة وتحالف مع حماس التي تنادي بتدمير إسرائيل، وأنه لا يريد حل الدولة الواحدة لشعبين بل يريد حلا دائماً لدولتين وشعبين، ومن أجل أن يحدث ذلك فإن الشروط والظروف تتغير، وأن المنطقة العربية غير مستقرة بوجود داعش.

فالخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين لمواجهة نتنياهو هي الوحدة وحساب النفس ومواجهة ألاعيبه وكذبه وعدم الركون للوعود والتصريحات الصحافية التي تصدر عن الادارة الامريكية، فهي ليست في عجلة من أمرها في إتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بإسرائيل وتأييد الفلسطينيين في توجهم إلى الأمم المتحدة، فهي مجرد تهديدات ولن تكون لصالحنا وستنتظر حتى ترى الحكومة وتوجهها والخطوط الأساسية فيها.

و نظرة سريعة الى السنوات الستة الماضية من حكم نتنياهو وما فعله من أجل التقدم في ما يسمى بالعملية السلمية، فهو ادعى أنه قام بتنازلات ومن ثم تنكر لها، هو كرر نفس الأمر في اعتبار خطاب بار ايلان باطلا، وعاد يقول انه لم يتنكر لحل الدولتين وهو من قوض هذا الحل.

إن مقاربة نتنياهو للتسوية وحل الدولتين كانت وما زالت هي وضع شروطا و التنكر لما قاله وصرح به، وهذا ما سيجري مستقبلا في ولايته القادمة فهو واضح في ما يطرحه وفق رؤيته.

ما جرى يجب ان لا يكون مفاجئاً للفلسطينيين فالمجتمع الإسرائيلي ينزاح نحو اليمين بشدة، وهناك إجماع إسرائيلي من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مع بعض الفوارق البسيطة لدى عدد من الاحزاب لكنهم ضد عودة اللاجئين وضد تقسيم القدس وضد حل الدولتين وضد اقامة دولة فلسطينية.

إذا نحن بحاجة الى انهاء الإنقسام والوحدة واستدعاء الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية الجامعة، وروح العمل الجماعي لمواجهة الكارثة التي نعيش والبدء في معركة البناء الداخلي ومجابهة الاحتلال والكف عن المراهنات العبثية الخارجية والاستقطاب الاقليمي والدولي وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والتخلص من الإقصاء والتفرد والسيطرة، والبدء بعملية حساب للنفس واستخلاص العبر من التجربة السابقة والعمل بشراكة حقيقية لمواجهة الواقع المرير.