خبر كيف تنتقي الذاكرة معلوماتنا

الساعة 08:15 م|20 مارس 2015

فلسطين اليوم

يشير (براد وايبل)، وهو أستاذ مساعد في علم النفس في جامعة ولاية بنسلفانيا، أنه يعتقد عموماً بأن الأشخاص يستطيعون تذكر تفاصيل محددة أكثر حول الأشياء التي يقومون بأداءها بأنفسهم، غير أن التجارب أظهرت بأن هذا ليس صحيحاً بالضرورة، فقد وجد الباحثون بأنه في بعض الحالات، يصعب على الأشخاص تذكر حتى أبسط المعلومات في حال لم يتوقعوا أن تكون هذه المعلومات مهمة وبحاجة لاستعادتها فيما بعد من الذاكرة.

قام كل من (وايبل) و(هوي تشين)، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في علم النفس، باختبار ذكريات 100 طالب في المرحلة الجامعية، تم تقسيمهم إلى عدة مجموعات، بحيث تقوم كل مجموعة باختبار تجارب مختلفة من أجل معرفة نتائجها على الأنواع المختلفة من المعلومات، مثل الأرقام والحروف، أو الألوان، حيث تم عرض أربع أشكال مختلفة مرتبة بشكل مربع على شاشة موضوعة أمام المشاركين – على سبيل المثال ثلاثة أرقام وحرف واحد – وقيل لهم بأنهم بحاجة لتذكر في أي زاوية كانت تظهر الحروف.

بعد فترة معينة من الزمن، اختفت الأحرف من الشاشة وبدأ المشاركون يشيرون إلى الأماكن التي كانت تظهر فيها الحروف، وكان من المتوقع أن يكون هذا الجزء من التجربة سهل على المشاركين، حيث أنه نادراً ما كانت أجوبة المشاركين خاطئة في هذا الجزء من التجربة، وبعد تكرار هذه المهمة البسيطة لعدة مرات، قام الباحثون بسؤال المشاركين سؤالاً كان غير متوقعاً بالنسبة لهم، وذلك للتحقق من ذكريات المعلومات ذاتها التي استخدمها المشاركون للعثور على موقع الحروف، حيث تم عرض أربعة حروف على الشاشة وطلب من المشاركين تحديد الحرف الذي كان قد ظهر على الشاشة السابقة، والنتيجة كانت أن 25% فقط من المشاركين استطاعوا تحديد الحرف الصحيح، وهي النسبة ذاتها التي كان من المتوقع أن يستطيع أي شخص تخمينها بشكل عشوائي، والجدير بالذكر بأنه قد تم الحصول على نتائج مشابهة عندما طلب من المشاركين تحديد الأعداد الفردية، أو حتى أي نوع من الأرقام والألوان.

تبعاً لـ (وايبل)، فإن هذه النتائج كانت مفاجئة لأن النظريات التقليدية عن الاهتمام تفترض بأنه عندما يتم إيلاء الاهتمام لجزء معين من المعلومات، فإنه يتم تخزين المعلومات كاملة في الذاكرة أيضاً، وبالتالي كان يجب أن يكون أداء المشاركين أفضل في اختبار الذاكرة مفاجأة، وقد قام كل من (وايبل) و (تشين) بتسمية هذه الظاهرة بـ (سمة فقدان الذاكرة) وذلك كما أورد التقرير الذي تم نشره في دورية علم النفس.

تحدث هذه الظاهرة عندما يستخدم شخص ما جزء من المعلومة لأداء مهمة معينة، ولكنه يصبح بعد ذلك غير قادر على تذكر تلك المعلومة بشكل صحيح في وقت لاحق من الزمن لا يتجاوز الثانية الواحدة.

أشار (تشين) بأن المعلومات التي طلبها الباحثون من المشاركين في السؤال المفاجأة كانت مهمة جداً، وذلك لأنهم كانوا قد طلبوا منهم استخدامها للتو، أي أن تلك المعلومات لم يكن غير ذات صلة بالمهمة التي كانوا قد أوكلوها لهم.

بعد انتهاء التجربة المفاجئة، قام الباحثون بتكرار السؤال ذاته في التجربة التالية، إلا أنه حينها لم يعد مفاجئاً، وحينها لاحظ الباحثون أن أداء المشاركين كان أفضل بشكل كبير، حيث وصل متوسط الإجابات الصحيحة للمشتركين في التجربة الثانية بين 65 و 95% في جميع التجارب مختلفة، وبهذا بينت النتيجة أن توقعات الأشخاص تلعب دوراً مهماً في تحديد ما هي الأشياء التي سيتذكرونها.

يقول (وايبل) بأنه يمكن تشبيه الذاكرة بنوع من كاميرات الفيديو، فإذا لم يقم الشخص بالضغط على زر التسجيل في كاميرا الفيديو فإنه الكاميرا لن “تتذكر” ما رأته العدسة، ولكن إذا قام الشخص بالضغط على زر “التسجيل” عندها يتم تخزين المعلومات في الذاكرة.

يشير (تشين) و(وايبل) أن هذا التخزين العشوائي للذاكرة قد يكون أمراً مفيداً، لأنه يمنع الدماغ من تذكر المعلومات التي قد تكون غير ذات أهمية له، وهذا يمنع الذاكرة من مراكمة المعلومات غير المهمة لإفساح المجال للملومات الأكثر أهمية.