خبر ماذا لو قامت اسرائيل بضم المنطقة « ج ».. هآرتس

الساعة 11:55 ص|20 مارس 2015

بقلم

(المضمون: في ظل الاحباط من الانتخابات الاسرائيلية فانهم في السلطة الفلسطينية يعلقون الأمل على المجتمع الدولي من اجل الضغط على اسرائيل التي أصبحت نظام ابرتهايد. وهناك من يرى أنه حان الوقت لتقليد جنوب افريقيا في تشكيل حركة مشتركة مع اليسار الاسرائيلي - المصدر).

في مكتب محمود عباس (أبو مازن) كانت خيبة الأمل والصدمة من نتائج الانتخابات الاسرائيلية كبيرة، حتى لو كانت محاولة لاخفائها. رغم كل ما حدث من فشل في العشرين سنة الاخيرة فان عباس يتمسك بقوة باتفاقات اوسلو كطريق للحصول على الاستقلال السياسي، ويواصل طرحها كانجاز وطني. لاسباب تكتيكية أو بسبب قراءة غير صحيحة متواصلة للخارطة فانه والاوساط القريبة منه مالوا الى التمييز بين القيادة اليمينية الاسرائيلية وبين الجمهور الاسرائيلي الذي نسبوا اليه الرغبة في السلام والجيرة الطيبة. الجمهور الفلسطيني علق آمال أقل على الاسرائيليين.

الآن القيادة الفلسطينية ايضا أصبحت تدرك أنها لا تستطيع توقع تغيير يأتي من المجتمع الاسرائيلي نفسه. على عباس أن يستوعب أخيرا حقيقة أن اسرائيل لم تلتزم بتعهداتها في اتفاقات اوسلو وأن طريق المفاوضات مسدود لسنوات كثيرة. لهذا فان المخرج الطبيعي هو التوجه الى المجتمع الدولي الذي تعهد بتنفيذ اتفاقات اوسلو. ايضا هذا خيب آمال عباس في عشر سنوات ولايته لأنه لم يضغط كما يجب على اسرائيل للايفاء بتعهداتها وأن توقف البناء في المستوطنات.

القيادة الفلسطينية تتعلق الآن بكل عقب تصريح دولي حول اتخاذ مواقف أكثر صلابة من اجل الحفاظ على هذا الأمل. عباس سيواصل الطريقة التي رسم خطوطها من الأسفل من قبل منظمات ونشطاء حقوق انسان فلسطينيين والمنظمات اليسارية الفلسطينية الصغيرة والضعيفة: تدويل الصراع من اجل الحصول على الاستقلال – بدءً من محاولة اعادة التصويت في مجلس الامن حول تاريخ محدد لانهاء الاحتلال ومرورا بتقديم الدعاوى في محكمة الجنايات الدولية. في السلطة الفلسطينية يقدرون أن حكومة نتنياهو الرابعة ستزيد من نشاطات الضم الفعلي في الضفة الغربية. ليس هناك للسلطة – التي تخشى من التصعيد الامني – وسائل مضادة ناجعة سوى التوجه الى العالم من اجل المساعدة. في السنوات العشرين الاخيرة استثمر الاوروبيون والولايات المتحدة وحتى الدول العربية عشرات مليارات الدولارات من اموال دافعي الضرائب عندهم بهدف معلن يتمثل في اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل.

اموال دافعي الضرائب هذه تذهب الى الدفن بصورة رسمية – مع تصريح بنيامين نتنياهو العلني بأنه يعارض اقامتها. ستتوجه السلطة الفلسطينية مباشرة أو بواسطة نشطاء فلسطينيين ودوليين الى دافعي الضرائب هؤلاء من اجل تجنيد دعمهم والضغط على حكوماتهم.

من اجل أن يبقوا في الصورة في الخارطة السياسية الفلسطينية، يواصل ممثلو حركة فتح تبني تكتيك حركة الـ « بي.دي.إس » – مقاطعة وعقوبات، وسحب استثمارات من اسرائيل – التي أعلن عنها قبل نحو عشر سنوات نشطاء فلسطينيون كانوا من منتقدي فتح الشديدين. موسى حديد، رئيس بلدية رام الله الذي انتخب في قائمة فتح، وحسام زملط، عضو لجنة العلاقات الخارجية لفتح، يشاركان في هذا الاسبوع في نشاطات في جنوب افريقيا التي تشارك فيها حركة الـ « بي.دي.إس » المحلية.

من بين تلك النشاطات – التوقيع على خطة عمل للتعاون بين جوهانسبورغ ورام الله، اللتان تم الاعلان عنهما كمدينتين توأمين. الضيف مابو باركس تاو، رئيس بلدية جوهانسبورغ، هو ايضا من رجال الـ « إي.إن.سي » (المؤتمر الوطني الافريقي). هذا اللقاء سيُمكن الحركتين من نسيان أن فخرهما يكمن في ماضيهما. يمكن أنه تحت ضغط الاحداث وخيبة أمل الجمهور ستسارع السلطة الفلسطينية في تقديم دعوى في لاهاي رغم أنه وفقا لعدد من المصادر القانونية فان هذه الدعاوى ما زالت غير « ناضجة » كما ينبغي. الغاء حقيقي للتنسيق الامني ما زال يحلق في الأفق وأمس تمت مناقشته في اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف.

في ظل الرسالة العدائية للناخب الاسرائيلي فان القلق الآني لكل عائلة فلسطينية ألا يسوء وضعها أكثر. وحتى لو أن الكثير من الغضب والانتقاد موجه نحو السلطة الفلسطينية، سواء تم حلها أو انهيارها، فان الوضع سيسوء حقا لكل عائلة وللمجتمع كله: من ناحية اقتصادية ومن ناحية انتظام الحياة (التعليم، العمل، العلاقات العائلية) ومن ناحية الأمن الداخلي.

المصلحة الآنية للقيادة الفلسطينية هي استمرار البقاء كادارة ذاتية والتمسك بمهمتين: الاولى تقديم الخدمات للسكان تحت عناء السيطرة الاقتصادية والعسكرية الاسرائيلية، وحجزها لاموال الضرائب الفلسطينية كخطوة عقابية. والثانية منع التصعيد والانهيار الاجتماعي.

بكلمات اخرى، مواصلة اقناع الجمهور الفلسطيني بضبط النفس أمام استفزازات الاحتلال الاسرائيلي، وعدم الانجرار وراء الرضا الآني والعابر لاستخدام السلاح (الذي يخدم اليوم حماس كوسيلة لتعزيز مكانتها في الساحة السياسية الداخلية الفلسطينية والعربية). الاقناع لا يكفي: من الضروري القيام بنشاط من قبل الاجهزة الامنية. وهكذا فان مهمة منع التصعيد من شأنها أن تقف في تناقض مع تجميد التنسيق الامني مع اسرائيل. القرار النهائي كان وما زال في يد عباس.

إن نجاحا، ولو محدودا، في مهام السلطة الفلسطينية سيؤمن لفترة اخرى بقاء عباس في الصورة: حاكما منفردا، غير محبوب (حسب بعض التقارير هو يعمل على تغيير قيادة فتح المحلية في قطاع غزة، وهذه خطوة اخرى في حملته التي لم تتوقف لطرد كل من يُشك فيه كمؤيد لمحمد دحلان). نجاحا متواضعا في هذه المهام سيُمكنه من مواصلة محاولاته لتدويل النضال من اجل استقلال سياسي. لكن اسرائيل من شأنها أن ترد على هذه المحاولات بخطوات عقابية اخرى، ستزيد من سوء وضع كل عائلة وستشوش أكثر على أداء السلطة الفلسطينية.

تحلق في الأفق اقتراحات للفصل بين السلطة الفلسطينية كجهة مزودة للخدمات (كبلدية عليا) وبين م.ت.ف كقيادة سياسية – التي من المناسب أن تستقر وتعمل من الخارج بصورة منفصلة عن التعلق باسرائيل واحساناتها التي تعطيها على شكل تصاريح حركة. في المدى القصير يعودون ويتحدثون عن « المصالحة » الدائمة بين فتح وحماس، وأن بعثة من م.ت.ف أو غيرها ستسافر الى القطاع (اذا سمحت اسرائيل بذلك) من اجل تقديم المصالحة.

لكن أحد النشطاء القدامى في م.ت.ف وفي اليسار الفلسطيني ومؤيدا سابقا لاتفاقات اوسلو ومتقاعدا من احدى وزارات السلطة الفلسطينية، قال أمس لصحيفة « هآرتس »: « علينا اعادة بناء الديمقراطية الفلسطينية. لا يكفي الحديث عن المصالحة بين فتح وحماس، بل يجب اعادة بناء كل المؤسسات السياسية الفلسطينية من اجل الوقوف أمام تحدي الابرتهايد الاسرائيلي. البيروقراطية القائمة فقدت مصداقيتها، ولا تستطيع بناء التوجه الجديد ». إن لجنة الشخص الواحد تقريبا الموجودة حاليا، ونظرا لأن الحديث يتعلق بالابرتهايد، فان « الاتجاه المنطقي هو أنه على الفلسطينيين أن يوحدوا قوتهم مع نشطاء اليسار الاسرائيليين من اجل اقامة حركة مشتركة »، مثلما في جنوب افريقيا.