خبر السيد عادي -معاريف

الساعة 11:53 ص|16 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: اوري سبير

  (المضمون: الانتخابات غدا هي ساعة الحسم بين اسرائيل الأمس واسرائيل الغد، اسرائيل اليأس واسرائيل الأمل. حسم من اجل دولة اسرائيل الطبيعية - المصدر).

          فرانسوا أولاند انتخب رئيسا لفرنسا بوصفه « السيد العادي »، نقيض الشخصية الديماغوجية غير المتقوقعة على ذاتها المنغمسة في الملذات لسلفه، نيكولاي ساركوزي. ابتداءً من مساء غد يمكن أن يكون لدينا رئيس حكومة عاقل وحكيم ومسؤول ورجل يعمل من خلال طاقم ورسمي ونظيف اليدين. أعرف اسحق هرتسوغ منذ أكثر من عشرين عاما، رجل عملي متعقل، كان محاميا لامعا وناجحا بفضل استقامته، وهو رجل يستطيع التعامل مع العالم الواسع بكافة تعقيداته. رجل حوار يعرف الوصول الى تسويات صحيحة. اذا انتخب فسيكون زعيما من نوع آخر، ليس رجل ايديولوجيا آخر من الآباء المؤسسين (بن غوريون، بيغن وبيرس)، وليس جنرالا آخر يرى العالم في الاساس من فوهة البندقية (باراك)، وليس رجلا آخر من جيل التكنوقراط الكاريزماتيين (اولمرت ونتنياهو)، لكنه رجل يمثل اسرائيل الجديدة، الحديثة، المرتبطة بالعالم وتؤيد القيم العالمية. تل ابيبي لم يأت من شارع شنكن، إبن لعائلة اسرائيلية أصيلة، جده كان الحاخام الاكبر، والده كان رئيسا للدولة، وعمه كان آبا ايبان. لقد ورث منهم جميعا القيم اليهودية، الفخامة والعالمية، لكنه ايضا يجسد التنصل من الشتات، يمثل بشخصيته الأمل بالمستقبل الذي يربط السلام في المنطقة، القيم الليبرالية وجسرا للعالم. محامي وجنتلمان.

          يصعب وصف اثنان متعاكسان بهذه الدرجة مثل بيبي وبوجي. أحدهما من أتباع جابوتنسكي، يجسد استمرارا للشتات والغيتو ومقتنع أنه « في كل جيل يهبون علينا من اجل ابادتنا ». نتنياهو رجل مصاب بمرض كراهية الاجانب، يرى اسرائيل تعيش طوال الوقت على حد السيف كرؤيا آخر الزمان، يستخف بالديمقراطية وبسلطة القانون، يتشاجر مع العالم وعلى رأسه رئيس الولايات المتحدة، رجل خصومة ومشاجرة، خطيب وديماغوجي كاريزماتي ورجل دعاية من الطراز الاول. في الجانب الآخر يقف هرتسوغ، من أتباع بن غوريون وبيرس، ذو لهجة لطيفة ومتصالحة، يثق بنفسه لكنه ليس مغرورا، يتوق الى دولة ديمقراطية ليس أقل من توقه لدولة يهودية، يقدس سمو محكمة العدل العليا، رجل العالم الكبير، يستطيع التحدث مع رؤساء المنطقة والعالم.

          ومع ذلك، هذه حرب متعادلة. نتنياهو يحظى بدعم تقليدي من اليمين، من اولئك الذين يشعرون أنهم مضطهدون من النخبة التقليدية، وكذلك من اولئك الذين نجحت البلاغة التخويفية لهم في زعزعة أمنهم الشخصي، وفي الاساس من اولئك الذين يجسدون حلم الدولة ثنائية القومية: المستوطنون. تسع سنوات حولت رئيس الحكومة الى أبدي تقريبا. تقريبا يأتي هرتسوغ كشخص غير بطولي، شخص عادي مسؤول ومتعقل ومن غير جنون العظمة. هرتسوغ يتحدث الى الاسرائيليين الذين يريدون مديرا وليس مسيحا، رجل اعمال وليس رجل ديماغوجيا، شخص يرى وجود امكانية في قيام تحالف منطقي من اجل حل الدولتين مقابل دولة ثنائية القومية على مذبح مشروع الاستيطان.

          اسرائيليو هرتسوغ هم اسرائيليون جاءوا من الماضي المأساوي الى فرص الغد، الذين يعرفون أن اسرائيل تستطيع ويجب عليها أن تكون جزءً محترما من المجتمع الدولي، وأن تحظى بثمار العولمة، والوجود متعدد الثقافات من خلال الحفاظ على إرث اسرائيل. اسرائيل متحررة من الكولونيالية المسيحانية.

          هذا حسم بين اسرائيل أمس واسرائيل الغد، اسرائيل اليأس واسرائيل الأمل. حسم من اجل اسرائيل العادية.