خبر اكثر بكثير من دولتين- هآرتس

الساعة 09:04 ص|11 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: تسفي برئيل

          (المضمون: ليس الحل السياسي هو الذي يقف في مركز الانتخابات هذه المرة، بل سواء عقل الهوية المدنية وتعزيز السور الذي يفصل بين الدولتين اليهوديتين في المناطق وداخل الخط الخضر - المصدر).

       هل الغى أم لم يلغِ صيغة « الدولتين للشعبي » من خطاب بار ايلان؟ هل « يتحفظ » ام فقط يفكر أن « في الواقع » الحالي لم تعد الصيغة ذات صلة؟ باختصار، كذب أم لم يكذب، حين فرض على شفتيه الاعلان عما لا يؤمن به؟ كذب في حينه أم كذب الان، مثلما درج المحامون على ازعاج الشهود. غير ان الخلاف ليس على البيضة، التي لم تفقص فقط، بل لا توجد حتى دجاجة لتبيضها. إذ « في الواقع »، كما يعرفه بنيامين نتنياهو، لم يعد مكان لصيغة « دولتين للشعبين »، واساسا لانه لا يوجد شريك فلسطينين، ولا يوجد شريك، لان محمود عباس ارتبط بحماس وتجرأ على الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية.

          وماذا كان من قبل، قبل المصالحة بين حماس وفتح، وقبل انضمام فلسطين الى المحكمة؟ ست سنوات مرت منذ الاعلان الذي « هز الاركان » وكل سنة انتهت بلا شيء. إذ في الواقع الحقيقي يوجد منذ الان اكثر بكثير من دولتين. يوجد دلتان يهوديتان، الاولى في المناطق والاخرى داخل الخط الاخضر الباهت، وتوجد دولتان فلسطينيتان، الاولى معترف بها جزئيا من الاسرة الدولية، والاخرى لا تزال منقسمة بين غزة والضفة. وبين الدولتين اليهوديتين يدور صراع ايديولوجي طويل السنين على الشرعية، فيما انه بين الفلسطينيتين الصراع هو على سياسي – على السيطرة. وعلى نحو يتعارض مع الخلاف اليهودي، فان الشرخ  الفلسطيني يوجد بالتوازي مع فهم مبدئي متفق عليه، في أن غزة والضفة هما دولة واحدة. ليس فقط لان هكذا كتب في اتفاق اوسلو، بل لان في هاتين المنطقتين يسكن شعب واحد، ذو لغة وثقافة واحدة، تاريخ مشترك وتطلع مشابه للاستقلال.

          وبالمقابل، فلا يزال لم تندمجا الدولتان اليهوديتان بعد في كيان واحد. سور دقيق، قومي، ديني وثقافي، لا يزال صامدا في مواجهة الراجمات الثقيلة التي تطلق عليه. دولة المستوطنات تسير حسب قانون، رسمي وغير رسمي، خاص بها. وهي تفرض ثقافتها القومية على والدتها التي في الخط الاخضر، « اراضي الدولة » التي خلف الخط الاخضر لا تعود الا لها، ميزانياتها تقضم بعشوائية ميزانيات الدولة الام، ولغتها السياسية مسيحانية بلا مساومة.

          واذا كانت دولة المستوطنين استجدت في الماضي الشرعية من الدولة التي ولدتها، « للاستيطان في القلوب » والاقناع بان « "يشع » هي هنا« ، في كفار سابا وفي تل أبيب – فبعد قرابة خمسة عقود باتت دولة الخط الاخضر هي التي تسعى للحصول على الشرعية من دولة المستوطنين. هوية مواطني دولة اسرائيل (الشرعية والمعروفة) آخذة في البناء حول مسألة هل سيوافقون على أن تضم دولة المستوطنين اليها اسرائيل وتلقي عليها بقوانينها. هذه لم تعد مسألة حدود ومناطق، كتل معترف بها او غير معترف بها، بل اختبار الهوية التي ينبغي ان تجتازه سواء الصهيونية أم اليهودية، اذا كانتا تريدان ان تكونا ذات صلة »بواقع« نتنياهو. كما أن هذا اختبار المواطنة الصحيحة، بمعنى هل الاسرائيليون اليهود هم مواطنو دولة حسب تعريفها الدولي، ام مواطنو رؤيا، تصاغ في عوفرا وفي الخليل.

          هنا يكمن هراء المناكفة حول صيغة »الدولتين« . وذلك لان الخلاف على التاريخ ثانوي لمسألة الهوية، والذي من أجل الاجابة عليه ينبغي الاجابة على سؤال الى اي من الشعبين اليهوديين ينتمي المواطن اليهودي الاسرائيلي: للقسم الذي »فقد يهوديته« والذي ميزة يهوديته هي الاستعداد للتنازلات، أم الى »القسم الاصيل« الذي يعد الهذيان المسيحاني لديه هو الواقع.

          هذا هو النجاح الاكبر لدولة المستوطنات، والذي جعل »صيغة الدولتين" ورقة اختبار للهوية اليهودية، هذا هو السؤال الذي يطالب مواطنو اسرائيل بالاجابة عليه عند مجيئهم للتصويت. إذ ليس الحل السياسي هو الذي يقف في مركز الانتخابات هذه المرة، بل سواء عقل الهوية المدنية وتعزيز السور الذي يفصل بين الدولتين اليهوديتين.