خبر مفاوضات بلا مخرج -يديعوت

الساعة 09:03 ص|11 مارس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: غيورا آيلند 

(المضمون: سياسة نتنياهو في الامتناع عن المبادرة السياسية على اساس مبادىء كلينتون هي بالذات عمل صحيح ومسؤول. اخطاؤه واخطاء حكومته لا تتعلق بالجانب الاستراتيجي بل بالسلوك التكتيكي - المصدر).

ثلاث شكاوى تطلق مؤخرا ضد نتنياهو. الاولى تتعلق بسلوكه الشخصي وسلوك زوجته. الثانية تعبر عن انتقاد على نشاطه حول الخطاب في الكونغرس. والشكوى الثالثة هي أن ليس لديه مبادرة سياسية.

يمكنني أن افهم بل وأن اتفق مع الشكوتين الاوليين. ولكن ليس واضحا لي ماذا يريدون بالضبط اولئك الذين يعبرون عن الشكوى الثالثة، وبينهم أيضا رئيس الموساد السابق مئير داغان. تكون احيانا المواضيع الاكثر اهمية بسيطة في تعريفها. فمن يؤيد الان « مبادرة سياسية » او « خطة سلام اسرائيلية »، ويريد أن تعتبر خطته واقعية في نظر الفلسطينيين، العالم العربي والاسرة الدولية، يؤيد عمليا « مبادىء كلينتون » – العرض الذي تقدم به الرئيس في حينه على الطرفين في تشرين الثاني 2000. اساس الخطة: اسرائيل تنسحب الى خطوط 67 مع تبادل محدود للاراضي؛ اخلاء اكثر من 100 الف اسرائيلي يعيشون في يهودا والسامرة؛ تقسيم القدس وحل مركب للحوض المقدس؛ لا تكون سيطرة اسرائيلية في غور الاردن وفي المجال الجوي للضفة؛ عدد متفق عليه من الفلسطينيين يعودون للعيش في اسرائيل.

خطة السلام السعودية هي الاخرى تطالب بهذه الشروط على الاقل (وكذا النزول عن هضبة الجولان) حتى قبل الاعتراف العموم عربي بدولة اسرائيل. فهل كل اولئك الذين يطالبون الحكومة باتخاذ مبادرة سياسية معنيون بهذه الخطة؟ اذا كان كذلك، فلماذا لا يقولون ذلك صراحة؟ واذا كانت لديهم فكرة سياسية اخرى، فما هي؟

طالما يدور الحديث عن اتفاق اسرائيلي – فلسطيني والمحصور جغرافيا بالارض بين النهر والبحر، لا توجد اي خطة اخرى غير خطة كلينتون. خلافا للقول الشهير في أن الله يوجد في التفاصيل الصغيرة، الوضع هنا معاكس. فالتفاصيل معروفة جيدا. كل من ادار مفاوضات مع الفلسطينيين على اساس حل الدولتين، سيصل الى خطة كلينتون في افضل الاحوال. وفي الظروف القائمة – حماس تسيطر في غزة والشعبية في الضفة وداعش يهدد الاردن – سيكون من الخطأ الموافقة على خطة كلينتون، بالضبط مثلما كان خطأ محاولة الوصول الى اتفاق سلام مع سوريا في ظل التنازل التام عن هضبة الجولان.

بهذا الفهم، سياسة نتنياهو صحيحة ومسؤولة. اخطاؤه واخطاء حكومته لا تتعلق بالجانب الاستراتيجي بل بالسلوك التكتيكي. وبالذات من يمتنع الان، وعن حق، عن الموافقة على خطة كلينتون، ويفضل ادارة النزاع بدلا من حله، ينبغي أن يدير المواجهة كما ينبغي. نتنياهو يؤيد « السلام الاقتصادي »، ولكننا عمليا نتصرف بشكل مغاير: نوقف تيار الكهرباء الى مدن الضفة، نمنع على مدى اشهر ربط المدينة الفلسطينية الجديدة « روابي » بالماء، نجمد  تحويل اموال الضرائب الى السلطة، ونفرض مصاعب لا داعي لها على اقتصاد غزة. نمتنع عن الوصول الى تفاهم مع الامريكيين بالنسبة للبناء في المستوطنات، فنساعد بذلك اعدائنا باتهامنا بعرقلة كل احتمال للتسوية في المستقبل.

ولكن الى جانب هذه الاخطاء، فان الامتناع عن المبادرة السياسية على اساس مبادىء كلينتون هو بالذات عمل صحيح ومسؤول. الخطوة السياسية التي من الصحيح اتخاذها في هذه اللحظة هي بالذات الحوار الهادىء مع الولايات المتحدة لفحص بدائل اخرى لتلك الخطة. هذا عمل بطبيعته بعيد المدى وهو ملزم بان يبدأ بفحص جذري لكل الفرضيات الاساسية القائمة، على رأسها فرضية ان حل النزاع يجب أن يكون محدودا بين النهر والبحر.

ينبغي الامل في أن تبدأ الحكومة القادمة، مهما كانت، بمثل هذه المراجعة. اما من يحاول فقط احياء الخطة القائمة ويسمي هذا « مبادرة سياسية » فسيصل مرة اخرى الى طريق مسدود محبط. بالضبط مثلما يحصل منذ 21 سنة.