مطالبات للتحقيق في الحادثة

تحقيق وثائق: هل خطفت 'هيئة' تتبع للأمم المتحدة أطفال رمضان خلال حرب 2014؟

الساعة 01:38 م|08 مارس 2015

فلسطين اليوم

اتهم مواطن فلسطيني يحمل الجنسية السويدية أحد المؤسسات الاممية العاملة في قطاع غزة بمحاولتها اختطاف أطفاله بطريقة غير قانونية لصالح طليقته السويدية؛ وذلك عبر استدراج الأطفال القُصر الفاقدين لأهلية القرار والوثائق التي تمكن المؤسسة من نقلهم الى السويد، مستغلة في تلك المحاولة التي يدعيها الاب الظروف الإنسانية والأحداث الميدانية في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة عام 2014.

ويُعرف قانون العقوبات الفلسطيني في نص المادة 252 لسنة 1936م جريمة الخطف وهي « يُقال أن الشخص خطف إذا نقل قُصر بهدف الخطف الى خارج حدود فلسطين بغير رضى من له حُكم الولاية » وفي تلك الحادثة الولاية للأب بعد قرار واتفاق قضائي رقم 2/2013 والذي تم بموجبه حضانة الاب لأطفاله.

وقوفاً على حقيقة الحادثة « فلسطين اليوم » تحدثت الى جميع الأطراف التي لها علاقة بالقضية، حيث تحاورت مع الاب، والام السويدية، وخبير بالقانون الدولي، إضافة لإجراء استقصاء حول تبعية مركبات الامم المتحدة، مع توثيق الحادثة بالأوراق والصور والمستندات القانونية والقضائية.

« فلسطين اليوم » تحدثت الى جميع الأطراف التي لها علاقة بالقضية

   المواطن أحمد عبد أبو رمضان (45 عاماً) تزوج من معلمة سويدية أنجب منها ثلاثة أطفال إلى أن اختلفا وافترقا؛ وقد خشيّ على أطفاله من الحياة الأوروبية –حسب قوله- فأحضرهم إلى غزة حيث كان كبيرهم لازال في عمر 13 عاماً، وقد حكمت له المحكمة في غزة بحضانة الأطفال الذين يتمتعون بهوية فلسطينية الى جانب السويدية بعد ثبات الطلاق وزواج الطليقة من شخصٍ آخر.

أبو رمضان عاد إلى غزة بصحبة أطفاله بغير علم الام او السلطات السويدية التي أصدرت قراراً مفاده حضانة الاطفال بينهما مناصفة (اسبوع-اسبوع)، وقرر الاستقرار في غزة باعتبارها مسقط رأسه؛ وعند دخوله غزة حصل على قرار من القضاء الشرعي والسلطات الحاكمة يمنع سفر اطفاله عبر المعابر والأنفاق إلا بموافقته صاحب الوصاية.

خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة « استغلت الام الحادثة بغطاء من مؤسسة UNDP والسفارة السويدية لجلبهم للعاصمة ستوكهولم دون مشاورة الأب أو أخذ إذن لفظي او خطي »، على حد قوله.

والد الاطفال ابو رمضان: UNDP خطفت أولادي

يقول ابو رمضان لمراسل « فلسطين اليوم »:« في أحد أيام الحرب الشرسة التي طالت كل في قطاع غزة؛ وأثناء صلاة الظهر في شهر رمضان المبارك، اتصلت طليقتي بالأطفال مستغلة خروج والدهم لأداء الصلاة لتخبرهم بالخروج من المنزل تجاه مكان معين حيث سيكون في انتظارهم شاب سويدي يدعى (ف - ب)، وبالفعل خرجوا من المنزل ولم يكن بحوزتهم حينها أي أوراق ثبوتية وقد خرجوا بملابسهم البيتية، وقد كان السويدي في انتظارهم في سيارة أجرة ومن ثم توجه بهم إلى مقر UNDP في شارع النصر ».

ويضيف ابو رمضان : « أن المدعو (ب – ش)هندي الأصل حاصل على الجنسية الامريكية تولى مهمة إخراج الرعايا الأجانب في تلك الفترة في أوقات الحروب، وحينها أعطى المسؤول الأمر لسائق الجيب والذي يحمل رقم لوحة 21-096-23 وهي من السيارات »الجيب« الخاصة UNDP والتي لا يتم تفتيشها على الإطلاق ».

بعد ذلك توجه الجيب الأممي بسرعة الريح إلى معبر بيت حانون « إيرز » مستغلاً ظروف الحرب والقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، اجتاز الجيب بسلام حاجز 4/4 والذي تتولى مسؤوليته الأجهزة الأمنية التابعة لقوات الأمن في غزة، ومن ثم وصل إلى حاجز 5/5 والذي تتولى مسؤوليته الشؤون المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية، وفي هذه اللحظات كان والد الأطفال يسابق الخطى ويجري اتصالات على قدمٍ وساق حتى تمكن من إجراء اتصالاً بأمن معابر القطاع والشؤون المدنية يخبرهم بعملية الاختطاف « إلى أن تدّخلت العناية الإلهية حيث رفض موظف الشؤون المدنية في اللحظات الأخيرة مرور الجيب حاملاً الأطفال دون أن يكون معهم أوراق ثبوتية أو أحد الوالدين على الأقل ».

المعابر والحدود: ارجعنا جيب UNDP والاولاد في حاجز 5/5 في معبر ايرز لافتقادهم لشرعية النقل وعدم وجود وثائق تثبت موافقة والدهم

عاد الجيب إلى حاجز 4/4 في لحظة وصول والد الأطفال الذي دارت بينه وبين موظفي UNDP مشادة كلامية وقام على الفور والد الأطفال بالتقاط صورة لجيباتها -نتحفظ عليها-؛ وقد كان شاهداً على الحادث كل من (و.ح) و(أ.ا).

سريعاً استمع ابو رمضان لشهادة أطفاله الثلاثة حيث تبين أن عملية التهريب كانت مقصودة، وذكر الأطفال أنه وأثناء طريقهم إلى معبر « إيرز » كان المسؤول عن عملية التهريب يطلب من السائق عدم التوقف على أي حاجز يصادفه بالطريق حتى لو طُلب منه ذلك.

عاد الأب بأطفاله وقلبه يكاد أن يتوقف من هول ما حدث معه وقد كادت لحظات قليلة أن تكون فارقة بعناية إلهية خالصة في ألا يرى الأب أطفاله مرة أخرى، عاد الأطفال وأبيهم وفي أذهانهم أسئلة صعبة تحتاج إلى إجابة، كان أهمها كيف كان سيسافر الأطفال من الكيان الإسرائيلي إلى السويد دون أن يكون بحوزتهم أي وثائق إثبات شخصية؟!

*اتفاق قضائي رقم 2/2013 تم بموجبه حضانة الاب لأطفاله

في ذلك يجيب  الأب من خلاله تحقيقه في الأمر حيث علم لاحقاً أن طليقته كانت تنتظر الأطفال على الجانب الإسرائيلي برفقة مندوب عن السفارة السويدية ومعه ثلاث جوازات بديلة للأطفال غير التي كان يمتلكها والدهم، مما يؤكد تواطئ السفارة السويدية مع UNDP في قضية تهريب الأطفال.

ويتساءل والد الأطفال عما إذا كان السائق الذي استلم الأطفال كان أخذ غيرهم؟، مستغرباً في الوقت ذاته من سهولة تعرفه عليهم!.

واتهم والد الأطفال UNDP باختطاف أطفاله وقد طالبها بتعويضه عن الضرر النفسي الذي لحق به بمبلغ مالي لا يقل عن 2 مليون دولار؛ مطالباً أبو رمضان المؤسسات الرسمية والحقوقية والقانونية في الوطن بالتدخل من أجل الوقوف إلى جانبه في تحصيل مطلبه من UNDP كحق قانوني وأخلاقي ثم ليكون درساً لها وعبرة لغيرها من المؤسسات بألا تلعب بحياة الناس بهذه الطريقة.

وفي محاولات لتطويق الأزمة قام السائق الهندي (ب – ش) بالتواصل عبر مدير مكتب الداخلية ابو انس سمور، مع الاب للاعتذار وتطويق القضية، إلا ان الأخير رفض إلا بحضور محامي لإثبات الحادثة وحقه فيها.

وحصلت وكالة فلسطين اليوم الإخبارية من الاب على وثيقة من هيئة المعابر والحدود في غزة تؤكد صدق الواقعة، وعدم سماح الأخيرة لجيب UNDP يُقل ثلاثة أطفال متوجه للجانب الإسرائيلي والأطفال هم آمال، وإبراهيم، ومريم، وان الهيئة عملت على إعادتهم إلى والدهم لافتقادهم لشرعية النقل للجانب الإسرائيلي.

كما وتتعهد الهيئة بالوثيقة الموقعة من ماهر ابو صبحة مدير دائرة المعابر بغزة بالشهادة اللفظية في حال طُلب منهم ذلك.

ويتجهز أبو رمضان للجوء إلى القضاء الفلسطيني لإنصافه، وإدانة الجهات المسئولة عن الحادثة، ولا سيما أن الأطفال لم يكن لديهم أية أوراق ثبوتية تمكن الجهات المعنية من إخراجهم من المعبر، كإثبات بلوغهم، او هوياتهم، أو إذن خطي او لفظي من والدهم.

« فلسطين اليوم » حاورت الأم السويدية ايمان/(مونيكا الين جراناث) للوقوف حول ادعاء الاب أن خروج الأطفال كان عبر الهيئة الدولية والسفارة السويدية بتواطؤ مع طليقته؛ والتي نفت تواصلها مع السفارة السويدية والهيئات الدولية لإخراج أولادها.

طليقة الاب جراناث: الاولاد لم يكن بحوزتهم اية وثائق ثبوتية عند الخروج ووثائقهم كانت بالجانب الإسرائيلي من المعبر

كما واقرت جراناث ان « الاولاد لم يكن بحوزتهم اية وثائق ثبوتية عند الخروج الى مقر UNDP للسفر الى الجانب الآخر »، مشيرة ان الاوراق الثبوتية كانت بالجانب الإسرائيلي مع مبعوث السفارة السويدية.

وحول تواصلها مع اشخاص سويديين نفت تلك الادعاءات، وقالت :« لم اتواصل في تلك الفترة مع أي أشخاص في قطاع غزة، وانا لست مقررة في خروج الاولاد، وخروجهم كان بتنسيق قائم بين السفارة السويدية والجهات الاممية ».

وقالت :« السفارة السويدية في مثل تلك الاحوال تتلقى أسماء رعاياها في مناطق الصراعات، وبعدها تقوم السفارات بالتواصل مع الهيئات الدولية العاملة لإخراج الرعايا »، مضيفة: « لا أعتقد ان الجهات الاممية العاملة في غزة محل اختطاف وارتكاب مثل ذلك الوصف ».

ونفت جراناث تنازلها القانوني عن احتضان الأطفال عند زيارتها لقطاع غزة عام 2013 مقابل التنازل عن الاحكام السويدية النافذة بحق طليقها، مشيرة ان الوثيقة التي تحمل توقيعها والتي تمت في ديوان القضاء الشرعي غير دقيقة وانه غرر فيها عندما اختلفت الصياغة السويدية الشفوية عن ما هو موجود في الوثيقة بالعربية.

جراناث: السفارة من تواصلت مع الهيئة الدولية ولم أكن على تواصل مع اشخاص بغزة

وقالت :« في القانون السويدي والدولي وخاصة الإنتربول لا يمكن التنازل عن القضية بدافع شخصي، حيث أن القضايا لا تخضع لقرار شخصي بل قرار دولي، وغُرر فيَ خاصة واني لا أجيد القراءات والتحدث والكتابة بالعربية وكان النص غير ما تم قراءاته ».

« فلسطين اليوم » تفحصت هوية المركبات التابعة للامم المتحدة التابعة لـ UNDP والذي يحوي مكاتب لمؤسسات دولية عدة جلها تتبع الامم المتحدة، وكانت جميع المركبات الخاصة داخل المقر تحمل إشارة UNDP إضافة الى إشارة المؤسسة الاممية التي تتبع لها مثال: UNDP WFP/ UNDP Unesco/ UNDP Unicef.

كما وحصلت « فلسطين اليوم » من الاب على صور المركبة ورقمها التي نقلت الأطفال الى معبر بيت حانون/ ايرز والتي يتبين انها سيارة أممية وتحمل رقم 23-096-21، الا أن « فلسطين اليوم » لم تتمكن من استيضاح تبعية المركبة للمؤسسة الاممية وتأكيد رواية الاب الذي يتهم مؤسسة UNDP.

بدوره، أكد الخبير بالقانون الدولي ومحامي الاب في القضية د. عبدالكريم شبير أن التوصيف القانوني للحادثة هو « الخطف » والذي يعرفه قانون العقوبات الفلسطيني في المادة 252 لسنة 1936م « يُقال أن الشخص خطف إذا نقل قُصر بهدف الخطف الى خارج حدود فلسطين بغير رضى من له حُكم الولاية ».

كما وتعرف المادة 253 من ذات القانون « كل من أخذ أو أغوى قاصراً، لم يبلغ من العُمر للذكر 14 عاماً وللأنثى 16عاماً، او أي شخص مختل الشعور من عهدة وليه الشرعي بغير رضاه »

واوضح القانوني شبير أن القانون الفلسطيني يُعاقب على جريمة الخطف بالسجن 7 سنوات، علاوة على أنه يعتبر قانوناً مرتكب جناية.

خبير بالقانون الدولي: جملة من الجرائم في تلك القضية

وأعتبر شبير أن الحادثة تعدي ومساس واضح بالقانون الفلسطيني الذي أعطى الاب الحق بكفالة الاولاد، إضافة الى اعتبار القانون الفلسطيني للأطفال قُصر وانهم بحاجة الى اذن خطي من ولي أمرهم لنقلهم.

كما واشار أن الحادثة تنتهك القانون الدولي الى جانب القانون المحلي الفلسطيني من حيث تعامل الامم المتحدة مع الدول والسلطات المحلية في غزة، علاوة على أنه انتهاك للقوانين الإنسانية والتي تنص على حماية الطفل وتعتبر تلك الحالة جريمة وانتهاك بحق الاطفال.

شبير: التوصيف القانوني للحادثة هو الخطف، والحادثة تنتهك القانون المحلي والدولي والإنساني

وينص اتفاق حقوق الطفل في الامم المتحدة على ضرورة أن تتخذ الدول الأطراف تدابير لمكافحة نقل الاطفال

وقال شبير:« لا يجوز للمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة أن تُستخدم وسيلة لتهديد امن ومستقبل الاطفال في فلسطين والعالم أجمع، وهي جريمة من الجرائم التي تسلب الحرية الشخصية الإنسانية ».

شبير: مذكرة للنيابة العامة نشكو عبرها عدم تحريك الملف وتحويله للقضاء

وبين شبير ان الخاطف السويدي والذي دخل قطاع غزة بحجة التضامن تدور حوله علامات استفهام كبيرة وشبهات امنية، مطالباً السلطات الامنية والاجهزة المختصة بضرورة متابعة الملف وإخضاع الشخص للتحقيق بشكل يحافظ على حقوق الأطفال المنصوص عليها بالقانون الفلسطيني، وضرورة حماية الامن القومي للأراضي الفلسطينية.

واشار أن طاقم متخصص في تلك القضايا لديه رفع مذكرة للنيابة العامة تشكو فيها عدم تحريك الملف وتحويله للقضاء، لافتاً ان المطلوب مباشرة التحقيق في الحادثة « التي تحمل جملة من الجرائم التي يعاقب عليها القانون ».

الوثائق المرفقة: - شهادة هيئة المعابر في الحادثة (للمشاهدة أضغط هنا)

- افادة ديوان القضاء الشرعي حول حضانة الاب للأولاد (للمشاهدة أضغط هنا)

- مذكرة للنائب العام لتحرك الملف داخل النيابة والمطالبة بالتحقيق (للمشاهدة أضغط هنا)

صور: الجيب الذي يتبع لأحد الجهات الاممية والذي نقل الاولاد (للمشاهدة أضغط هنا)

كلمات دلالية